الإيكونوميست المصرية
ارتفاع قيمة الجنيه تعكس قوة الاقتصاد المصرى

ارتفاع قيمة الجنيه تعكس قوة الاقتصاد المصرى


فاطمة إبراهيم
رصد تقرير وكالة “بلومبرج” الاقتصادية تحسن أداء الجنيه المصرى كثانى أفضل العملات أداءً على مستوى العالم خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالى 2019، فما أسباب ذلك؟ وما انعكاساته على أداء الاقتصاد؟
المصرفيون أكدوا لـ”الإيكونوميست المصرية” أن تحسن قيمة الجنيه يعد انعكاسا لتحسن أداء الاقتصاد المصرى، وارتفاع معدلات النمو، والمشروعات القومية المطروحة للتنفيذ، وصرف الشريحة السادسة من القرض، وتراجع معدلات التضخم.
وتوقع المصرفيون استمرار صعود الجنيه أمام الدولار والعملات الأخرى نظرا لقوة أداء الاقتصاد، والتوازن بين العرض والطلب، مشيرين إلى أن ارتفاع قيمة الجنيه ينعكس على رفع مستوى معيشة الأفراد، مرجحين استمرار انخفاض الدولار ليصل بنهاية العام إلى 16 جنيها، وهذا له تأثيرات إيجابية على خفض فاتورة الواردات، وخفض قيمة الدين الخارجى.
من جانبه قال جيسون داو الخبير الاستراتيجى لدى بنك سوسيتيه جنرال إنه من الممكن أن يرتفع الجنيه ليسجل الدولار نحو 16 جنيها بنهاية العام الجارى بنسبة صعود تصل إلى 3.9% من السعر الحالى الذى يبلغ 16.62، وكان سعر صرف الجنيه قد صعد أكثر من 130 قرشا أمام الدولار منذ بداية العام الجارى.
وشهد الجنيه المصرى تحسنا على مستوى الأسواق الناشئة، حيث ارتفع سعر صرف الجنيه بنحو 6.5% أمام الدولار الأمريكى خلال الفترة، وأيضا البات التايلاندى بنحو 5.3% أمام الدولار الأمريكى خلال نفس الفترة.
فيما أوضح الدكتور شريف فاروق العضو المنتدب نائب رئيس مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعى أن تقرير “بلومبرج” عن الجنيه واعتباره ثانى أعلى أداء للعملة فى العالم يعكس الثقة فى الجنيه، وزيادة الطلب عليه، مشيرا إلى أن هناك طرقا أخرى لقياس أداء العملات حيث يؤخذ فى الاعتبار أداء اليوان واليورو وسلات العملات الأخرى.
وقال فاروق إن وجود احتياطى نقدى قوى من العملات والذهب، وتلبية الطلب على الدولار، وتوحيد سعر الصرف كلها دعمت من قيمة الجنيه، مشيرا إلى أن البنك المركزى لايستهدف سعر العملة، وإنما يستهدف التضخم، وعندما يتراجع التضخم ينعكس ذلك على تحسن قيمة الجنيه.
من جهته ذكر إبراهيم الكفراوى الخبير المصرفى أن تحسن قيمة الجنيه، واعتباره ثانى أقوى أداء للعملة فى العالم، انعكاس لتحسن الأداء وأغلب المؤشرات الاقتصادية، كما أن إشادة صندوق النقد الدولى بالإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها مصر وصرفه للشريحة السادسة من القرض، دليل على أن مصر تسير بخطى منتظمة ويطمئن المستثمر.
وقال الكفراوى إن تراجع معدلات التضخم، يعنى أن أسعار الفائدة أصبحت موجبة، بما يعنى أن عملتك أقوى، منوها إلى أن الدولار تراجع أمام الجنيه بنسبة 6% منذ بداية العام.
ولفت إلى أن بنوك الاستثمار والمؤسسات المالية العالمية تعتبر مصر من أفضل الأسواق الناشئة على مستوى العالم، من حيث تجارة العملة فمصر تعطى سعر عائد عاليا، حتى أن استثمارات الأجانب فى أدوات الدين بلغت نحو 19 مليار دولار مقابل 10 مليار دولار قبل ذلك بعد إلغاء البنك المركزى لآلية تحويل أموال الأجانب والسماح بالإنتربنك بضخ الأموال بالبنوك، وزيادة المعروض الدولارى عن الطلب بما انعكس على تحسن قيمة الجنيه.
وتوقع أن يواصل الجنيه بعض الشىء ارتفاعه أمام الدولار، نظرا للتوازن بين العرض والطلب على الدولار حتى 2020، وهذه ظاهرة صحية على الرغم من تأثيرات ذلك سلبيا على الصادرات المصرية والسياحة.
وتابع الكفراوى أن التضخم عند مستوى جيد، ويعنى ذلك أنه لايوجد ارتفاع فى الأسعار، فالأسعار مستقرة منذ فترة، حتى بعد زيادة أسعار الوقود والكهرباء مازالت الأسعار فى مستوى أقل من المتوقع ارتفاعه، مشيرا إلى أنه كلما انخفض التضخم كان ذلك دليلا على قوة العملة وانعكاس لأداء الاقتصاد، ما ينعكس على تحسن مستوى معيشة الأفراد.
فيما رأى رمضان أنور الرئيس التنفيذى ببنك الاتحاد الوطنى سابقا أن أى تحسن فى قيمة الجنيه هو تعبير عن تحسن الاقتصاد بشكل عام، فمصر من الاقتصادات الناشئة، وارتفاع قيمة الجنيه يقيس قوة الاقتصاد، مشيرا إلى الاقتصاد المصرى يحقق أعلى معدلات نمو فى العالم، والمشاريع القومية واكتشافات الغاز كلها تصب فى صالح الاقتصاد.
وقال أنور إن صناديق الاستثمار الدولية تتهافت على إقراض مصر، بالإضافة إلى أن صرف الشريحة السادسة من قرض صندوق النقد الدولى، والتقارير الدولية التى تشير إلى أن مصر عام 2030 سوف تصبح من أقوى 30 اقتصادا فى العالم، كلها تدعم قيمة الجنيه مقابل الدولار.
ولفت أنور إلى أن تحسن قيمة الجنيه يرفع من مستوى معيشة الأفراد، كما أن تدخل الحكومة فى ضخ السلع الأساسية فى الأسواق يحقق توازن بين العرض والطلب فى السوق من ثم لمسنا استقرار فى أسعار السلع فى السوق، مشيرا إلى أن المشروعات القومية وتوفير فرص عمل جديدة وزيادة معدلات الدخول والعلاوات وارتفاع الحد الأدنى للأجور كلها تحسن من مستوى معيشة الأفراد.
وأشار إلى أن التدخل الحكومى ضبط أسعار السلع فى الأسواق، مشيرا إلى أن التضخم قد يشهد بعض التذبذب، ومع نهاية العام سيكون هناك استقرار بعد امتصاص أثر ارتفاع أسعار الوقود على أسعار السلع فى السوق.
من جانبه قال طارق متولى نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا إنه من الممكن أن يصل الدولار إلى 16 جنيها، ولكن العبرة هنا هل أسباب النزول نتيجة نمو فى مواردنا الدولارية من مصادرها الأساسية، أم أنها نتيجة الأموال الساخنة التى تبحث عن تحقيق مكاسب سريعة ومن ثم يمكن أن تخرج فجأة من السوق مما يتسبب فى عدم استقرار قيمة الدولار مقابل الجنيه إذا تغيرت الظروف فى الأسواق الناشئة أو ارتفعت الفائدة على الدولار؟
وأضاف متولى أن هبوط الدولار لن يستمر إلا إذا تحسن الميزان التجارى وانخفضت قيمة الواردات وزادت حصيلة الصادرات نتيجة زيادة معدلات الإنتاج، مشيرا إلى أن ارتفاع تدفقات الاستثمارات الأجنبية فى أذون الخزانة على الرغم من أنها ساهمت بشكل كبير فى تراجع قيمة الدولار من 17.80 جنيه إلى 16.60 جنيه، فإن ذلك يشعرنى بالقلق خوفا من الخروج المفاجئ للأموال الساخنة.
ولفت نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا إلى أنه لن يكون مطمئنا لتراجع الدولار إلا إذا كان مصحوبا بتحسن فى الميزان التجارى، مشددا على ضرورة العمل على خفض معدلات الفائدة المرتفعة لتحسين مناخ الاستثمار، وزيادة معدلات الإنتاج وخفض معدلات البطالة وتخفيف تكلفة الدين العام.
ونوه متولى إلى أن المجموعة الاقتصادية يجب أن تضع خطة أو برنامجا لمدة ثلاث أو أربع سنوات لزيادة الصادرات، وتئشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، لتحسين الميزان التجارى، ورفع مستوى معيشة الأفراد، حتى يلمس المواطن نتيجة الإصلاحات الهيكلية والإجراءات الصعبة التى مر بها.
وأشار إلى أن أهم مورد من مواردنا الدولارية التى شهدت تحسنا جيدا خلال الفترة الماضية هى السياحة، كما أن إنتاج الغاز ساهم فى تخفيف العبء عن الميزان التجارى، لافتا إلى أنه يجب العمل على زيادة الصادرات.
من جهته أكد حمدى عزام نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية أن تحسن قيمة الجنيه مقابل الدولار يرجع إلى مؤشرات الاقتصاد المصرى الإيجابية، ورفع التصنيف المصرى، وارتفاع معدلات النمو، وزياد مواردنا من تحويلات المصريين فى الخارج، والسياحة، والاستقرار السياسى، والاستثمار فى البنية التحتية.
وشهدت السياحة أداء قويا خلال الربع الأول من العام، حيث سجلت نموا بنسبة 15% على أساس سنوى.
وقال عزام إنه ليس من المستبعد أن يصل الدولار إلى 16 جنيها، مشيرا إلى أن ذلك يساهم فى خفض فاتورة الواردات، وخفض قيمة الدين الخارجى، وتشجيع الاستثمار لأن ذلك مؤشر على تعافى الجنيه نتيجة تعافى الاقتصاد المصرى، مضيفا أن صادراتنا قد تتأثر بعض الشىء نتبجة ارتفاع قيمة الجنيه، غير أن قيمة الصادرات ليست بالمرتفعة أو المؤثرة.
ولفت نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية إلى أن مصر دولة مستوردة، مشددا على ضرورة تعميق المكون المحلى فى الصناعة المصرية، والاعتماد على الصناعة المحلية.
فيما أوضح أحمد شوقى نائب المدير العام بالبنك العربى الأفريقى الدولى أن استمرار تراجع الدولار مقابل الجنيه يتوقف على عدة عوامل من بينها استمرار تدفقات النقد الأجنبى، والتزام مصر بسداد الديون الخارجية، ومعدلات التضخم، وسعر الفائدة الذى يعد من محددات سعر الصرف.
وتوقع شوقى استمرار الدولار فى اتجاهه الهبوطى، على أن يتراوح بين 16.35 و 16.45 جنيه بنهاية عام 2019، مشيرا إلى أن تراجع الدولار من شأنه خفض عجز الميزان التجارى نظرا لتراجع قيمة الواردات وتحسن مناخ الاستثمار.

Related Articles