الإيكونوميست المصرية
تحديات 2019 توجه البنوك لتدعيم رؤوس أموالها

تحديات 2019 توجه البنوك لتدعيم رؤوس أموالها


فاطمة إبراهيم
دعمت البنوك العاملة فى القطاع المصرفى رؤوس أموالها المدفوعة بقيمة 47.4 مليار جنيه منذ تعويم العملة المحلية فى نوفمبر 2016، فهل هى فى حاجة إلى مزيد من زيادة رؤوس أموالها، لاسيما مع زيادة التحديات التى تواجهها البنوك مع عام 2019 الذى يشهد تطبيق عدد من القواعد التنظيمية الجديدة فى القطاع المصرفى، بينها بازل 3، والمعيار المحاسبى الدولى التاسع، وإصدار قانون البنوك الجديد، إلى جانب عدد من التشديدات الرقابية التى يتخذها البنك المركزى تجاه البنوك؟
من جانبهم أكد المصرفيون لـ”الإيكونوميست المصرية” أن البنوك فى حاجة لزيادة رؤوس أموالها لمواجهة التحديات المقبلة خلال عام 2019، سواء بازل 3، والمعيار المحاسبى المالى التاسع، وكذلك قانون البنوك الجديد، مشيرين إلى أن زيادة رأسمال البنك يساهم فى تدعيم القاعدة الرأسمالية لزيادة الائتمان الممنوح للعميل الواحد، وكذلك التوافق مع تطبيق المعيار الدولى للتقارير المالية “IFRS9″، والذى أعلن البنك المركزى التزام البنوك للعمل بها خلال العام المقبل 2019، فيما يتم العمل بها إلزاميا اعتبارا من عام 2018 على المستوى الدولى. وأعطى البنك المركزى البنوك مهلة خلال العام الجارى تمهيدا لتطبيق متطلبات المعيار الدولى للتقارير المالية والعمل به رسميا بدءا من أول يناير 2019.
وأضاف المصرفيون أن المرحلة المقبلة تركز على تمويل قطاع المشروعات العملاقة التى تحتاج إلى العديد من المليارات، ومن ثم يجب على البنوك تدعيم قواعد رأسمالها للتوسع فى الائتمان الممنوح لهذه المشروعات، خاصة أن ضوابط البنك المركزى تشترط ألا يزيد حجم التمويل للعميل الواحد على 15% من القاعدة الرأسمالية للبنك.
حسين رفاعى رئيس مجلس إدارة بنك قناة السويس قال إن رؤوس أموال البنوك فى حاجة لتدعيم القاعدة الرأسمالية للتوافق مع تعليمات البنك المركزى بعد تطبيق معايير “IFRS9″، ليس ذلك فحسب بل يجب التركيز على التدريب وتطوير الأنظمة الإلكترونية لسهولة استخراج البيانات.
وأضاف رفاعى أن تطبيق معيار “IFRS9″ سيسهم فى تحسين جودة المحافظ الائتمانية وأداء توظيف أموال المودعين، إلا أنه على بعض البنوك زيادة رؤوس أموالها.
أما كرم سليمان الخبير المصرفى فأكد أن البنوك فى حاجة لتدعيم القاعدة الرأسمالية لزيادة قدرتها على التمويل سواء للعميل الواحد أو الائتمان بشكل عام، مشيرا إلى أن المرحلة القادمة تستهدف التركيز على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وكذلك المشروعات العملاقة التى تحتاج إلى تمويلات بالمليارات.
وتابع سليمان أن ضوابط البنك المركزى تلزم البنوك بألا يزيد حجم الائتمان للعميل الواحد على 15% من القاعدة الرأسمالية للبنك وبزيادة رأسمال البنوك ترتفع قدرتها على التمويل.
وفى ذات السياق قال عمرو طنطاوى العضو المنتدب ببنك مصر إيران للتنمية إن عام 2017 كان عام ترتيب أوضاع لكافة البنوك العاملة فى السوق المصرية، للتوافق مع معيار كفاءة رأس المال، مشيرا إلى أن البنك المركزى وضع شرطا يتطلب ضرب معامل كفاءة رأس المال فى 300 إذا تجاوز أكبر 50 عميلا نسبة 70% حجم المحفظة الائتمانية، للحد من نسب التركز فى محفظة الائتمان وحماية أموال المودعين وزيادة الثقة فى القطاع المصرفى.
وتابع طنطاوى أن هذا جعل البنوك فى حاجة دائما لدعم القاعدة الرأسمالية للبنك، وهذا يؤثر على توزيعات البنوك لأرباحها، وتضطر لإعادة هيكلة المحفظة الائتمانية للحفاظ على المعيار المطلوب لكفاءة رأس المال، وكذا تدعيم القاعدة الرأسمالية، لزيادة الائتمان الممنوح للعميل الواحد أو التوسع فى الائتمان بشكل عام.
وأشار العضو المنتدب ببنك مصر إيران للتنمية إلى أن الهدف من تطبيق المعيار الجديد”IFRS9” هو تحسين محافظ الائتمان وبالتالى قد يشكل ذلك ضغطا على مخصصات البنوك، نظرا لوضع فترة زمنية أقل لمدة التعثر، وهو ما قد يدفع بعض البنوك إلى زيادة المخصصات عن النسبة التى وضعها البنك المركزى تحسبا لتطبيق المعيار الجديد، والمقدرة بـ 1% من إجمالى المخاطر الائتمانية المرجحة بأوزان المخاطر، وذلك من صافى الربح بعد الضريبة عن عام 2017، وهو أيضا ما قد يدفع هذه البنوك لزيادة رأس المال لضمان المحافظة على معدلات كفاية رأس المال الجيدة.
وشدد البنك المركزى أنه لا يمكن إقراض العميل الواحد أكثر من 15% من القاعدة الرأسمالية للبنك بدلا من 20% سابقا. واتخذ البنك المركزى تلك الخطوة لتحفيز البنوك على توسيع قاعدة العملاء والعمل على تنويعها، لاسيما بعد ملاحظته تركز المحافظ الائتمانية فى عدد محدود من الشركات الكبرى وهو ما قد يعرض الجهاز المصرفى لمخاطر التركز.
كما خفض البنك الحد الأقصى لإقراض العميل والأطراف المرتبطة به لتصبح 20% من القاعدة الرأسمالية للبنك بدلا من 25% فى القواعد السابقة للحدود القصوى للتوظيف لدى العميل الواحد والأطراف المرتبطة به والتى وضعها قبل 10 سنوات. ومنح البنك المركزى البنوك مهلة 3 سنوات لتوفيق أوضاعها مع القواعد الجديدة.
وقال صندوق النقد الدولى إن القطاع المصرفى المصرى مازال مربحا ويمتلك رأسمال جيدا، وأن نسبة كفاية رأس المال الإجمالية تحسنت من 14% فى ديسمبر 2016 إلى 15.2% فى ديسمبر 2017، بينما تحسنت نسبة الرافعة المالية من 4.8% إلى 6% خلال الفترة نفسها، وتحسنت نسبة القروض الرديئة من 6 % إلى 4.9% بسبب شطب القروض غير العاملة.
وتوقع صندوق النقد الدولى تطبيع ربحية البنوك مع انخفاض أسعار الفائدة، ولكنها ستظل كافية لاستيعاب الزيادة المحتملة فى تكاليف مخاطر الائتمان، مشيرا إلى أن معظم البنوك تحافظ على مخزونات سيولة قوية وتدير نشاط ميزانيتها العمومية للتخفيف من مخاطر أسعار الفائدة والسيولة من خلال الحيازات الضخمة للأوراق المالية الحكومية.
وذكر أن البنك المركزى يمارس سياسة صارمة بشأن مدفوعات الأرباح من البنوك، بناء على نتائج عملية تقييم كفاية رأس المال الداخلى.
وأشار إلى أن أكبر بنكين حكوميين (البنك الأهلى المصرى وبنك مصر) لديهما نسب كفاية رأس المال فوق المتطلبات التحوطية، لكن كلا البنكين قد يحتاجان إلى رأسمال إضافى فى المستقبل لدعم النمو القوى للإقراض وتطوير تكنولوجيا المعلومات.
وأوضح أن إصدار بنكى الأهلى المصرى ومصر لشهادات ادخار بفائدة عالية أثر سلبا على ربحيتهما وتوليد رأس المال الداخلى، مؤكدا أنه يجب أن يغطى بيع الأصول غير الأساسية، بما فى ذلك العقارات والأسهم فى الشركات الأخرى، جزءا من احتياجات رأس المال المتنامية.
وذكر صندوق النقد الدولى أن البنك المركزى حظر توزيعات الأرباح، وفرض قيودا على معاملات الإقراض الكبيرة يساعد على الحفاظ على رأسمال هذه البنوك.
وأضاف أن العديد من البنوك الأصغر، التى تعتبر كفاية رأس المال، وجودة الأصول، والربحية أقل من المتوسطات القطاعية، لا تشكل مخاطر كبيرة على الاستقرار المالى، مشيرا إلى أنه ستتم إعادة رسملة بعض هذه البنوك من قبل المساهمين، ويظهر آخرون تحسنا تدريجيا فى أوضاعهم المالية خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
وألزم البنك المركزى البنوك بالوصول بنسبة تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر إلى 20% من محفظة الائتمان بنهاية 2019.
وتعهد البنك المركزى فى خطاب النوايا المرسل للصندوق بالالتزام بحدود مبادرات القروض ذات الفائدة المدعمة التى أطلقها والتى حددها على النحو التالى: 20 مليار جنيه لمبادرة الإسكان الاجتماعى، و30 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة وشريحة من المشاريع الزراعية متناهية الصغر، و5 مليارات جنيه لتمويل النفقات الرأسمالية للشركات المتوسطة لكن الأخير يحق للمستفيدين الحاليين تجديدها.
وأشار إلى انتهاء العمل بمبادرة تمويل رأس المال العامل للشركات المتوسطة وقيمتها 10 مليارات جنيه خلال مارس الماضى.
تجدر الإشارة إلى أن البنوك تستعد لتطبيق المقررات النهائية لاتفاقيات بازل 3 بعد سنوات من التطبيق التدريجى بدأت منذ 2013.
وتحركت البنوك بمجرد تعويم الجنيه لإعادة هيكلة رؤوس أموالها، وزيادة رأس المال المدفوع وتقوية حقوق الملكية من خلال احتجاز الأرباح والحصول على قروض خارجية من المؤسسات الدولية أو المجموعات المالكة لمقابلة انخفاض تقييم الجنيه مقابل الدولار بنحو 100%.
وأظهرت أحدث بيانات البنك المركزى، ارتفاع رؤوس أموال البنوك إلى 147.148 مليار جنيه، بنهاية مايو الماضى، مقابل 101694 بنهاية أكتوبر 2016 أى قبل تعويم الجنيه بـ 3 أيام.
ويوجد فى مصر 38 بنكا وفرعا أجنبيا، قبل إتمام التخارج الرسمى للبنك الأهلى اليونانى الذى يسعى حاليا فى إجراءات بيع محافظه لأحد البنوك المحلية.

Related Articles