الإيكونوميست المصرية
آليات السوق لا تلغى دور الدولة……………… بقلم: غادة طلعت

آليات السوق لا تلغى دور الدولة……………… بقلم: غادة طلعت

تحليل: غادة طلعت

فى الماضى تتدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى تحت إما ضغوط ظرفية كتلك التى سادت بعد الحرب العالمية الثانية فى الدول الأوروبية واليابان أو تحت ضغوط هيكلية كما حدث للبلدان النامية بعد الاستقلال.
وتستهدف الدولة فى الحالة الأولى تحقيق الاستقرار الاقتصادى والنمو والعدالة الاجتماعية، ولكنها تستهدف ما هو أبعد من ذلك فى الحالة الثانية فالتنمية الاقتصادية والاجتماعية تتطلب تغييرا جذريا وإرادة شعبية وتخطيطا جيدا.
ويتراوح التدخل الحكومى فى المجال الاقتصادى بين الأشكال التالية مع الإشارة إلى إمكانية الجمع بين أكثر من شكل منها:
1- توفير رأسمال الأساسى بما فى ذلك القانون والنظام فى المجتمع، أى تحديد الالتزامات القانونية والتعاقدية وتنفيذها وإقامة التسهيلات التعليمية والصحية والرفاه الاجتماعى والقيام بالوظائف العسكرية والدفاعية.
2- توفير البنية الاقتصادية الارتكازية مثل: المصارف والتسهيلات النقدية والمالية، الطرق العامة وشبكات الخطوط الحديدية، والمرافق العامة الأخرى كالماء والكهرباء والهاتف.
3- تطبيق رقابات مباشرة أو غير مباشرة من خلال إجراءات متنوعة مثل التعرفة الجمركية والضرائب والدعم وتقنين السلع والائتمان والرقابة على الأسعار.
4- إقامة مشروعات تتراوح بين إدارة بعض الصناعات أو بعض المشروعات العاملة فى صناعات مختلفة أو الملكية العامة لبعض أو كل وسائل الإنتاج.
ما يورده أنصار التحول نحو اقتصاد السوق والخصخصة وعدم تدخل الدولة المصرية فى آلية السوق يمكن الرد عليه إذ أن السوق تنسق القرارات ولكن بصورة لاحقة ونادرا ما يتم التوصل للتوازن بين العرض والطلب بسلاسة بدون اختلالات وأزمات قد تطول مدتها وقد تفشل السوق فى تحقيق الكفاءة والنمو للأسباب التالية:
1- عجز السوق عن إصدار الإشارات السعرية الملائمة كما فى حال وجود آثار خارجية، وكما فى حالة الاحتكار.
2- عجز السوق عن توليد الاستجابة المناسبة من جانب المتعاملين.
3- غياب لبعض الأسواق وتجزئتها وتبعثرها وغياب طبقة واسعة من رجال الأعمال.
4- حرية الاختيار من جانب المستهلك تتوقف على وجود بدائل متعددة.
5- اتخاذ معيار الحدية كقياس لكفاءة الإنتاج أو تخصص الموارد ليس مقبولا دائما.
قد أثبتت التجارب أن الشركات الكبرى هى أول من يستنجد بالدولة والحكومة عندما تواجه أزمات اقتصادية حادة تتصل بالركود والتضخم والبطالة.
وحديثا فإن العولمة هى وراء ظاهرة انحسار دور الدولة فى الحياة الاقتصادية لصالح الشركات الدولية ومع ذلك فإن دور الدولة المصرية أصبح مهما جدا لأن الدولة أصبحت مدعوة لأن تواجه الاقتصاد بقطاعيه العام والخاص وقطاعه التعاونى فى بيئة اقتصادية معقدة تتصف بالتنافس المتزايد والتغير التكنولوجى والسلعى المتزايد والتحدى المتزايد، خلافا لما يعتقده البعض بأن الانتقال من الاقتصاد المغلق حيث التخطيط الإدارى يتناول قطاعا تحت السيطرة إلى حد كبير فإن التخطيط فى اقتصاد السوق أو فى الاقتصاد العالمى يتطلب مزيدا من التخطيط وله شقان: الشق الأول تخطيط قصير الأجل أى التخطيط الذى يهدف إلى الحد من أضرار آلية السوق، الحد من البطالة، الحد من الركود الاقتصادى، استباق النهوض الاقتصادى بالاستثمار.
والشق الثانى تخطيط استراتيجى بعيد المدى، وباختصار على الدولة المصرية أن تقود التنمية وتقود السوق.. لا أن تقودها السوق، ويجب أن تلعب دور المرشد ويجب أن يتصف دورها بالديمقراطية والشفافية والمحاسبية.
من الخطأ الاعتقاد بأن الاعتماد على آليات السوق يلغى وظيفة الدولة فى توجيه النشاط الاقتصادى، كل ما فى الأمر أن الدولة المصرية تمارس وظيفتها من خلال آليات السوق وليس فوقها وعبر سياسات مالية ونقدية ومصرفية وليس بقرارات وأوامر إدارية وبالتعاون مع قوى السوق الفاعلة وليس من خلال الوصاية عليها، ويتمحور دور الدولة المصرية حول توفير الشروط الضرورية من أجل أن تمارس آليات السوق دورها بنجاح فى توجيه النشاط الاقتصادى ومنها سيادة دولة القانون، وعدم إصدار القانون لحماية شخص أو فئة محددة، ومراعاة الحقوق الأساسية للأفراد، ووضع حد لتضخم القوانين والقرارات وتعدد جهات الاختصاص وتوفير الحماية للمستهلك ومنع الاستغلال وحماية البيئة والبت بالمعاملات الاقتصادية ولا سيما فى مجال الضرائب دون تأخير.

Related Articles