الإيكونوميست المصرية
أرض الدودو ———————– بقلم: حورية كامل

أرض الدودو ———————– بقلم: حورية كامل


أرض الدودو

بقلم: حورية كامل

فى البداية كانت جزيرة مجهولة بركانية تقذف اللهب إلى أن هدأ البركان .
فاكتشفها بالصدفة العرب من جنوب الجزيرة العربية (اليمن) ثم احتلها بعد ذلك البرتغاليون وكانت مجرد جزيرة يصطادون طائر الدودو لأكله إلى أن قضوا علي وجوده تماماً وانقرض ، وهو يشبه البط ولحمه مثل لحم البط وأصبح مجرد رمز الجزيرة.
ثم احتلها الفرنسيون واكتسب أهل الجزيرة والوافدون إليها اللغة الفرنسية والتي مازالوا يتحدثون بها واختلطت بلغة الأفارقة المتواجدين بها وأصبح لهم لغة قومية خليط بين الفرنسية ولغة أهل الجزيرة السابقين .
ثم احُتلت الجزيرة مرة أخرى من قبل البريطانيين الذين وضعوا فيها القوانين الإنجليزية ونظام السير بالشوارع وأيضاً نظام الحكم فالرئيس شرفي ويجب أن يكون ليس ذا أي توجه سياسي ويستحسن أن لا يعاقر السياسة ليترك المجال لرئيس الوزراء لقيادة السفينة دون معوقات تذكر أو تعارض فكري بينه وبين الرئيس ( تماماً كنظام الحُكم بالمملكة البريطانية ) وفرضوا اللغة الإنجليزية كلغة رسمية للبلاد فأصبحت الجزيرة لغتها الرسمية الإنجليزية ويتحدث الناس بالفرنسية.
وتتمتع الجزيرة بتعدد الجنسيات والديانات مما يكسبها تقبلا للآخر وانعدام العنصرية بالمرة.
وتمتاز موريشيس بمناخ رائع على مدار السنة وتعتبر الأمطار جزءا من الروتين اليومي بالإضافة إلى موسم الأمطار مما يكسب الأراضي الزراعية الكثير من المميزات واعتماد الكثير من المزارعين على الري من الأمطار ونادراً ماتجد أرضا تستخدم شبكات ري أو أي من أنظمة الري.
بالإضافة إلى الحكم الديمقراطي بالجزيرة وعدم احتكار الحكم في أشخاص ، فأيضاً الحكومات المتعاقبة تقف بجوار أهل الجزيرة وخصوصاً في أيام فصل الشتاء تأتيهم دوامات قد تسحق المحاصيل الزراعية من القصب ، ومن تؤثر على محصوله هذه الدوامات من المزارعين فالحكومة تعوضه فوراً ( لأنها إذا لم تعوضه فلن يزرع قصبا الموسم التالي ) وبهذا تجد تكافلا شديدا بين الحكومات وأهل الجزيرة.
على الرغم من أن من يمتلكون المال في الجزيرة لا يتجاوزون غير 5% فقط، فلا تجد نسبة فقر غير في 2% من أهل الجزيرة، كذلك لا تجد شحاذين أو ذوي ملابس رثة .
جزيرة بسيطة، أهلها طيبيون يرحبون بالسواح بعد أن كانت مواردهم الأولى من الزراعة فتحولوا إلى السياحة أيضاً وأصبح المورد الرئيسي للجزيرة الجميلة والتى وصل عدد السياح عندهم إلى مليون ونصف المليون سائح الموسم الماضي، وهم تعدادهم فقط مليون ومائتان ألف مواطن ، ويستهدفون زيادة عدد السائحين لأكثر من هذا العدد السنة القادمة .
أصبح موردهم الأساسي السياحة ثم تكنولوچيا البرامج الإلكترونية ( حيث توجد مدينة كبيرة جداً للبرمجة الإلكترونية ) وتستعين بهم الشركات الكبرى بالعالم في هذا المجال وأصبحت المصدر الثاني للدخل بالجزيرة وبالتالي الزراعة أصبحت المورد الثالث الاقتصادى للجزيرة بعد أن انتهت اتفاقية الاتحاد الأوروبى لشراء كامل محصولهم من السكر في عام 2007 ومع ذلك يرفضون التخلي عن زراعة قصب السكر لصناعة السكر والاستفادة من تقطير بواقي السكر من عصر القصب لاستخراج المولاس ( العسل الأسود ) الذي يستخرج منه الإيثانول ( الكحول ) وتصديره لمصانع إنتاج الكحول بأوروبا.
وأيضاً توليد الكهرباء من ناتج احتراق مخلفات القصب بعد استخراج المولاس والإيثانول منهما.
والغريب بأمر هذه الجزيرة أن جميع المحللين الاقتصاديين بالعالم أجمع في بداية قيام الدولة قد تنبؤا بعدم استمرار هذه الدولة لعدم وجود أي موارد لقيام دولة !!!!
ولكنهم تحدوا العالم أجمع وأصبحوا دولة ذات موارد متعددة وذات تسهيلات عظيمة لتشجيع الاستثمار بجزيرتهم وأصبحت من الدول القاطبة لرؤوس الأموال.
أيضاً التعليم والعلاج حق مكفول للجميع مجاناً .
يحدها شعاب مرجانية على بعد 300 متر حول الجزيرة مما يأمنها ويحميها من موجات المد البحرى ( تسونامي ) وهي من الدول التي لاتحتاج لزيارتها أي نوع من أنواع التأشيرات لدخولها والتمتع بمناخها وبحرها والسكينة التي تشعر بها في أجوائها ، والأكثر غرابة عدم الإحساس بالغُربة بها ، فهل دولة مفتوحة للجميع ولا يوجد بها إحساس بالاختلاف لأنه ببساطة مجتمع متعدد الجنسيات والديانات.
إنها فعلاً جزيرة قامت على التحدي ومازالت تتحدى في الصعود الصاروخي في عالم السياحة والاقتصاد .

Related Articles