منال المصرى
وافقت وزارة المالية على رفع متوسط سعر العائد على أذون الخزانة قصيرة الأجل 3 أشهر إلى مستوى قياسى لأول مرة منذ تحرير سعر الصرف لتتجاوز 30% وسط ضغوط المستثمرين لطلب عائد مرتفع.
وآخر 3 أشهر، بدأت وزارة المالية تستجيب لطلبات المستثمرين ببيع أذون خزانة بأسعار فائدة مرتفعة تحت ضغط الحاجة للسيولة لسد عجز الموازنة.
وكان البنك المركزى – ممثلاً فى وزارة المالية – اعتاد على بيع أذون خزانة 3 أشهر بمتوسط سعر للفائدة 30.41%، هو الأعلى منذ تحرير سعر الصرف تحت ضغط تقديم المستثمرين مستويات سيولة بسعر عائد وصل إلى 33%.
وباع البنك المركزى أذون خزانة أجل 6 أشهر بمتوسط سعر فائدة 30.32% ليرتفع العائد إلى مستويات مرتفعة لأول مرة منذ أشهر.
وقبل الاتجاه إلى رفع الفائدة كانت وزارة المالية رفعت سعر الفائدة 6% لتصل إلى نحو 32% فى مارس الماضى تماشيا مع نفس زيادة البنك المركزى، ولكن قامت بخفض الفائدة بنفس نسبة الزيادة بشكل سريع خلال أول أسبوعين فقط من تعويم الجنيه وسط عدم حاجتها إلى سيولة، وزيادة عبء الفائدة.
وكان البنك المركزى رفع سعر الفائدة 19% خلال آخر عامين ونصف منها 6% دفعة واحدة فى مارس الماضى ليصل العائد لديه إلى مستوى تاريخى 27.25% للإيداع و27.75% للائتمان والخصم و28.25% للإقراض بهدف امتصاص الضغوط التضخمية الناجمة من تحرير سعر الصرف.
وقال محمد بدرة، الخبير المصرفى: إن قبول البنك المركزى شراء فائض السيولة المقدمة من البنوك للاستثمار فى الوديعة الأسبوعية ذات العائد الثابت أدى إلى تقليل الطلب على أذون الخزانة والضغط على المالية للقبول بسعر فائدة مرتفع.
وأوضح أن البنوك تحصل على عائد 27.75% من استثمارها فى الوديعة الأسبوعية للعائد الثابت لدى البنك المركزى فيما يتم خصم ضريبة من إجمالى العائد على أذون الخزانة ليكون الصافى نحو 23% إلى 24%، بما يفسر عدم جاذبية الاستثمار فى أذون الخزانة، واضطرار المالية لرفع الفائدة.
وتعد الوديعة الأسبوعية لدى البنك المركزى إحدى الأدوات المالية الجاذبة للبنوك لتوظيف فائض السيولة فيها بعد تراجع أسعار العائد على أذون الخزانة، وقبول البنك المركزى كافة السيولة المقدمة بدلا من نظام التخصيص الذى كان سائدا قبل 4 أشهر.
من ناحية أخرى، تعد الوديعة الأسبوعية إحدى أدوات البنك المركزى للسيطرة على الضغوط التضخمية، وامتصاص فائض السيولة.
وقالت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية: إن رفع العائد على أذون الخزانة يساعد فى تقاربه مع سعر العائد المطبق على كوريدور لدى البنك المركزى.
واعتبرت سهر الدماطى أنه مازال العائد على أذون الخزانة أقل بنحو 3% عن العائد لدى البنك المركزى بالوديعة الأسبوعية بما يستلزم مواصلة المالية رفع الفائدة.
ورأت سهر الدماطى أن البنك المركزى يتحلى بالصبر والإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير.
وأوضحت أن تكلفة الإنتاج ارتفعت على كافة الشركات وتم تمريرها للمستهلك بما انعكس على زيادة الأسعار والتضخم.
وعَمَّقَ البنك المركزى من مخاوفه من زيادة الضعوط التضخمية واتجاهه لمستوى صعودى بفعل إجراءات ضبط المالية العامة – ترشيد الدعم على المحروقات – وحالة عدم اليقين حول وتيرة الصراع بالمنطقة وانعكاساتها على زيادة الأسعار عالميا، وفق ما ذكره فى تقرير له بوقت سابق.
فيما أوضح محمد عبد العال، الخبير المصرفى أن البنك المركزى سيبقى على سعر الفائدة دون تغيير فى اجتماعه المقبل بنهاية العام فى ظل الضغوط التضخمية المتوقعة.
وخلال العام الجارى، رفعت الحكومة أسعار البنزين والسولار 3 مرات آخرها فى أكتوبر الماضى بنسبة تتراوح بين نحو 8% إلى 17% بهدف ضبط إجراءات المالية العامة.
ويبدو أن خفض البنك المركزى معدل التضخم إلى رقم أحادى وفق مستهدفاته بين 7% إلى 9% بنهاية شهر ديسمبر الجارى يعتبر أمرا صعب المنال فى ظل الضغوط التضخمية.
وأضاف عبد العال أن الزيادة الطفيفة فى معدل التضخم خلال أكتوبر الماضى لا تعنى بدء استجابة التضخم للتراجع وإنما سيظهر تأثير زيادة أسعار الوقود بشكل تدريجى فى قراءة الأشهر المقبلة.
وذكر الخبير المصرفى أن توقيت زيادة أسعار المحروقات فى آخر الشهر راعت تخفيف الضغوط التضخمية عن أكتوبر الماضى وترحيل تبعاته إلى الأشهر المقبلة تجنبا لوجود قفزات غير متوقعة.
وأشار إلى أن تصاعد الضغوط التضخمية فى مصر تدفع البنك المركزى للاتجاه للإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير.
وأوضح أن البنك المركزى لن يستطيع الحياد عن الحفاظ على سياسات نقدية صارمة بالحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة إلا بعد التأكد من تراجع معدل التضخم.
من جهته، قال محمود نجلة، المدير التنفيذى لأسواق الدخل والنقد الثابت فى شركة الأهلى للاستثمارات المالية: إن المالية توافق على رفع سعر العائد على أذون الخزانة ذات الأجل الأقصر 3 و6 أشهر وذلك لقناعتها بقرب البنك المركزى بخفض سعر العائد قريبا مع حلول 2025 وبالتالى لا يوجد ما يدفعها لرفع سعر العائد على الأجل الأطول 9 أشهر والسنة.
وأذون خزانة تعد إحدى الأدوات المالية لجذب سيولة لسد عجز الموازنة وهى مأخوذ بها فى كافة دول العالم، ويتولى البنك المركزى بالنيابة عن وزارة المالية طرح أذون الخزانة بشكل دورى أسبوعيا لأجل 3 أشهر و6 أشهر و9 أشهر وسنة.
وأكد نجلة أن البنك المركزى لن يتعجل فى خفض سعر الفائدة حتى التأكد من اتجاه التضخم لمستوى نزولى.
وخلال عامين ونصف، رفع البنك المركزى سعر الفائدة 19% بهدف مواجهة الضغوط التضخمية الناجمة من تحرير سعر الصرف قبل أن يبقى عليها فى آخر 4 اجتماعات.