وفاء على
أكد خبراء الاقتصاد أن المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى التى تنتهجها الحكومة تعد استكمالا لنجاح المرحلة الأولى التى استطاعت مصر خلالها تحقيق استقرار اقتصادى رغم تداعيات انتشار جائحة كورونا وما فرضته من تحديات محليا وعالميا، لافتين إلى أن برنامج إصلاح السياسات النقدية والمالية الخاص بمرحلة ما بعد نجاح المرحلة الأولى من البرنامج لابد أن يتبعه مجموعة من الإصلاحات الهيكلية، مع الوضع فى الاعتبار عدم وجود أعباء إضافية يتحملها المواطن المصرى.
وقال الدكتور ماجد عبد العظيم، الخبير الاقتصادى إن مصر استطاعت تحقيق نمو اقتصادى ملحوظ خلال فترة انتشار فيروس كورونا والتى واجهت العالم كله وأثرت على كافة القطاعات الاقتصادية، ولكن الحكومة المصرية قامت بتنفيذ العديد من الإصلاحات فى السياسة المالية والنقدية ما أسهم فى تحقيق مزيدٍ من النمو.
وأضاف عبد العظيم أن الحكومة المصرية أعلنت بدء المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى والتى تعمل بالتوازى مع مستهدفات المرحلة الأولى، مؤكدا أن مصر قامت بنقلة نوعية فى العديد من القطاعات الاقتصادية المهمة مثل القطاع الزراعى والصناعات التحويلية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأشار إلى أن مستهدفات المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى تعتمد على تحويل الاقتصاد ليكون إنتاجيا لخلق فرص عمل وزيادة معدلات التشغيل والتى تدعم نجاح المرحلة الأولى من البرنامج، لافتا إلى أنها مكملة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى انتهجته الحكومة المصرية منذ عام 2016 والذى نتج عنه نمو كافة مؤشرات الاقتصادية فى العديد من القطاعات وزيادة ثقة المستثمرين الأجانب وجذب مزيدٍ من الاستثمارات والحصول على ثقة كافة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى وزيادة معدلات التصنيف له ليصل إلى “B” وهو مؤشر جيد جدا.
وأكد الخبير الاقتصادى أن معدلات التشغيل والبطالة خلال المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادى وصلت إلى نسبة جيدة جدا وهى 9% ، وأيضا مؤشرات العجز فى الموازنة انخفضت إلى 7.2% هذا العام مقارنة بـ 11.4% فى عام 2014، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية وضعت خطة خلال المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح لتنفيذ إصلاحات هيكلية والتى لن تضع على الدولة أى أعباء مالية ولكن الهدف منها زيادة الاستثمارات والتجارة البينية بين مصر والدول الأخرى وزيادة الصادرات.
من جانبه، أكد الدكتور أحمد ياسين، أستاذ الاقتصاد الدولى أن الحكومة نجحت فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى وذلك من خلال تنفيذ العديد من الإجراءات لضبط السياسة المالية والنقدية وسوق الصرف الأجنبى بالإضافة إلى بناء العديد من المشروعات القومية وكل هذه التطورات نقلت مصر من دولة نامية إلى صاعدة.
وأضاف ياسين أنه خلال المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى سوف تعمل على تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية من خلال البدء فى تنفيذ العديد من الإجراءات من شأنها زيادة القدرات الإنتاجية للشأن القومى، وتعزيز التنافسية بمعنى أن المنتجات المصرية سوف يصبح لديها القدرة على المنافسة فى الأسواق الدولية.
وأوضح أن الاقتصاد القومى يحتاج إلى عدة عوامل للمنافسة بالمنتجات المحلية فى الأسواق العالمية أهمها الجودة والتى تعتمد على الالتزام والابتكار والإبداع والمعتمدين بشكل كلى على ضبط وتطوير منظومة التعليم والتعليم العالى والبحث العلمى وخاصة الجامعات التكنولوجية.
وأضاف أستاذ الاقتصاد الدولى أن العامل الثانى لزيادة التنافسية واقتحام الأسواق تقليل تكاليف الإنتاج، والتى تنقسم إلى توفير بنية أساسية جيدة للمنتج من شبكة مواصلات لنقل البضائع وربط موقع المنطقة الصناعية بالموانئ، فضلا عن تبسيط وتسهيل الإجراءات المتبعة للتصدير والشحن، وهو ما حدث مع بداية عام 2016 من تقليل الإجراءات إلى النصف، بالإضافة إلى إدخال التكنولوجيا الحديثة فى ضبط تكاليف الإنتاج وإدارة المخزون وربطها ببعضها البعض من خلال برامج الإدارة الحديثة.
وأكد ياسين أن برنامج الإصلاح الاقتصادى انعكس بشكل إيجابى على متطلبات الإصلاحات الهيكلية، فضلا عن حدوث نقلة نوعية كبيرة فى فكر إدارة الدولة، ومصر حاليا تدار برؤية استراتيجية متكاملة وخطط تنموية تستهدف 50 عاما بفضل التوجهات السياسية، والدولة نجحت بالمرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادى من خلال المشروعات القومية التى تبنتها الدولة المصرية منذ 2014 مع إعادة خلق الاستقرار الأمنى ما دفعها للدخول بالمرحلة الثانية.
وتابع أن الحكومة لديها مجموعة من السياسات التنموية المراد تنفيذها وتمتلك أغلب الأدوات الفعالة التى تمكنها من تحقيق تلك الخطط على أرض الواقع، وسعت الدولة قبل الإصلاح الاقتصادى إلى تبنى العديد من المشروعات القومية من تجديد البنية التحتية والتى تسهم فى جذب رؤوس الأموال، وخاصة الاستثمار المباشر الذى يسهم فى نمو الاقتصاد القومى وخلق فرص عمل مستدامة بشكل مباشر أو غير مباشر من القطاعات الخدمية الملحقة بعملية التصنيع.
وحققت مصر فائضا أوليا بدلا من عجز أولى فى الموازنة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، مسجلا 0.4% فى الفترة من يوليو 2020 حتى مارس 2021 مقارنة بـ -1.2% فى الفترة من يوليو 2016 حتى مارس 2017، بالإضافة إلى انخفاض عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى ليبلغ 5.4% فى الفترة من يوليو 2020 حتى مارس 2021، مقابل 7.9% فى الفترة من يوليو 2016 حتى مارس 2017.
واستطاعت مصر تخفيض معدل البطالة فى الربع الأول عام 2021 حيث سجل 7.4% مقارنة بـ 12% فى الربع ذاته عام 2017، وكذلك انخفض الدين الخارجى كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، حيث سجل 34% فى الربع الثانى عام 2020/2021 مقارنة بـ 37.6% بنفس الربع عام 2016/2017.
ونجحت الدولة فى السيطرة على الضغوط التضخمية، لتسجل 4.1% فى أبريل 2021 مقارنة بـ 31.5% فى أبريل 2017، فى حين ارتفع صافى الاحتياطيات الدولية مسجلا نحو 40.3 مليار دولار فى أبريل 2021، مقابل 28.6 مليار دولار فى أبريل 2017، بينما تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه ليسجل 15.6 جنيه بنهاية أبريل 2021 مقارنة بـ 18 جنيها بنهاية أبريل 2017.
وكانت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية أكدت تصنيفها الائتمانى السيادى الطويل والقصير الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية لمصر على المدى الطويل والقصير عند “B/B”، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت الوكالة فى تقرير لها إن النظرة المستقبلية المستقرة لمصر تعكس أن الضغوط على مقاييس الدين الخارجى والحكومى ستكون مؤقتة، وستنخفض تدريجيا اعتبارا من عام 2022، مدعومة بنمو إجمالى الناتج المحلى وإيرادات الحساب الجارى.
وأضافت أن احتياطيات مصر من النقد الأجنبى والوصول إلى أسواق الدين المحلية والخارجية، تتيح للحكومة تغطية احتياجات التمويل الخارجى المرتفعة وآجال الاستحقاق القادمة.