كتبت: منال المصرى
حقق البنك المركزى والجهاز المصرفى طفرة غير مسبوقة بعد مرور 7 سنوات على ثورة 30 يونيه التى أدت إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادى، وزيادة معدلات النمو، وخاصة مع نجاح تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى بشهادة أكبر المؤسسات المالية الدولية.
وأثبتت رؤية السياسة النقدية بالبنك المركزى نجاحها فى ضبط سوق الصرف، ونحر الدولرة، وصعود الاحتياطى الأجنبى لمعدلات غير مسبوقة على مستوى تاريخ مصر، وإطلاق العديد من المبادرات لدعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، والقطاع الخاص، والعملاء والشباب.
وتمكن الجهاز المصرفى بالقيام بدوره الرئيسى فى دعم الاقتصاد المصرى، وخطط الدولة التنموية، والمشاركة فى جميع مبادرات البنك المركزى المختلفة، وتوفير التمويلات اللازمة لدعم المشروعات التنموية والصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وتمويل التجارة الخارجية.
ونرصد ملامح خريطة عمل البنك المركزى والجهاز المصرفى قبل وبعد ثورة 30 يونيه كالآتى:
نمو تاريخى للاحتياطى النقدى:
سجل الاحتياطى النقدى صعودا تاريخيا من 13 مليار دولار، قبل ثورة 30 يونيه، إلى أكثر من 45.5 مليار دولار لأول مرة فى تاريخ مصر، وذلك نتيجة زيادة التدفقات الدولارية من الموارد الرسمية المختلفة من السياحة، والصادرات، والاستثمارات غير المباشرة، وإيرادات قناة السويس، فى ظل عودة الثقة فى الاقتصاد المصرى.
وقام البنك المركزى بالتوازى مع زيادة الاحتياطى النقدى بالالتزام بسداد المستحقات على مصر خارجيا فى مواعيد استحقاقها دون تأخير، وكذلك تلبية احتياجات السوق المصرية من السلع الرئيسية، وتغطية خروج المستثمرين الأجانب من السوق المصرية مما أدى إلى زيادة الثقة فى سياسات مصر الاقتصادية.
وساعد الاحتياطى النقدى الضخم على لجوء البنك المركزى لمواجهة تداعيات أزمة كورونا من تراجع التدفقات الدولارية إلى سحب 9.4 مليار دولار من الإحتياطى النقدى خلال أخر 3 أشهر فى مارس وأبريل ومايو، بهدف مواصلة دوره لسداد الالتزامات الخارجية على مصر، واحتياجات السوق من السلع الأساسية.
وأوضح البنك المركزى أنه تم استخدام هذه المبالغ من الاحتياطى لسداد التزامات دولية خاصة بالمديونية الخارجية للدولة، وكذلك خروج بعض المستثمرين من خلال آلية البنك المركزى لتحويل أموال المستثمرين الأجانب.
وأشار البنك المركزى إلى أن استخدام هذه المبالغ يأتى من منطلق دوره فى الحفاظ على استقرار الأسواق المصرية وفى ظل الأوضاع الاقتصادية المضطربة عالميا مع استمرار تداعيات فيروس كورونا.
وأضاف أن عمليات التخارج لاستثمارات الصناديق المالية الأجنبية من الأسواق الناشئة، وكذلك الأسواق المصرية تواصلت خلال شهر أبريل الماضى، ولكن بوتيرة أقل من شهر مارس الماضى الذى شهد ذروة تخارج المحافظ الاستثمارية.
القضاء على الدولرة
مرت سوق الصرف قبل 30 يونيه بالعديد من التقلبات السلبية بسبب تمدد السوق السوداء، ووجود سعرين لسعر الصرف، وانتشار ظاهرة الدولرة مما تسبب فقدان الثقة بين المتثمرين الأجانب.
وأثبتت استراتجية السياسة النقدية فى البنك المركزى بقيادة طارق عامر محافظ البنك المركزى، عقب تكليفه من الرئيس عبد الفتاح السيسى فى نوفمبر 2015، بنجاحها فى القضاء على السوق الموازية تماما، وعودة التدفقات الدولارية إلى مساراتها الرسمية فى البنوك والصرافات، مع بدء إعلان مصر تحرير سعر الصرف، وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى ساهم فى عودة وضع مصر على الخريطة الاستثمارية مرة أخرى.
نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى
جاهدت مصر متثملة فى الحكومة المصرية والبنك المركزى فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى بالكامل كما تم التخطيط له، بهدف معالجة الاختلالات الاقتصادية، وعلاج الأوجاع الاقتصادية، وهو نال أعجاب العالم، وشهادتهم بقوة أرادة مصر فى تنفيذ برنامج الإصلاح.
وأعلن طارق عامر محافظ البنك المركزى فى نوفمبر 2016 قرار تحرير سعر الصرف ليترك الجنيه حرا طبقا لآلية العرض والطلب فى البنوك فى إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى المدعوم من صندوق النقد الدولى بـ 12 مليار دولار.
وانتهى البنك المركزى والحكومة بالفعل من تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى بتسلم آخر شريحة من الصندوق فى يونيه 2018.
وأكد صندوق النقد الدولى أن مصر نجحت فى استكمال برنامج الإصلاح الذى يدعمه الصندوق وحققت أهدافه الرئيسية، وحدوث تحسن كبير فى أوضاع الاقتصاد الكلى مقارنة بعام 2016، بدعم من السلطات المصرية التى تبنت برنامجها الإصلاحى بقوة واتخذت إجراءات حاسمة مقدما.
مبادرات البنك المركزى لدعم القطاع الخاص والشباب
أطلق البنك المركزى العديد من المبادرات المختلفة استجابة لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بعد ثورة يونيه بوجود مبادرات بفائدة مدعمة مخصصة لدعم القطاع الخاص والشباب لتشغيل أيدٍ عاملة على مستوى المحافظات المختلفة.
وأعلن البنك المركزى عن مبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة قبل نهاية عام 2015 استجابة لطلب السيد الرئيس بقيمة 200 مليار جنيه لمنح تسهيلات ائتمانية بسعر عائد 5% متناقص للمنشآت الصغيرة، ثم قرر مؤخرا رفع الشريحة التمويلية إلى 360 مليار جنيه.
وألزم البنك المركزى البنوك بتخصيص نسبة 20% من محافظها الائتمانية لتمويل تلك الشركات خلال 4 سنوات من تاريخ صدور تلك التعليمات. وفى مايو 2017، تم السماح للبنوك بإضافة التمويل للمشروعات متناهية الصغر بتلك الفئة إلى نسبة الـ 20% المشار إليها سابقا.
وضخت البنوك تمويلات بقيمة 180 مليار جنيه فى مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر على مدار 4 سنوات.
كما أصدر البنك المركزى، بناء على طلب الرئيس لمواجهة أزمة كورونا، مبادرة لدعم القطاع الخاص بشريحة 100 مليار جنيه بفائدة مدعمة 8% لتمويل القطاعين الصناعى والزراعى، ثم تم إدراج قطاع المقاولات مؤخرا.
وأصدر البنك المركزى ضمانة بقيمة 100مليار جنيه فى مبادرة 8% بهدف تحفيز البنوك على ضخ تمويلات، والتحمل بالنيابة عنهم مخاطر عدم السداد بسبب فيروس كورونا.
وأطلق البنك المركزى صندوقا لتمويل المشروعات الابتكارية برأس مال مليار جنيه مبدئيا بهدف دعم أفكار الشباب الإبداعية وتم إعفاؤهم من عبء الفائدة استجابة لطلب السيد الرئيس لدعم الشباب، فضلا عن مبادرة رواد النيل لدعم أفكار الشباب على مستوى المحافظات المختلفة.
ارتفاع التصنيف الائتمانى لمصر
رفعت مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية درجة تصنيف مصر التى وصلت إلى “C” قبل 30 يونيه بفضل السياسات الإصلاحية لبرنامج الاقتصادى.
وثبتت وكالة استاندر آند بورز العالمية تصنيف مصر إلى مستوى “B” مع نظرة مستقبلية مستقرة فى أبريل الماضى، على الرغم من تدايعات كورونا، وكان التصنيف الائتمانى لمصر قد تراجع فى ديسمبر 2012 ليصل إلى مستوى (-B) مع نظرة مستقبلية سلبية، وصولا إلى أدنى مستوى له عند (ccc+) مع نظرة مستقبلية مستقرة فى مايو 2013.
وأرجعت وكالة استاندر آند بورز ذلك إلى معدلات النمو المتوقعة مدعومة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية منذ 2016، فضلا عن تحسن الإطار النقدى، كما توقعت الوكالة أن تبقى السيولة الخارجية كافية لتحمل الصدمات.
فيما أعلنت وكالة موديز تثبيت التصنيف الائتمانى لمصر عند B2 مع نظرة مستقبلية مستقرة وذلك فى أبريل 2020 وهو المستوى الأفضل خلال 8 سنوات، محتفظا بنفس المستوى منذ أبريل 2019، وهو نفس المستوى أيضا الذى حققته مصر فى سبتمبر 2012 مع اختلاف النظرة المستقبلية إلى سلبية، ثم تراجع فى فبراير 2013 ليصل إلى مستوى (B3) بنظرة مستقبلية سلبية، وصولا إلى أدنى مستوى له عند (Caa1) مع نظرة مستقبلية سلبية فى مارس 2013.
وأشارت وكالة موديز إلى أن تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية تدعم تثبيت التصنيف الائتمانى لمصر عند B2 مع نظرة مستقبلية مستقرة، مؤكدة أن الالتزام ببرنامج الإصلاح الاقتصادى يساعد على تحقيق نمو مستدام أعلى من المتوقع، فضلا عن أن توافر قاعدة تمويلية محلية وارتفاع الاحتياطيات الأجنبية التى تغطى أكثر من 6 أشهر من الواردات؛ ساعد مصر على مواجهة أزمة كورونا.
قرارات البنك المركزى لمواجهة كورونا
يواصل البنك المركزى اتخاذ القرارات المختلفة لمساندة القطاعات الاقتصادية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، ويراقب ويدرس السوق لاتخاذ أفضل القرارات لمعالجة أى اختلالات ناجمة من تأثيرات الفيروس.
وتمثلت أهم قرارات البنك المركزى الاحترازية لمواجة أزمة كورونا فى:
1- خفض أسعار الفائدة 3% لتصل إلى 9.25% للإيداع، و10.25% للإقراض.
2- الموافقة على طرح شهادة 15% فى بنكى الأهلى المصرى ومصر بهدف صرف عائد مجزٍ على مدخرات المصريين.
3- إتاحة البنوك الحدود الائتمانية اللازمة لمقابلة تمويل العمليات الاستيرادية للسلع الأساسية والاستراتيجية بما يضمن تلبية طلبات الشركات المستوردة لها وعلى وجه الخصوص السلع الغذائية لتغطية احتياجات الأسواق.
4- إتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لتمويل رأس المال العامل وبالأخص صرف رواتب العاملين بالشركات.
5- دراسة ومتابعة القطاعات الأكثر تأثرا بانتشار الفيروس، ووضع خطط لدعم الشركات العاملة بها.
6- تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للقروض لمدة 6 أشهر، وعدم تطبيق عوائد وغرامات إضافية على التأخر فى السداد.
7- وضع خطط عاجلة لزيادة الحدود الائتمانية مع البنوك الخارجية بما يضمن استمرار توفير التمويل اللازم لعمليات التجارة الخارجية.
8- إطلاق مبادرة لتأجيل كافة الاستحقاقات الائتمانية للبنوك على العملاء من المؤسسات والأفراد (تشمل القروض لأغراض استهلاكية والقروض العقارية للإسكان الشخصى) وذلك لمدة 6 أشهر، مع عدم تطبيق عوائد أو غرامات إضافية على التأخر فى السداد.
9- إطلاق مبادرة جديدة للمتعثرين من الأفراد الطبيعيين والذين تصل مديونياتهم إلى أقل من مليون جنيه، لتمكينهم من التعامل مجددا مع الجهاز المصرفى، بما يسهم فى رفع قدرتهم الشرائية وتعزيز الطلب المحلى، حيث سيدفعون نصف المديونية مقابل إسقاط النصف الآخر والفوائد المهمشة.
10- خفض الفائدة على مبادرة قطاع السياحة من 10% إلى 8% وتخصيص 3 مليارات جنيه من إجمالى شريحة المبادرة 50 مليار جنيه لتمويل رواتب وأجور الموظفين والعاملين فى هذا القطاع.
11- إلغاء الرسوم والعمولات على السحب والإيداع باستخدام ماكينات الصراف الآلى وكذلك رسوم التحويلات لمدة 6 أشهر تنتهى فى سبتمبر المقبل.
12- مبادرة البنك المركزى لتمويل ونشر 100 ألف ماكينة نقط بيع على مستوى الجمهورية.