الإيكونوميست المصرية
اعتراف دولى بأن قناة السويس أهم شريان تجارى مائى

اعتراف دولى بأن قناة السويس أهم شريان تجارى مائى

على مدى ستة أيام كاملة، حبس العالم كله أنفاسه نتيجة توقف أكثر من 13% من تجارة العالم وتحقيق خسائر يومية للتجارة العالمية بقيمة 6.5 مليار جنيه إسترلينى بسبب جنوح سفينة “إيفر جيفن” البالغ طولها 400 متر والتى تعد واحدة من أكبر سفن الشحن فى العالم فى قناة السويس وعلى متنها 223 ألف طن وخسرت مصر خلال تلك الفترة ما يقرب من 90 مليون دولار بمعدل 15 مليون دولار يوميا إلا أنها فى الوقت نفسه شدت انتباه العالم إلى أهمية هذا الممر المائى الحيوى والذى تتأكد أهميته عالميا يوما بعد يوم.
وبمجرد جنوح السفينة وتوقفها بعرض القناة، بدأ رجال القناة جهودهم البطولية لتكريك السفينة ومحاولة استغلال خبراتهم المتراكمة عبر سنوات طويلة والتى لا ينافسهم فيها أحد لدرجة أن عددا كبيرا من دول العالم مثل الولايات المتحدة والصين وهولندا والدنمارك واليابان وسنغافورة عرضت إرسال أطقم فنيين لمساعدة المصريين، ولكن مصر رفضت وأصر رجال القناة بعزيمة قوية قبول التحدى، وبعمليات شبه انتحارية بدأوا يواصلون الليل بالنهار واستغلوا أيضا خبراتهم الطويلة فى عمليات المد والجزر وأنسب التوقيتات لتحريك السفينة وتعديل مسارها داخل القناة.
ووصفت صحيفة “نيويورك تايمز” أبطال القناة بأنهم رجال انتحاريون لقيامهم بأكبر عملية إنقاذ فى التاريخ الحديث خاصة أنهم أنقذوا السفينة دون تفريغ حمولتها وفى زمن قياسى رغم صعوبة المهمة والتى كان أكثر المتفائلين يتوقع أن تستغرق أكثر من 20 يوما، والجميع أجمعوا على ضرورة تفريغ حمولة السفينة وتلك العملية وحدها كانت ستستغرق فترة طويلة.
ووصفت صحيفة “ديلى ميل” البريطانية نجاح مصر فى تعويم السفينة بالملحمة فى قناة السويس بعد تحريكها وسحبها بواسطة أسطول من الزوارق المصرية عبر الممر المائى، بعد نحو ستة أيام من تسببها فى ازدحام مرورى خنق التجارة العالمية.
ووصف الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس ما قام به أبطال القناة بأنه ملحمة وطنية وعلامة مضيئة فى تاريخ قناة السويس وسوف يتذكر التاريخ هؤلاء الأبطال بأنهم أنجزوا المهمة فى زمن قياسى وقاموا بإعادة تسيير السفينة بعد عمل مضنٍ ودءوب على مدى ستة أيام كاملة، حيث بدأت مناورة الشد لتعويم السفينة بواسطة 10 قاطرات عملاقة تقوم بالعمل من أربعة اتجاهات مختلفة وتم توزيع القاطرات بحيث يشمل شد مقدمة السفينة فى اتجاه الشمال بواسطة كل من القاطرة “بركة 1” والقاطرة “عزت عادل” بقوة شد 160 طنا لكل منهما، فيما تقوم 4 قاطرات بدفع مؤخرة السفينة جنوبا وتشمل القاطرتين الجديدتين “عبد الحميد يوسف” و”مصطفى محمود” بقوة شد 70 طنا لكل منهما والقاطرتان بورسعيد 1 وبورسعيد 2 كما تعمل قاطرتان على شد مؤخرة السفينة جنوبا وفى مقدمتهم القاطرة الهولندية APL GUARD بقوة شد 285 طنا، والقاطرة ماريديف، وتتشارك القاطرتان “تحيا مصر1″ و”تحيا مصر 2” فى دفع مقدمة السفينة ناحية الشمال بالإضافة إلى الحفارات ومعدات الشفط.
وبعد نجاح عملية التكريك قامت 13 سفينة تابعة للقناة بالمشاركة فى قطرها إلى البحيرات المرة بالإسماعيلية، وقبل ذلك قام الغواصون المصريون بفحص أسفل السفينة قبل إبحارها للتأكد من سلامتها وعدم وجود أضرار تؤثر عليها قبل خروجها من القناة.
وجاء أول رد فعل سريع من جانب شركة “إيفر جرين” للشحن المالكة للسفينة حيث وجهت الشكر لهيئة القناة والأبطال المصريين، وذلك بعد الجهد المبذول، الذى ساهم فى إعادة تعويم السفينة مرة أخرى وقالت بيان صحفى صادر عنها: “يسر شركة Evergreen Line التأكيد على أن EVER GIVEN قد تمت إعادة تعويمها بنجاح داخل قناة السويس فى حوالى الساعة 15:04 يوم 29 مارس بالتوقيت المحلى، لكى تستأنف القناة عملها الطبيعى، وتغادر السفينة موقعها بمساعدة القاطرات”.
وتابعت الشركة قائلة: “نحن فى غاية الامتنان لهيئة قناة السويس وجميع الأطراف المعنية على مساعدتهم ودعمهم فى هذا الوضع الصعب والمؤسف. ونود أيضا أن نعرب عن تقديرنا العميق للطاقم الذى ظل ثابتا فى عمله وكذلك خبراء الإنقاذ وفريق التجريف المصرى على احترافهم وجهودهم الدءوبة على مدار الأيام الستة الماضية نحو الوصول إلى هذه النتيجة”.
وقال المهندس بحرى نهاد النقراشى: “بصفتى أعمل منذ أكثر من أربعين عاما فى المجال البحرى فإن تعويم عملاق بطول أربعة ملاعب كرة قدم ويحمل ربع مليون طن بارتفاع خمسين مترا يعنى عمارة من سبعة عشر دورا إضافة إلى وزن السفينة نفسها ليصل الإجمالى لحوالى أربعمائة ألف طن وترقد على بطنها لمسافة أكثر من مائة متر وتشحط بالمقدمة والمؤخرة فى ممر ضيق عرضه مائتان وخمسون مترا، فإن إعادة تعويمها بكامل حمولتها دون أن تميل على أحد الجانبين ودون أن يشق البدن أو يصاب بأى صورة، كل ما سبق هو الحدث الأول من نوعه فى تاريخ البحرية على مستوى العالم، ولابد أن يذكر فى موسوعة جينيس وأن تنتج مصر وهوليود فى وقت واحد فيلما ضخما تحت العنوان الشهير..المهمة المستحيلة”.
وطالب نهاد النقراشى باعتبار هذا اليوم عيدا رسميا لقناة السويس، فلن تنسى بحريات العالم هذا الحدث التاريخى بحق.. حفظ الله مصر وأولادها.
جدير بالذكر أن السفينة “إيفر جيفن” هى سفينة عملاقة تحمل علم بنما ويتم تشغيلها بواسطة شركة النقل البحرية التايوانية “إيفر جرين”، وكانت قد انطلقت فى رحلة تجارية تشمل 5 دول بدأتها من الصين وكان من المقرر وصولها إلى ميناء روتردام الهولندى فى 31 مارس الماضى، ويبلغ عمق غاطس السفينة 15.7 متر، وهى من فئة سفن الحاويات العملاقة، التى تم بناؤها عام 2018، تتجاوز حمولتها الإجمالية 219 ألف طن.
ويصل طول السفينة إلى 400 متر وعرضها 59 مترا، بينما تصل سرعتها إلى 98 عقدة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *