محمد فاروق
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قرر أن يرسم خريطة اقتصادية وتجارية جديدة للعالم، هدفها الأول هو الاستفادة القصوى لأمريكا وإعادة الازدهار الاقتصادى لبلاده بعد أن ظلت الصين تسحب البساط من تحت الولايات المتحدة شيئا فشيئا طوال السنوات الماضية.
وإحدى خطوات ترامب – والتى بالتأكيد ستتبعها خطوات كثيرة أخرى – هى فرض رسوم جمركية متفاوتة على واردات أمريكا من العالم كله تقريبا، هذه الخطوة ستدفع الكثير من الشركات العالمية الموجودة فى الدول المفروض عليها نسب عالية من الرسوم الجمركية الأمريكية إلى الهروب واللجوء للدول التى فرضت أمريكا عليها رسوما جمركية أقل ومنها مصر التى حازت على أقل نسبة من الرسوم الجمركية الأمريكية وهى 10% فقط، فى حين هناك دول أخرى وصلت إلى 49%.
فالشركات العالمية، وخاصة الصينية، تبحث حاليا عن بدائل استراتيجية من أجل التغلب على الرسوم الأمريكية وتقليل القيود التى تفرضها أمريكا عليها، لذا تفكر فى نقل التصنيع والاستثمار لدول أخرى، وتعد مصر من أفضل الأماكن لاستقبال تلك الشركات لعدة عوامل منها الموقع الاستراتيجى المميز والمتوسط بين قارات العالم، إلى جانب وجود قناة السويس أهم ممر ملاحى فى العالم والأسرع والأقل تكلفة مما يسهل فى نقل السلع والمنتجات للأسواق العالمية.
إلى جانب أن مصر عضو فى الكثير من التكتلات الاقتصادية والاتفاقيات التجارية مما يتيح دخول العديد من الأسواق بدون تعريفات جمركية، كما أن مصر بوابة الدخول لأفريقيا والشرق الأوسط. بالإضافة إلى انخفاض تكلفة الإنتاج وتكاليف التشغيل فى مصر ورخص الأيدى العاملة رغم أنها على قدر عال من الكفاءة والمهارة والخبرة.
وعلى الرغم من كل هذه المزايا، فإن مصر لديها عدة تحديات لابد من القضاء عليها من أجل تحسين مناخ الاستثمار لجذب الشركات العالمية، وهى ضرورة تحسين التشريعات الاقتصادية والقوانين التجارية، وتقديم المزيد من الحوافز والإعفاءات الضريبية والجمركية لجذب الاستثمار الأجنبى، كما يجب تطوير الموانئ والطرق ووسائل النقل المختلفة، وتوفير الطاقة اللازمة للمصانع، وتحسين أوضاع المؤسسات، والقضاء على البيروقراطية والروتين وتيسير استخراج التصاريح والتراخيص، ومنح القطاع الخاص فرصا أكثر.
من ناحية أخرى، علينا اغتنام الفرصة والعمل على زيادة صادراتنا لأمريكا، فالصادرات المصرية لأمريكا حاليا تبلغ 2.7 مليار دولار، فلماذا لا نرفع هذا الكم؟ ولتحقيق ذلك لابد من تحسين الكيف، من خلال تطوير المصانع المنتجة وتحسين إنتاجها، بالإضافة إلى إعادة تشغيل المصانع المتوقفة لزيادة الإنتاج، كل هذا بهدف زيادة التصدير لأمريكا وتحسين المنتجات والصناعات المصرية لتحل محل المنتجات من الدول ذات الرسوم الجمركية المرتفعة.
كما يجب تحديد ما نريده من الاستثمار الأجنبى بوضوح، فلابد أن نستفيد منه بأقصى درجة ممكنة، فمصر تحتاج من الشركات العالمية ضخ رؤوس الأموال وفتح الأسواق ونقل التكنولوجيا وتوظيف العمالة وتدريبها.
العالم كله يعيد حساباته ويتحرك بأقصى سرعة فى ظل التقلبات الشديدة التى يتعرض لها حاليا، والرابح هو الذى سيسير فى الاتجاه الصحيح ويغتنم الفرص السانحة فى الوقت المناسب.