بقلم: محمد فاروق
يمر العالم كله هذه الفترة بظروف اقتصادية صعبة فرضت عليه إجراءات استثنائية لمحاربة التضخم وارتفاع الأسعار، هذه الظروف ناتجة عن مجموعة من العوامل التى تكاتفت كلها فى وقت واحد لتخرج علينا بهذه الشراسة؛ فالعالم حتى الآن لم يتعاف اقتصاديا من تداعيات كورونا التى تسببت فى إغلاق العديد من المصانع وتخفيض الإنتاج فى العديد من الصناعات نتيجة انخفاض الطلب فى بداية كورونا الأمر الذى مازال يعانى منه العالم كله حتى الآن، ولم تنته هذه المحنة حتى حلت كارثة أخرى وهى الحرب الروسية الأوكرانية التى أصابت الاقتصاد العالمى بالتوتر الشديد والضبابية وعدم وضوح الرؤية لما سيحدث غدا، مما ضغط أكثر على اقتصادات دول العالم، أضف إلى ذلك التضخم الذى ضرب أمريكا والذى اضطرها لرفع الفائدة بهدف تخفيض الأسعار، واضعة خطة لرفع الفائدة هذا العام ست مرات أخرى، وهذه الخطوة بالطبع تسببت فى قيام المستثمرين بسحب أموالهم “الساخنة” من الدول الناشئة وتوجيهها لأمريكا، مما ضغط أكثر وأكثر على تلك الدول.
كل هذه العوامل خارجة عن إرادة دول العالم وخاصة الدول الأكثر تضررا وهى الدول الناشئة ومنها مصر، لذلك يعيش المصريون هذه الأيام ظروفا اقتصادية صعبة تصاحبها ضغوط نفسية شديدة.
فسنجد الجميع وقد أصابهم القلق والتوتر؛ فمن لا يملك المال تجده يعيش قلق تدبير الأموال والوفاء بالالتزامات والمصروفات، وفى المقابل من يملك المال تجده أيضا يعيش قلق تراجع القوة الشرائية لأمواله ويسعى بشتى الطرق وسط هذه الرؤية غير الواضحة لشراء أى شىء يحفظ به أمواله.
لذا علينا أولا فى مثل هذه الأزمات تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من أصبح منكم آمنا فى سربه، معافى فى جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا”.
هدئوا من روعكم، وأمنوا نفوسكم ونفوس من حولكم، ولا تنجرفوا وراء التشاؤم ومصدريه، فما أكثر الأزمات التى مرت علينا، وبفضل الله استمرت الحياة.
لن ننكر الظروف الصعبة التى نعيشها كلنا، لكن الغد بيد الله وحده، والمستقبل فى علم الرحمن وحده، فلا توحشوا أنفسكم ولا تحملوها فوق طاقتها، ولنحمد الله على نعمه التى لا تحصى علينا والتى نغفلها وسط زحام القلق والخوف والتوتر.
ثانيا علينا أن نتقى الله تعالى فى عملنا وأن نبذل قصارى جهدنا من أجل النهوض بأنفسنا وبوطننا، فنحن نعيش على سفينة الوطن فإذا نجت نجونا جميعا، وإذا غرقت، لا قدر الله، فلن ينجو أحد، وعلينا كمواطنين الترشيد فى نفقاتنا وعدم إهدار الأموال فى الرفاهيات حتى تعود السوق والأسعار للمعدلات الطبيعية، وبإذن الله ستمر هذه المحنة وسيعود اقتصادنا لمعدلات نموه العالية مرة أخرى، فالاقتصاد المصرى أساسه قوى ودعائمه راسخة والإصلاح الذى جرى عليه مؤخرا وقاه شر تلك الهزات العالمية العنيفة، بالفعل سيتأثر مثله مثل باقى اقتصادات العالم لكنه بفضل الله لن يسقط بل سيعود ليواصل طريق الإصلاح والبناء بإصرار أبنائه وحفظ المولى عز وجل.