محمد فاروق
فى هذه الحياة، يتحلى الأشخاص بصفات معينة تعيش داخلهم طوال حياتهم، وكذلك تتصف الأماكن والبلدان بسمات محددة تبقى خالدة معها مرتبطة بها طوال تاريخها.
والمولى عز وجل أنعم على مصر وحباها بسمات مميزة ونِعم كثيرة طوال تاريخها العريق الممتد من آلاف السنين، ولكن من أبرز هذه النعم هى نعمة الأمان، فمصر دولة عريقة ضربت بجذورها الراسخة فى أعماق التاريخ، وطوال هذا التاريخ سكن الأمان أراضيها وانتشر فى جميع ربوعها ولم يفارقها وكأنه استوطن فى هذه البقعة الطيبة من الأرض لينعم به أهلها وكل من يقصدها من الخارج.
وبغض النظر عن صحة أو خطأ ذلك اقتصاديا، فسمة مصر التى تميزها عن أى مكان آخر فى العالم كله أنها دولة لا تنام، تواصل الليل بالنهار، شوارعها عامرة بالبشر بالنهار، لامعة متألقة ممتعة نابضة بالحياة بالليل، لدرجة أن الكثير من المحلات وخاصة محلات الطعام لا تعرف معنى إغلاق أبوابها، هذا إن كان لها أبواب من الأساس، كل هذا بسبب المنحة الربانية التى وهبها الله تعالى لهذا البلد وهى الأمان.
فالقادم لها يشعر بألفة وراحة بمجرد دخوله أراضيها، يسير فى شوارعها ويجوب دروبها ليل نهار بمنتهى الأمان والطمأنينة.
ومصر هى أول مكان يأتى فى بال أى مواطن عربى يصيب الضرر بلده، ومصر هى الحصن والأمن لكل من يقصدها هاربا من الأوضاع السيئة فى وطنه، وأهلها سرعان ما يحتون هؤلاء الغرباء الذين يشعرون سريعا بأنهم من أبناء هذا الوطن العظيم وأنهم بين أهلهم.
وهذه السمة ليس لها علاقة بالوضع الاقتصادى، فمهما كانت الظروف الاقتصادية قاسية والأحوال صعبة، تبقى صفة الأمان منتشرة فى كل ربوع مصر، فمع عصور الرخاء.. الأمان موجود، ومع عصور الشدة.. الأمان حاضر، حتى فى أوقات الحروب التى مرت بها مصر، ظل المصريون آمنين فى وطنهم متمسكين بالتواجد فيه.
وخير دليل على ذلك، أنه خلال التوترات الأخيرة التى شهدتها منطقة الشرق الأوسط، كانت مصر الخيار الأول والملجأ الأساسى للجميع.
وخلال كل فترات التوتر التى شهدتها الدول العربية، كانت مصر هى بيت العائلة الكبير الذى يأوى الجميع.. أهل دول الخليج، العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، السودان، وغيرهم، فكل أبناء الوطن العربى عندما يريدون الأمان يقصدون مصر، عندما ينشدون الطمأنينة يتجهون لمصر، فمصر هى الملجأ والمقصد هى الأمن والأمان هى الدفء والطمأنينة، كانت وستظل دائما هكذا، فمصر اقترنت فى القرآن الكريم بالأمان، بسم الله الرحمن الرحيم “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”.
فعلى مر التاريخ، تختلف الوجوه ويختلف البشر، تتغير الظروف وتتبدل الأحوال ولكن يظل الأمان ساكنا مصر مستوطنا فى أراضيها ينشر الدفء والطمأنينة بين أبنائها وكل من تطأ قدمه هذا البلد الطيب الآمن.