الإيكونوميست المصرية
الاستثمار فى البنية التحتية المستدامة…..  غادة طلعت

الاستثمار فى البنية التحتية المستدامة….. غادة طلعت


تحليل: غادة طلعت

لا شك أن استدامة النمو الاقتصادى وتعزيز قدرة البنية التحتية على الصمود يشكلان مصلحة مشتركة لكل من القطاعين العام والخاص بمصر الحبيبة. بالرغم من أن الواقع العالمى الحالى الذى يشير إلى غير ذلك، فالنمو الاقتصادى العالمى يتسم بالضعف، ولا تزال مخاطر تدهور الأوضاع هاجسا ماثلا أمام الأعين. ويضاف إلى ذلك الخسائر التى يتكبدها كوكبنا من جراء تغير المناخ، وما يسببه من تقلبات فى المستقبل. وعلى الرغم من تأثرنا جميعا بهذه الظروف، فمن المعلوم أن البلدان النامية هى الأشد تأثرا بتباطؤ الاقتصاد الكلى وآثار تغير المناخ.
‎وتعود الاستثمارات فى البنية التحتية المستدامة بالنفع على الاقتصاد المصرى؛ فهى تسهم فى زيادة القدرة الإنتاجية، وترفع معدلات النمو الاقتصادى، فى حين تدعم قدرة مصر على الصمود فى وجه مخاطر تغير المناخ المستقبلية، بل ومكافحتها أيضا.
ووفقا لتقرير شرايين الحياة الصادر عن البنك الدولى والصندوق العالمى للحد من الكوارث والتعافى من آثارها، فإن صافى المنفعة من تشييد المزيد من البُنى التحتية القادرة على الصمود فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تبلغ 4.2 تريليون دولار؛ بواقع 4 دولارات عن كل دولار واحد مستثمر.
‎ولكن الحكومات تعانى من نقص القدرات المالية التى تمكنها من الوفاء بتلك الاحتياجات وحدها، ومن هنا، بات لزاما أن يلعب القطاع الخاص دورا أكبر للمساعدة على سد هذه الفجوة، لذلك يجب الاتجاه إلى قاعدة أصول الاستثمار طويلة الأجل، والتى تتضمن أصولا خاضعة لإدارة شركات التأمين، وصناديق المعاشات، وصناديق الثروة السيادية –
على سبيل المثال – أن يسهم كثيرا فى تمويل هذه المتطلبات.
‎هذه دعوة للتحرك؛ ثلاث ركائز أساسية تجعل مصر أكثر قدرة على الصمود.
‎أعتقد أنه هناك ثلاث ركائز أساسية يجب على القطاعين العام والخاص تناولها ليتمكنا معا من رأب هوة تمويل البنية التحتية على أن تكون مصرأكثر صمودا:
‎أولا، يتطلب منا الاستثمار فى البنية التحتية المستدامة إنفاق قدر أكبر من الأموال وبطريقة أفضل للنهوض بالاقتصاد المصرى. وإذا ما أقامت تلك البنية، يجب أن تكون مؤمنة بالقدر الكافى لحمايتها من الآثار المحتملة لتغير المناخ، مثل المخاطر المادية والانتقالية.
‎ثانيا، تعد مؤسسات الاستثمار، كشركات التأمين، فى الوضع الأمثل للالتزام بتمويل طويل الأجل للبنية التحتية، نظرا لطول المدى الزمنى للديون والالتزامات المستحقة عليها. وعلى الرغم من ذلك، تظهر الأرقام أن حصة مؤسسات الاستثمار فى إجمالى مشاركة القطاع الخاص فى تمويل البنية التحتية من الهزلان وثمة العديد من التحديات التى يتعين التغلب عليها للتشجيع على زيادة المشاركة؛ فمسألة زيادة التوحيد القياسى، على سبيل المثال، يمكنها أن تكون مفيدة. ولكن، يظل من بين التحديات الأكبر التى يواجهها المستثمرون قلة الفرص القابلة للتمويل من البنوك، وخاصة فى مجال البنية التحتية المستدامة.
‎وتتمثل الركيزة الثالثة فى الاستعانة بالشراكات الذكية بين القطاعين العام والخاص، التى تخفف من الضغوط الواقعة على الموازنة الحكومية، وهذه الشراكات، إذا أقيمت بصورة جيدة، يمكنها أن ترفع مستوى الكفاءة، وتحقق عوائد جذابة، وتمكن من المشاركة فى تحمل المخاطر بصورة فعالة. وفى هذا الصدد، فإن الاستعانة بنموذج مرجعى استرشادى يقوم على أفضل الممارسات لعمليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص من حيث شروط العقود وصيغها ستكون ذات قيمة كبيرة بالنسبة لجميع الأطراف – ولا سيما فى حالة مشاركة أحد بنوك التنمية متعددة الأطراف – وسينقلنا ذلك إلى فئة الأصول القابلة للتداول.
‎ضرورة أن تأتى الاستدامة فى صميم قرارات الاستثمار فى البنية التحتية
‎ونحن نؤمن أن الاستثمار المستدام له منطق اقتصادى مقبول، أن المعايير المرجعية البيئية، والاجتماعية، والمتعلقة بالحوكمة أسفرت عن تحسن فى ملامح العائدات المعدلة حسب المخاطر على الأجل الطويل.
‎فلا شك أن المخاطر التى يشكلها تغير المناخ هى مخاطر شاملة. ويجب علينا ألا نتردد فى فعل الصواب منعا لحدوث انهيار مناخى مفاجئ. ويجب على القطاعين العام والخاص أن يعملا معا يدا بيد. والاستثمار فى البنية التحتية المستدامة فرصة سانحة لتعزيز المرونة الاقتصادية والقدرة على الصمود فى مواجهة تغير المناخ، مع تعزيز الرخاء الداخلى للاقتصاد المصرى فى الآن نفسه.

Related Articles