الإيكونوميست المصرية
التحفيل ————————- بقلم : محمد فاروق

التحفيل ————————- بقلم : محمد فاروق


بقلم: محمد فاروق
الرياضة تهذيب للأخلاق وارتقاء بالنفوس وتقويم للسمات، نتعلم منها كيف نتعامل مع الفوز دون غرور أو إذلال للمهزوم، وكيف نتقبل الهزيمة دون غضب أو التقليل من شأن المنتصر، نتعلم كيف نبارك للفائز وكيف نشد على يد الخاسر، نتعلم كيف نتحلى بالروح الرياضية التى هى فى الأساس الهدف من ممارسة الرياضة.
ولكن حين ننظر لما يحدث اليوم خاصة بين جماهير قطبى الرياضة المصرية الأهلى والزمالك، فسنجد أنه عقب أى هزيمة لأى من الفريقين، حتى ولو لم يكن الفريق الآخر طرفا فيها، يبدأ ما يسمى بـ “التحفيل” على صفحات الفيسبوك بين المشجعين، وتستمر “الحفلة” لأيام وليال متتالية دون انقطاع، وبالطبع تنتقل حفلة الشماتة من الصفحات إلى الناس فى الأماكن المختلفة بين الأصحاب والأصدقاء والزملاء فى العمل والمدارس والجامعات والجيران والأهل وغيرهم.
وليت الأمر يتوقف عند ذلك، ولكن تتحول المناقشات إلى مناوشات وقد تصل إلى مشاجرات بالألفاظ وربما بالأيادى، ويقاطع الناس بعضهم البعض بسبب مباراة لكرة القدم.
لدرجة أن مشجعى الفرق صاروا يحملون هَم ما سيحدث لهم عقب الهزيمة من مشجعى الفرق الأخرى أكثر من الهزيمة نفسها.
فلماذا تحولنا لشعب يفرح ويسعد لحزن وألم الآخر؟ لماذا صارت كبوات الآخر سر نشوتنا؟
الإعلام يلعب دورا مؤثرا فى زرع هذه السمات الدخيلة علينا فى نفوس الناس، كما أن مسئولى الأندية أنفسهم يؤججون نار التعصب والفتنة بين الجماهير ويخلقون روح العداء بين الأندية، فترى اللاعبين فى الملعب وقد تحول ما بداخلهم من حماس محمود إلى غل مكروه، فما بالك بالجماهير.
كما أن إعداد البوستات صار مهنة يزاولها بعض الأشخاص وينشرونها على صفحات الفيسبوك ويتداولها الناس عند هزيمة فريق معين، أما عند هزيمة الفريق الآخر فيتم تداول البوستات نفسها ولكن بعد تغيير اللوجو الموجود على البوست، فهل هناك استخفاف بالعقول أكثر من ذلك؟
وليت المستوى الذى تقدمه الفرق يستدعى ذلك، لكن للأسف فإن اللاعبين يقدمون مستوى متدنيا مقارنة بما نشاهده حتى فى دوريات الخليج حديثة العهد بكرة القدم، أما إذا تحدثنا عن مستوى كرة القدم فى أوروبا فسنكتشف أننا نمارس فى بلدنا لعبة أخرى تحمل فقط اسم كرة القدم.
نحن مطالبون بالعودة إلى رشدنا وإعطاء كل شىء قدره وإنزال كل حدث منزلته، دون تضخيم أو تفخيم، فلا مانع من مشاهدة المباريات ولا مانع من تشجيع الفريق المفضل لدينا، ولكن بشىء من العقل والهدوء والاتزان، نفرح بحدود ونحزن بحدود، فلن تنفعنا هذه الساحرة المستديرة إذا قاطع بعضنا البعض بسببها، أو إذا فقد أحدنا حياته بسبب انفعال زائد أو حماس طائش.

Related Articles