فاطمة إبراهيم
أكد المصرفيون أن أهم ما يسعى إليه قادة القطاع المصرفى خلال السنوات المقبلة هو التوسع فى إنشاء البنوك الرقمية التى أصبحت اتجاها عالميا، لما لها من مميزات فى توفير الوقت والجهد والسرعة فى تقديم الخدمات المصرفية، وتواكب احتياجات الفئة الأكبر من المجتمع وهم الشباب.
وأشاروا لـ”الإيكونوميست المصرية” إلى أن الدولة كلها تتجه للمعاملات والمدفوعات الرقمية، موضحين أن البنوك الرقمية تمكن من تقديم منتجات إلكترونية تضمن عملية التحول إلى الاقتصاد غير النقدى، وتساهم فى تحقيق الشمول المالى، وتسهم فى جذب شرائح جديدة من العملاء التى تفضل هذه النوعية من الخدمات.
والبنوك الرقمية هى مؤسسات بنكية تتيح لعملائها إدارة حساباتهم، وإنجاز أعمالهم المتعلقة بحساباتهم عن طريق الاتصال بشبكة الإنترنت من أى مكان وفى أى وقت.
ويتحكم عميل البنك الإلكترونى فى حساباته، من خلال تزويد الخادم الإلكترونى بخدمات الإنترنت والتقنية البرمجية التابعة للبنك الإلكترونى، والحصول على اسم مستخدم وكلمة مرور سرية يستطيع عميل البنك الإلكترونى الدخول بهما إلى حسابه.
وقال أشرف القاضى رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد إن العلم كله يتجه حاليا نحو البنوك الرقمية، موضحا أن مصر تتجه إلى الحلول الرقمية، حتى أن أغلب البنوك تسعى إلى إنشاء بنوك إلكترونية، ومن ثم اتجهت البنوك إلى تطوير البنية التحتية، مشيرا إلى أن البنوك لديها حاليا محافظ إلكترونية، وأون لاين بانكينج، والإنترنت بانكينج، لأن هذا هو المستقبل للقطاع المصرفى.
وأضاف القاضى أن البنوك التى لديها بنية تحتية تكنولوجية عالية ستكون تكلفة إنشاء فرع إلكترونى أورقمى بها أقل بكثير من تكلفة إنشاء الفروع التقليدية، كما أنها توفر الوقت والجهد، وتوفر فى الناتج القومى، غير أن التحول للتكنولوجيا له بعض المخاطر، ولذلك وضع البنك المركزى محددات وضوابط وفقا للمعايير العالمية لحماية أمن المعلومات “الأمن السيبرانى” وبدون وجود هذه الحمايات لأمن المعلومات لايوافق البنك المركزى على منح رخصة للحلول الرقمية.
ولفت رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد إلى أن البنوك لابد أن تطور من نفسها لتواكب أحدث المنتجات لحماية الانظمة التكنولوجيا لديها.
وأشارت دراسة لصندوق النقد العربى إلى أن تقارير البنك الدولى أكدت أن الهجمات السيبرانية تتركز فى قطاع الخدمات المالية الذى شهد فى 2016 هجمات سيبرانية تفوق القطاعات الأخرى بنسبة 65% بما يمثل زيادة بنسبة 29% عن العام السابق عليه، موضحة أن تقديرات صندوق النقد الدولى 2018 لمتوسط الخسائر السنوية المحتملة من الهجمات السيبرانية، جراء هجمات فعلية فى 50 دولة حول العالم، قد يكون كبيرا بما يقدر بنحو 9% من صافى دخل البنوك على مستوى العالم، أو 100 مليار دولار، فى حال تشابه هذه الهجمات مع مثيلاتها السابقة.
وتوقعت الدراسة أنه يمكن أن تصل الخسائر إلى 3 أضعاف هذا المستوى، أو بين 270 إلى 350 مليار دولار، مشيرة إلى أنه نظرا لهذه المخاطر ومدى أهمية تعزيز قدرة الأجهزة المصرفية على تحمل هذه المخاطر والتحوط منها، اتخذت السلطات الرقابية على مستوى العالم خطوات تنظيمية وإشرافية تهدف إلى تجنب أثر المخاطر السيبرانية على القطاع المصرفى.
وقامت المصارف المركزية العربية بإصدار التعليمات المصرفية التى تحث فيها البنوك صوب تعزيز قدراتها لمواجهة تلك الهجمات الإلكترونية.
من جهته قال يحيى أبو الفتوح نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى إن البنك الأهلى كان سباقا فى افتتاح أول فرع إلكترونى فى السوق المصرفية المصرية خلال الفترة الماضية، مما ساهم فى جذب عدد كبير من العملاء الجدد للبنك.
وأوضح أبو الفتوح أن الأكثر زيارة للفرع الإلكترونى الذى تم تدشينه مؤخرا كانوا فئة الشباب، وهى الفئة الأكثر استهدافا لهذه النوعية من الفروع الرقمية التى أصبحت اتجاها لدى بنوك العالم المتقدم، كما أنها ستصبح توجها فى السوق المصرية قريبا.
وأضاف نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى أن العالم كله يتجه للحلول الرقمية والخدمات الإلكترونية، ومن ثم فإن كل مايشغل القائمين على القطاع المصرفى هو التوسع فى المدفوعات الرقمية وإنشاء بنوك رقمية لأنها المستقبل.
وذكر أبو الفتوح أن ذلك هو اتجاه الدولة أيضا منذ إنشاء المجلس القومى للمدفوعات الذى يرأسه الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولذلك بدأت الدولة فى عمليات السداد الإلكترونى للمدفوعات الحكومية وخفض تداول الكاش، كما أن محافظ البنك المركزى يشجع البنوك على التحول الرقمى، والمدفوعات الرقمية، التى تشجع أيضا التجارة الإلكترونية.
وعن أهم مزايا البنوك الرقمية عبر الإنترنت، قال إنها تقدم طريقة دفع العملاء للكمبيالات المسحوبة إلكترونيا، وكيفية إدارة المحافظ المالية، وتحويل الأموال بين حسابات العملاء، مشيرا إلى أن البنك الأهلى المصرى يخطط لزيادة الفروع الرقمية التى لاقت إقبالا كبيرا إلى 75 فرعا فى غضون 3 سنوات.
وأوضح نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى أن خطة زيادة الفروع الرقمية تم وضعها لتعزيز التحول للخدمات المصرفية الرقمية، ومواكبة التطور الحاصل فى التكنولوجيا المالية، مشيرا إلى أن خطة البنك تهدف إلى الوصول بشكبة الفروع الرقمية إلى 25 فرعا فى ديسمبر 2020.
وفى السياق نفسه، أكد حازم حجازى نائب رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة أن الدولة كلها تتجه إلى الصيرفة الرقمية، والمدفوعات الإلكترونية، ومن ثم فإن البنوك حاليا تحرص على أن يكون لديها بنوك رقمية لتواكب العصر، حيث إن الفروع الرقمية توفر خدمة أسرع، كما أنها تجذب الجيل الجديد للتعامل مع هذه الفروع.
ولفت إلى أن المدفوعات الإلكترونية والإنترنت بانكينج توفر الوقت والجهد والتكلفة للبنك والعميل، ولذلك تتجه البنوك إلى تقديم كافة الخدمات المصرفية إلكترونيا، سواء فتح الحسابات والشهادات والإيداع عن الإنترنت بانكينج، والكروت، ومحفظة الموبايل، مشيرا إلى أن المجتمع كله يتجه للمدفوعات الإلكترونية، وخلال خمس أو ست سنوات سيكون التحول الرقمى هو الأساس.
وعن مخاطر التحول للبنوك الرقمية، قال نائب رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة إن مخاطرها منخفضة فكل العمليات تعتمد على الكود والرقم السرى، غير أن بعض العملاء فى التعاملات المالية الكبيرة يلجأون إلى الفروع التقليدية للتعامل المباشر مع موظف البنك لوجود الثقة بينهما، مشيرا إلى أن النوعين من الفروع سيكونان موجودين جنبا إلى جنب سواء الفروع الرقمية أو التقليدية.
واتفق عمرو جاد الله نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصرى العربى مع الأراء السابقة فى أن مايسيطر على قيادات الجهاز المصرفى هو التوسع فى الخدمات الرقمية والتكنولوجيا المالية، وتقديم المدفوعات والمعاملات المصرفية الإلكترونية، مشيرا إلى أن ذلك يرفع من الشمول المالى، وخفض التلاعب فى أرصدة العملاء، ويحسن من سرعة تنفيذ المعاملات المصرفية.
وأشار جاد الله إلى أن البنوك الرقمية هى المستقبل، فالبنوك التى لديها قاعدة تكنولوجية قوية تكون تكلفة إنشاء هذه الفروع بها منخفضة بالمقارنة بتكلفة إنشاء الفروع التقليدية، مشيرا إلى أن الفروع الرقمية لها انتشار أوسع على مستوى العالم حيث يمكن الوصول إلى عملاء من الخارج، وزيادة قاعدة العملاء.
ولفت إلى أنه كلما قل التدخل البشرى فى تنفيذ العمليات المصرفية كانت الخدمة أدق وأسرع وأسهل فى التسويق، مشيرا إلى أن البنوك لاتتجه إلى التحول الرقمى إلا إذا كان لديها الأمن المعلوماتى، ولديها احتياطيات قوية لصعوبة اختراق المجال لديها للقرصنة الإلكترونية.
تجدر الإشارة إلى أن البنك المركزى وضع الضوابط والتجهيزات الخاصة بمركز الاستجابة لطوارىء الحاسب الآلى للقطاع المصرفى، استعدادا لبدء العمل به قبل نهاية العام الجارى، ويستهدف المركز زيادة تأمين العمليات المصرفية الإلكترونية فى ظل التوجه المتزايد لإتاحتها أمام العملاء من جانب البنوك المحلية سواء عبر الإنترنت أو الهواتف الذكية، بجانب العديد من التعليمات المتعلقة بضرورة مراعاة قواعد التأمين ضد الاحتيال وقواعد مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب عند تطبيق الخدمات الإلكترونية الجديدة.
ويعد تدشين مركز الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلى جزءا من محور الأمن السيبرانى ضمن الإطار العام للاستراتيجية القومية للتحول لمجتمع أقل اعتمادا على النقد.
