فاطمة إبراهيم
عبر خبراء الاقتصاد عن تفاؤلهم بالعام الجديد، متوقعين أن يكون فرصة لانطلاق الاقتصاد المصرى بعد انتهاء المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادى بنجاح شهدت به المؤسسات الدولية.
وأشاروا لـ”الإيكونوميست المصرية” إلى أن عام 2020 سيتم فيه التركيز على الإنتاج مع مشاركة فعالة من جانب القطاع الخاص فى تحقيق التنمية الاقتصادية، وزيادة الصادرات، وخفض الاستيراد لتحسين الميزان التجارى.
وتوقع بنك استثمار هيرميس، فى تقريره السنوى، انتعاشة تدريجية لنشاط القطاع الخاص فى مصر خلال 2020، مع عودة أسعار الفائدة لمستويات قريبة إلى ما قبل تعويم الجنيه ووصول الإصلاحات الاقتصادية لنهايتها.
وذكر التقرير أن الاقتصاد المصرى على وشك دخول عامه الأول منذ 4 سنوات بدون أى شكل من أشكال التشديد فى الاقتصاد الكلى، وهو ما يفتح الباب لبيئة ملائمة للنمو الاقتصادى.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى أكثر من مناسبة، أن الدولة ترحب بالقطاع الخاص وتشجعه، وأن تدخلها المباشر فى الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة كان ضروريا حتى تقف الدولة على قدميها.
ودعا الرئيس السيسى القطاع الخاص لمشاركة الحكومة فى المشروعات المختلفة، والاستفادة من البنية التحتية التى نفذتها خلال السنوات الأخيرة لدفع أعمالهم والتوسع والاستثمار.
وقد عرض بنك الاستثمار «بلتون فاينانشيال» أحد أكبر بنوك الاستثمار فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رؤيته للاقتصاد المصرى لعام 2020، والتى تتسم بالإيجابية والجاذبية التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى.
وتوقع بنك الاستثمار استمرار نمو قطاع السياحة المصرى خلال العام المالى المقبل (2020 ــ 2021)؛ لتسجل مستوى تاريخيا جديدا يصل 16.4 مليار دولار مقارنة بـ 12.6 مليار دولار فى العام المالى الماضى (2019/2018)، و9.8 مليار دولار فى عام (2018/2017).
وأكد بلتون أن مصر مازالت تتميز باستمرارية تحسن مؤشرات اقتصادها الكلى ونمو الناتج المحلى الإجمالى بنسبة تفوق 5%، مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى المماثلة، وهو ما يزيد من جاذبية الاقتصاد المصرى والاستثمار فى أدوات الدين التى تصدرها الحكومة المصرية.
وأكد تقرير بلتون أن هدوء الضغوط التضخمية إلى جانب حالة الاقتصاد الكلى القوية، سيسمحان باستمرار دورة التيسير النقدى خلال الفترة الحالية، وستستمر بيانات سنة الأساس وقوة الجنيه فى دعم قراءات التضخم العام حتى نهاية العام، مما يحافظ على معدلات التضخم فى نطاق مستهدف المركزى عند 9% (±3%) بنهاية عام 2020، خاصة فى ضوء غياب أية صدمات سعرية متوقعة.
من جهته قال حسين رفاعى رئيس مجلس إدارة بنك قناة السويس إن عام 2020 يمثل انطلاقة قوية للاقتصاد المصرى إذا استمر الاقتصاد فى تحقيق وجنى مكاسب المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادى والمتمثلة فى تراجع معدلات التضخم وتحسن قيمة الجنيه مقابل الدولار، مشيرا إلى أن الجنيه استعاد قوته أمام الدولار الأمريكى خلال العام الماضى.
وشهد سعر الدولار أمام الجنيه تراجعا ملحوظا فى البنوك منذ بداية عام 2019، لينخفض بنحو 181 قرشا، بنسبة 10.1%.
وأضاف رفاعى أن مصر مرت بتجربة ناجحة اقتصاديا تتم دراستها حاليا فى دول أخرى نظرا لما حققه الاقتصاد من رفع معدلات النمو والسيطرة على معدلات التضخم وخفض معدلات الفائدة.
وأشار رئيس مجلس إدارة بنك قناة السويس إلى أن خفض البنك المركزى أسعار الفائدة أكبر دليل على إعادة توجيه التمويل للقطاع الخاص بعد سنوات من التوقف، إذ إن الدولة تقود قاطرة التنمية عبر المشروعات الكبرى القومية، وتوقع مزيدا من خفض الفائدة الفترة المقبلة.
وأكد رفاعى على ضرورة أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من النمو فى القطاع السياحى، مع تحسن فى الميزان التجارى خاصة عبر زيادة الصادرات وانخفاض الواردات.
من جانبه اعتبر طارق متولى نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا عام 2020 بداية انطلاقة للاقتصاد المصرى بعد نجاح المرحلة الأولى من الإصلاح المالى والاقتصادى، وتهيئة البنية التحتية، وتحقيق معدلات نمو سجلت نحو 5.8%، مشيرا إلى أن المرحلة الثانية للإصلاح هى الأهم والأقوى والتى تركز على الاستثمار، والتوظيف حتى يلمس المواطن آثار المرحلة الأولى للإصلاح.
ولفت متولى إلى أنه مع زيادة الاستثمارات سواء المحلية والأجنبية ترتفع الدخول، ويزيد الإنتاج، وبالتالى تزيد الصادرات وتنخفض الواردات، وينقص العجز فى الميزان التجارى، وترتفع التدفقات من النقد الأجنبى، ومن ثم تتعافى قيمة الجنيه ويتراجع مستوى الأسعار، ويرتفع مستوى معيشة الأفراد.
وكانت وزارة التجارة والصناعة قد أعلنت ارتفاع الصادرات المصرية غير البترولية بنسبة تقارب 3% خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجارى مقارنة بنفس الفترة من عام 2018. وأضافت وزارة التجارة والصناعة أن الصادرات غير البترولية سجلت خلال أول 9 أشهر من العام الجارى 19 مليارا و201 مليون دولار مقابل 18 مليارا و708 ملايين دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى.
ونوه نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا إلى أن المرحلة الماضية ركزنا على جذب استثمارات الأجانب فى أدوات الدين “الأموال الساخنة” لكن المرحلة الثانية للإصلاح يجب أن تركز على جذب الاستثمارات المباشرة، وزيادة معدلات الإنتاج الصناعى والزراعى، بدلا من الاعتماد على الاقتصاد الذى يعتمد على دخل السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين من الخارج.
وتابع متولى أن الصين لم تكن لتنافس أمريكا بدون إنتاج، فالمرحلة المقبلة يجب أن تركز بالمقام الأول على الإنتاج والتصدير، منتقدا ضعف معدلات الصادرات المصرية التى بلغت نحو25 مليار دولار، فى حين أن دولة مثل فيتنام تصدر بـ 100 مليار دولار سنويا.
وشدد نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا على عدم مزاحمة الدولة للقطاع الخاص والتى تعد أهم أسباب إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار، مشيرا إلى أن الاستثمار الأجنبى لن يتدفق إلى السوق المصرية إلا إذا تحسن مناخ الاستثمار وتم حل مشاكل الاستثمار المحلى.
وأكد متولى على ضرورة وضع خطة زمنية ومحددة بتوقيت وأرقام مستهدفة لزيادة حجم الصادرات المصرية، ومتابعة تنفيذ ذلك.
من جانبه ذكر الدكتور رشدى صالح الخبير المصرفى أن المؤشرات تدلل على أن عام 2020 سيكون انطلاقة للاقتصاد المصرى، حيث التركيز على الصناعة والإنتاج، والاهتمام بالتمويل العقارى، ودعم وتمويل السياحة وكلها أنشطة حيوية تم ضخ تمويلات فيها لزيادة الإنتاجية، وتحقيق التنمية الاقتصادية، لرفع مستوى معيشة الأفراد.
وكانت الحكومة والبنك المركزى قد أطلقا مؤخرا مجموعة مبادرات لتمويل المصانع بقيمة 100 مليار جنيه بفائدة مخفضة، وأخرى للعملاء المتعثرين، وثالثة لدعم التمويل العقارى، ورابعة للسياحة والفنادق.
وأشار صالح إلى أن المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادى ركزت على الجانب النقدى، والمرحلة الثانية سوف تركز على الجانب الإنتاجى، لافتا إلى أن مبادرة تسوية المصانع المتعثرة، والسعى لتشغيل المصانع المغلقة، يدعم التنمية وتشغيل العمالة ويولد دخولا لشراء السلع والخدمات وخلق سوق إنتاجية، فضلا عن زيادة الصادرات وخفض الواردات وتحسين وضع ميزان المدفوعات.
وقال الخبير المصرفى إن تنشيط القطاع العقارى يرتبط بأكثر من 100 حرفة ومهنة، بما يساعد على خفض معدلات البطالة، والفقر، وتحسين مستوى دخول الأفراد.
