الإيكونوميست المصرية
التعليم للتنمية ——— بقلم: د. محمد القليوبى

التعليم للتنمية ——— بقلم: د. محمد القليوبى


بقلم: د. محمد القليوبى
رئيس قسم إدارة الأعمال
وعضو هيئة التدريس بالكلية الكندية الدولية
استشارى التطوير المالى والإدارى

حتى نتمكن من تحقيق أهداف التنمية فإن لهذا متطلبات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية ينبغى الوفاء بها، والموجه لنا فى هذا الأمر هو الإطار العلمى أو المعرفة الإدارية التى تلزم لإنجاح عملية التنمية، وهذه العملية تخلق عن طريق إطار علمى تخطط له الدولة، إذ تتطلب التنمية تغييرات جوهرية فى نظم التعايش داخل المجتمع ليكون قادرا على مواجهة احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأول خطوة فى التنمية تقتضى منا رسم إطار واسع للتنمية يقوم على أساس الإجابة على الأسئلة التالية:
• ما حاجة الدولة؟
• كيف يمكن تحقيقها؟
• ما إمكانيات الدولة المادية والبشرية لتحقيق هذه الحاجة؟
• مدى فعالية الحلول المقترحة؟
• مدى صلاحيتها للتنفيذ؟
• ما انعكاسات التنفيذ على قطاعات المجتمع المختلفة؟
والتحديث المرغوب والمطلوب هو تحقيق التنمية بمعناها الشامل والواسع والعميق والمتعدد الجوانب وتحديث كافة أجهزة الدولة، وإعداد البشر والأجيال والمجتمع وما يتطلبه ذلك من تضافر كافة قطاعات الدولة الاقتصادية والإنتاجية والبشرية بنظرة شاملة تتضمن أيضا السياسة الخارجية والداخلية والأمن والإعلام والثقافة وغيرها، ولن يتمكن أى مجتمع من تحقيق أهدافه التنموية،‏ ومواجهة متطلبات المستقبل،‏ إلا بالمعرفة والثقافة والخبرة،‏ والطريق إلى ذلك هى العلم والتعليم، ولا شك أن الجامعة من أهم مؤسسات صناعة العلم ومن أهم منظمات نشره وتوصيله إلى الجميع كل بحسب خصائصه وملكاته وظروفه وإمكاناته، والحديث عن العلم والتعليم يعنى الحديث عن المستقبل،‏ ذلك أننا نعد للمستقبل،‏ ومن ثم لابد من أن نتطلع إلى هذا المستقبل وأن نعد العدة لملاحقة تغيراته ومسايرة التطور، ليس ذلك فقط بل محاولة التحكم فيه.‏
من هنا أصبح من الضرورة أن نوجه الجهود لمؤسسات التعليم العالى للإعداد الإنسان وتهيئته لتحمل مسئولياته الحالية والمستقبلية تجاه نفسه والمجتمع،‏ وذلك بإمداده بالمهارات العلمية والعلوم الأساسية والمعارف المحدثة اللازمة، كما أن نظام التعليم العالى المصرى لا يخدم جيدا الاحتياجات الراهنة، وإنْ لم يحدث إصلاح واسع النطاق فسوف يحول دون التقدم الاقتصادى والاجتماعى فى مصر، وقد أجرت الحكومة المصرية، من أجل بناء الوطن وتحديثه، محاولات إصلاحية لسياسات الاقتصاد الكلى بهدف اجتذاب الاستثمار الأجنبى المباشر، وللسياسات النقدية شملت تعويم الجنيه المصرى، وضريبية، وتحرير التجارة بما فى ذلك خفض التعريفات وعقد اتفاقات تجارية دولية، وإصلاح القطاع العام بما فى ذلك خصخصة الشركات المملوكة للدولة.
ويظل نظام التعليم العالى فى حاجة إلى إعادة بناء فى هذا السياق، ولا يزال إنتاجه موجها إلى حد كبير نحو اقتصاديات الماضى، وتعبر توقعات المجتمع المحلى منه عن فهم لدوره عفى عليه الزمان، وثمة حتمية لإجراء إصلاح جوهرى لنظام التعليم العالى المصرى.
وعلى الرغم من الترتيب المتدنى المستمر فى مؤشر التنافسية العالمى لجمهورية مصر العربية فإنه يمكن التغلب على تلك المشكلة، بصفة خاصة مع تحليل أسباب ذلك التدنى والذى يظهر تقرير التنافسية العالمية الوزن النسبى للأسباب المختلفة، والذى ظهر فيه أن حوالى 15% من أسبابه لعدم ثبات السياسات العامة، و9% ترجع لعدم وجود قوى عاملة متعلمة ومؤهلة لتولى زمام الأعمال داخل البيئة سواء الاقتصادية أو الإدارية، وهنا يجب التركيز على كيفية التخطيط لصنع سياسات متوافقة مع الأهداف العامة للدولة المصرية وفى ظل معايير جودة التعليم العالى، وتنطلق من فلسفة أساسها أن الجودة وسيلة وليست غاية، تلك الغالية التى يتم الوصول إليها من خلال القياس المستمر لنتائج التطبيق بهدف الاستدامة والتحسين المستمر، وهذه محاولة للتغلب على مشكلتين رئيستين، الأولى هى ضعف نسب مؤسسات التعليم العالى الحاصلة على اعتماد الجودة بعد تسع سنوات من التطبيق حيث بدأ التفعيل للجان التدقيق والاعتماد عام 2009، والمشكلة الثانية هى القناعة الحالية للكثير من مؤسسات التعليم العالى أن الحصول على اعتماد الجودة هو غاية يمكن تحقيقها من خلال ترتيب وتنظيم بعض الأوراق حسب المتطلبات دون الالتفات إلى ترسيخ روح الجودة داخل المؤسسة، حتى أن الكثير من السادة أعضاء هيئات التدريس والهيئات المعاونة يتعاملون مع هذا الأمر على أنه عبء عمل إدارى ليس له دلالة مباشرة على سريان العملية التعليمية.

Related Articles