الإيكونوميست المصرية
الساحل الشمالى وفكر العبار…بقلم: أشرف الليثى

الساحل الشمالى وفكر العبار…بقلم: أشرف الليثى

أشرف الليثى

هناك أشخاص كثيرون أفكارهم تسبق أفكار الحكومات بمسافات طويلة، وليس عيبا أن تقتبس الحكومات من أفكار هؤلاء خاصة إذا كانت فى النهاية تصب فى المصلحة العامة.
والمثال الذى أمامنا اليوم لرجل الأعمال الإماراتى محمد العبار والذى لديه استثمارات ضخمة فى مصر خاصة فى منطقة الساحل الشمالى التى يرى أنها أفضل منطقة جاذبة للاستثمار على مستوى العالم، بل يصنفها بأنها أجمل منطقة فى العالم، وتشعر كأنه عاشق ومتيم فى حب منطقة الساحل الشمالى.
محمد العبار يردد دائما: كيف لمنطقة بهذا السحر والطقس الأسطورى وتلك المناظر الخلابة لا تستغل إلا ثلاثة أشهر فقط فى العام؟ وكيف لا يتم تسويقها عالميا لجذب ملايين السائحين من مختلف دول العالم طوال العام؟ وقرر من جانبه أن يقوم بمبادرة فردية – وأرى أنها ذكية جدا- كى ينشط منطقة الساحل الشمالى لمدة خمسة أشهر بدلا من ثلاثة أشهر كبداية لخطة تستهدف تنشيط المنطقة طوال العام، قرر إعفاء المحلات والكافيهات فى “مراسى”، التى يمتلكها العبار بصفته رئيسا لشركة “إعمار” التى تمتلك هذا المنتجع الفخم، من رسوم الإيجارات الشهرية خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر وكذلك إعفاءهم من رسوم المياه والكهرباء، وذلك لتشجيعهم لمد فترة نشاطهم لتنتهى بنهاية أكتوبر بدلا من أغسطس، بل وقدم أسعارا مخفضة فى الفنادق داخل “مراسى” لتصبح الليله بمائة دولار فقط أى بما يوازى خمسة آلاف جنيه تقريبا لتشجيع النزلاء على السفر لمراسى فى الساحل الشمالى خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر.
وأعلن العبار أنه فى حالة نجاح تلك التجربة، سيقوم بمد تلك الفترة العام القادم لتصبح أربعة أشهر بدلا من شهرين، وذلك كمرحلة أولية لجذب السياحة فى تلك المنطقة طوال العام.
قد يعتقد البعض أن العبار ضحى بمردود دخل الإيجارات والتخفيضات الكبيرة فى الفنادق وتقديم الكهرباء والمياه مجانا للمحلات خلال هذين الشهرين، ولكن فى الحقيقة فى المحصلة النهائية سيكون رابحا أضعاف قيمة تلك التخفيضات، لأنه سوف يضمن استمرار نشاط هذا المنتجع الجميل الراقى لأطول فترة فى العام، وربما يصل خلال عامين أو ثلاثة على الأكثر لتشغيله طوال العام.
المسئولون فى مصر يحاولون منذ فترة طويلة البحث عن وسائل جذب لاستمرار النشاط فى الساحل الشمالى لأكبر فترة ممكنة بدلا من الثلاثة أشهر فقط التى يعمل فيه الآن وباقى شهور السنة يصبح مهجورا تماما، لماذا لا يتم استعارة تجربة العبار فى تشغيل جميع المحلات والفنادق فى الساحل الشمالى، وإعفاؤها من كافة الإيجارات ورسوم الكهرباء والمياه لمدة عامين أو ثلاثة حتى تدور العجلة؟ وبعد ذلك افرض الرسوم التى تريدها.
لماذا لا تلجأ الحكومة إلى منح الإعفاءات المؤقتة للأنشطة المختلفة فى مناطق أخرى غير الساحل الشمالى فى الصعيد وفى مناطق نائية وفى سيناء كى يدب النشاط فى تلك المناطق وكى تدور عجلة الإنتاج؟ ثم بعد ذلك أوقفوا هذه الإعفاءات.
نحن فى حاجةٍ للتفكير خارج الصندوق فى أمور كثيرة، وفى حاجةٍ أكثر للفكر الاقتصادى الحر الذى يخطط للمدى البعيد ولا ينظر تحت قدميه فقط.
وزير المالية مطالب بأن يعدل من خططه لتحصيل عائدات الضرائب المتبعة حاليا، واستبدالها بتخفيف الرسوم الضريبية كى يزيد النشاط ويمنع التهرب الضريبى ويتقدم كل ممول بسداد ما عليه بسهولة ويسر وعن طيب خاطر.
نحتاج لأن يصبح فكر الحكومة فى سرعة فكر رجال الأعمال بدلا من الفكر الروتينى النمطى الذى ربما يحقق مكاسب ضئيلة فى المدى القريب، ولكن بالتأكيد خسائره ضخمة على المدى البعيد.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *