فاطمة إبراهيم
تدرس ثلاث مؤسسات مالية دولية المشاركة فى برنامج السندات الخضراء الذى يعتزم البنك التجارى الدولى تنفيذه كأول إصدار للقطاع الخاص وأبدت ترحيبها المبدئى فعليا.
وشملت الكيانات الثلاثة مؤسسة التمويل الدولية، والوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك الأوروبى للإعمار والتنمية.
كما نجحت وزارة المالية فى إصدار أول طرح للسندات الخضراء السيادية الحكومية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقيمة 750 مليون دولار لأجل خمس سنوات بسعر عائد 5.25%، بما يضع مصر على خريطة التمويل المستدام.
وجذب هذا الإصدار قاعدة جديدة من المستثمرين بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وشرق آسيا والشرق الأوسط بنسب 47%، 41%، 6%، 6% على التوالى.
ومصر لديها محفظة من المشروعات الخضراء المؤهلة بقيمة 1.9 مليار دولار، منها 16% فى مجال الطاقة المتجددة، و19% للنقل النظيف، و26% للإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحى، و39% للحد من التلوث والسيطرة عليه.
فما السندات الخضراء؟ وكيف تختلف عن نظيرتها التقليدية؟ وما المزايا المتحققة من طرح السندات الخضراء؟ وما المشروعات التى تمولها السندات الخضراء؟ ولماذا تمت تغطية الاكتتاب بأكثر من خمس مرات؟
أكد المصرفيون أن السند الأخضر هو صك استدانة يصدر للحصول على أموال مخصصة لتمويل مشروعات متصلة بالمناخ أوالبيئة، والسندات الخضراء تتيح لمصدريها الوصول إلى مستثمرين جدد، وهو ما يجعل هؤلاء المصدرين أقل اعتمادا على أسواق معينة.
وأكد محمد معيط وزير المالية أن هذا الإصدار شهد إقبالا كبيرا من المستثمرين؛ حيث تجاوزت طلبات الشراء حجم الإصدار المعلن “500 مليون دولار” بما يعادل 7.4 مرة، وتخطت الحجم المقبول 750 مليون دولار، بما يعادل 5 مرات.
وقال وزير المالية إن الاكتتاب القوى على طرح السندات الخضراء السيادية الحكومية، المعلن عنه من القاهرة الذى وصل لأكثر من 3.7 مليار دولار، ساعد وزارة المالية على خفض سعر الفائدة على السندات المطروحة بنحو 50 نقطة أساس مقارنة بالأسعار الافتتاحية المعلن عنها عند بداية عملية الطرح.
وأضاف أن ذلك يعكس تزايد الطلبات على السندات الدولية الخضراء التى تطرحها مصر لأول مرة فى تاريخها، وتزايد ثقة المستثمرين فى الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية ومستقبل مصر والالتزام بسياسات التنمية المستدامة لمصر.
وكانت الوزارة قد اختارت فى فبراير الماضى بنوك كريدى أجريكول وسيتى بنك ودويتشه بنك وHSBC لإدارة الإصدار الذى سيكون الأول من نوعه فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأعربوا لـ”الإيكونوميست المصرية” عن توقعهم بأن تشهد السندات الخضراء رواجا وإقبالا من قبل القطاع الخاص فى مصر، نظرا لانخفاض العائد عليها بالمقارنة بأدوات التمويل الأخرى، كما أن الاتجاه العالمى يركز على المشروعات الصديقة للبيئة، وهى نوعية المشروعات التى تمولها هذه السندات.
ويعد هذا الإصدار جزءا من استراتيجية أوسع لإدارة الدين العام بدأت الحكومة المصرية العمل بها العام الماضى.
وتعتمد الاستراتيجية على تنويع أدوات الدين واستحداث أدوات جديدة مثل السندات الخضراء والصكوك المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، لتوسيع قاعدة المستثمرين.
وتعتمد أيضا على إحلال الديون الطويلة الأجل محل القصيرة بغرض خفض الفوائد السنوية للديون لتبلغ 20% إلى الناتج المحلى الإجمالى بنهاية الاستراتيجية مع بلوغ متوسط أجل الدين 3.5 سنة مقابل متوسط حالى يبلغ 1.7 سنة.
وتستهدف كذلك خفض الدين العام لمصر إلى نحو 80% – 85% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية العام المالى 2021- 2022.
طارق متولى نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا قال إن السندات الخضراء نوع من أنواع التمويل متاح عالميا، هدفه مساندة المجتمعات التى تحافظ على البيئة، وتعد السندات الخضراء سندات ذات دخل ثابت شبيهة بأدوات الدين التقليدية ولكنها تخصص أموالها للاستثمار فى مشروعات المحافظة على البيئة ومكافحة التغير المناخى.
وأشار إلى أن إقبال المستثمرين على الاكتتاب فى أول إصدار للسندات الخضراء بسبب أن الطرح كانت قيمته منخفضة، ولكن تغطيته أكثر من مرة يرجع إلى الثقة فى الاقتصاد المصرى حيث تكرر ذلك فى إصدار الصكوك، والسندات الدولية، التى تم تغطيتها أكثر من مرة.
وأضاف أن الإقبال على الاكتتاب فى السندات الخضراء أو غيرها من مصادر التمويل المختلفة يرجع إلى الثقة فى قدرة مصر على الالتزام بسداد الاستحقاقات المالية الخارجية، مشيرا إلى أن الدولة تسعى إلى تنويع مصادر التمويل طويل الأجل والوصول إلى شريحة جديدة من المستثمرين.
وتوقع متولى رواج ونشاط طرح السندات الخضراء من قبل القطاع الخاص، والمؤسسات المالية، والبنوك نظرا لأنه يتواكب مع المتغيرات العالمية التى تركز على الحفاظ على البيئة والاقتصاد الأخضر، لاسيما أنه أرخص من التمويلات الأخرى.
وقال إنه من ضمن أهم المشروعات التى يمكن إصدار سندات خضراء لتمويلها، مشروعات الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة والإدارة المستدامة للنفايات، والاستخدام المستدام للأراضى، والنقل النظيف، والإدارة المستدامة للمياه، والتكيف مع تغير المناخ والمدن الجديدة.
وأضاف نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا إلى أن مزايا السندات الخضراء عن الأخرى التقليدية، أنها تتيح لمصدريها الوصول إلى مستثمرين جدد، وهو ما يجعل هؤلاء المصدرين أقل اعتمادا على أسواق معينة.
من جانبه قال كرم سليمان الخبير المصرفى إن السندات الخضراء تصدر لتمويل مشروعات ذات طبيعة معينة لتحقيق التنمية المستدامة فى الصحة والتعليم والبيئة، مشيرا إلى أن طرح الحكومة للسندات الخضراء يعنى أنها تسير وفقا للنهج العالمى الذى يحافظ على البيئة.
وأشار إلى أن هذه السندات الخضراء تستهدف المشروعات التنموية، وتتميز بعائد منخفض على التمويل، مشيرا إلى أن ميزة هذه السندات أنها تخضع للرقابة ومن ثم يجب استخدامها فى نوعية المشروعات المحددة لها.
وأشاد سليمان بتوجهات الحكومة بالاقتراض من أجل تحقيق تنمية ومشروعات فعلية، وليس بغرض شراء سلع أو خدمات أو تمويل عجز الموازنة، لافتا إلى أن طبيعة المشروعات التى يتم تمويلها من خلال السندات الخضراء لا تدر عائدا، ولكن مردودها إيجابى على الصحة والتعليم وخلق بيئة نظيفة بدلا من الإنفاق على العلاج.
وقال إن البنك التجارى الدولى لديه برنامج منذ خمس سنوات للبيئة والتنمية واتجاهه لطرح سندات خضراء يتوافق مع البرنامج الذى يطبقه، لافتا إلى أن العديد من الكيانات التى يتوافر فيها شروط طرح السندات الخضراء سوف تتجه لها نظرا لانخفاض تكلفتها كما أنها تسعى للحفاظ على البيئة.
ولفت سليمان إلى أن الحكومة تسعى جاهدة للمواءمة بين آجال مصادر التمويل واستخداماتها، كما أن هذه السندات تجتذب مستثمرين من القطاع الذى يركز على الاستثمارات المستدامة والمسئولة والمستثمرين الذين يجعلون المعايير البيئية والاجتماعية وتلك المتصلة بالحوكمة جزءا من تحليلهم الاستثمارى.
كما تساعد السندات الخضراء أيضا، على زيادة الوعى بالبرامج البيئية للمصدرين، حيث يقول البنك الدولى: إنه تبين أن السندات الخضراء أداة فاعلة فى زيادة الوعى وفتح حوار موسع مع المستثمرين بشأن المشروعات التى تساعد على التصدى لتحدى تغير المناخ وغيره من التحديات البيئية.
وتابع أن السندات الخضراء جذبت المزيد من المستثمرين الذين يهتمون بالعوائد البيئية والمالية وتحسين التصنيف البيئى لمصر.