بقلم: محمد فاروق
فى الأوقات التى تعرضت فيها السياحة الخارجية لمصر لهزات واضطرابات سواء بسبب الإرهاب أو تعنت بعض الدول مع مصر أو غيرها من الأسباب، أدرك حينها الجميع الأهمية القصوى للسياحة الداخلية ودورها المحورى فى انتشال قطاع السياحة من دوامة الركود وإنقاذ القطاع بالكامل وجميع مستثمريه والعاملين به من الانهيار.
والسياحة ليست مجرد قطاع كثيف العمالة يعمل به نحو 2 مليون عامل، بل هى مشغل أساسى لحوالى 30 قطاعا آخر ومحرك رئيسى للاقتصاد المصرى.
والسياحة الداخلية وإن كانت لا تجلب الدخل نفسه الذى تحققه السياحة الخارجية، بخلاف العملات الصعبة، فإنها على الأقل تضمن عدم إغلاق المنشآت السياحية وتسريح العمالة المدربة، فالكل يعلم أن قطاع السياحة من القطاعات الحساسة جدا والتى تتأثر بأتفه الأحداث، ولو كان رأس المال جبانا فالسياحة أجبن بمراحل. لذا ستبقى السياحة الداخلية هى الضامن الأقوى لبقاء هذا القطاع الحيوى على الأٌقل مستمرا فى الأوقات التى تدير له السياحة الخارجية ظهرها.
ولكى نستثمر السياحة الداخلية خير استثمار، يجب تفعيل العديد من المبادرات السياحية الرامية لجذب المواطنين من خلال تقديم برامج سياحية مناسبة طوال العام، وخفض الأسعار سواء للفنادق والمنتجعات والنقل البرى والجوى.
ولابد من الترويج لتلك البرامج والوصول للمواطن بطرق مختلفة تتناسب مع كافة الشرائح من خلال وسائل الإعلام المتنوعة ووسائل التواصل الاجتماعى، والعرض بأسلوب سهل ومحدد بحيث لا يتعرض المواطن لهذا التشتت الذى يصيبه عند اختيار مكان رحلته السياحية، إلى جانب المصداقية فى العروض وعدم المبالغة أو عرض إغراءات وهمية أو تقديم أسعار غير حقيقة، بحيث فى النهاية يستطيع الفرد تحديد رحلته وفقا لرغباته وأيضا إمكانياته دون التعرض للغش أو الاحتيال، وعدم ترك المواطن فريسة فى أيدى السماسرة والتجار.
كما يجب تحديث بعض القوانين بهدف تشجيع الاستثمار فى قطاع السياحة وتقديم التسهيلات للمنشآت السياحية وتجهيز مناطق جديدة لتحفيز الأنشطة السياحية فى مصر، وتطوير المرافق الحالية وتوفير الوسائل الترفيهية وأماكن الإقامة المناسبة، إلى جانب تحسين أوضاع بعض الأماكن السياحية العريقة التى كانت تحمل تاريخا طويلا مميزا لدى المواطنين قبل أن يصيبها الإهمال والضرر، وخير مثال على ذلك منطقة فايد والإسماعيلية التى كانت مزارا لكل العائلات التى تريد قضاء أوقات هادئة على الشاطئ، أين صارت الآن؟ للأسف أصابها الإهمال وصارت مياه البحيرات المرة الكبرى والصغرى وبحيرة التمساح التى تطل عليها ملوثة بسبب مياه الصرف التى تلقى فيها دون معالجة سواء الصرف الصحى أو الصناعى أو الزراعى، مما دمر تلك البحيرات وتسبب فى انصراف المصطافين عنها وتركها مهجورة إلا من بعض المواطنين البسطاء الذين لا يدركون خطورة هذا الوضع، إلى جانب تدمير الثروة السمكية فى تلك المنطقة وتعرض المواطنين هناك للأمراض بسبب الأسماك الملوثة.
السياحة الداخلية كنز يجب عدم إهماله فى أوقات انتعاش السياحة الخارجية، حيث إن المواطن له الحق فى الاستمتاع ببلده طوال العام، فتنشيط السياحة الداخلية يعتبر فائدة عامة ستشمل الجميع دون استثناء، بداية من الفرد العادى مرورا بالشركات وأصحاب المنشآت السياحية والعاملين بالقطاع السياحى وكل القطاعات الأخرى المستفيدة من هذا القطاع الحيوى ووصولا إلى الدولة نفسها.