الإيكونوميست المصرية
الصندوق السيادى فرصة جديدة لاستثمار أصول الدولة

الصندوق السيادى فرصة جديدة لاستثمار أصول الدولة


كتبت: فاطمة إبراهيم
وافقت الحكومة المصرية على مشروع قانون لإنشاء صندوق سيادى باسم “صندوق مصر”، وقد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى من قبل لاستكمال حصر كافة الأصول غير المستغلة ووضع تصور متكامل حول سبل الاستفادة منها على الوجه الأمثل، بما فى ذلك الأصول التى تمتلكها الشركات، والمؤسسات التابعة للدولة، وذلك بهدف فض التشابكات المالية، وتحقيق الإدارة الرشيدة للأصول المملوكة للدولة واستغلالها على النحو الأمثل.
وكانت وزارة التخطيط أعلنت قبل أكثر من عامين على لسان الوزير السابق أشرف العربى، عزمها إنشاء صندوق لإدارة أصول الدولة برأسمال 5 مليارات جنيه خلال العام المالى 2015-2016.
أكد المصرفيون لـ”الإيكونوميست المصرية” أن إنشاء صندوق سيادى لمصر فى هذه المرحلة مهم جدا، لإدارة واستغلال أصول الدولة، ويعظم موارد الدولة، ويجب الاستفادة من تجربة النرويج، وصناديق إدارة المحافظ الداخلية فى أيرلندا، وصندوق خزانة ماليزيا.
‏ووافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بإنشاء “صندوق مصر السيادى”؛ لاستغلال أصول الدولة وتحقيق التنمية المستدامة برأسمال200 مليار جنيه، وتضمن قرار الحكومة بإنشاء الصندوق أن يكون له حق تأسيس صناديق فرعية بمفرده أو بالمشاركة مع الصناديق العربية، ويدير الصندوق وزارة التخطيط وعدد من الوزارات المعنية.‬
ومن أبرز أصول الدولة التى من المقرر أن تنضم إلى الصندوق السيادى الجديد، أملاك هيئة الأوقاف المصرية من الأراضى والمبانى، ومبانى وزارة الداخلية الموجودة فى مقر منطقة وسط البلد فى لاظوغلى، بالإضافة إلى المساهمات فى شركات التجارة “بنزايون” و”عمر أفندى” و”صيدناوى”، والقرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر الواقعة على مساحة 190 فدانا.
وتتضمن الأصول أيضا، قاعة النيل الواقعة على كورنيش النيل، والقصور الأثرية والمنازل والوكالات الإسلامية، وأرض شركة النصر للتعدين بمحافظة البحر الأحمر، ومركز تأهيل الأطباء، ومبنى البرلمان العربى، وأرض السرايا بالإسكندرية بمساحة 12.8 ألف متر مربع، وأرض جامعة دمنهور على مساحة 200 فدان بوادى النطرون، ومركز المنيا للمؤتمرات، ومبنى المجمع الثقافى ببورسعيد، و42 محلا بمنطقة محال معبد الكرنك، ودار أوبرا بورسعيد، ومحلات الممشى السياحى الجديد بالأقصر، والهيئة العامة للانتخابات، ومركز الصيانة النموذجى بمحافظة قنا على مساحة 5 أفدنة، ومركز تأهيل الأطباء، وأرض فضاء بمساحة 5.5 فدان بمحافظة قنا، وشركات قطاع الأعمال العام.
وأكد الدكتور محمود محيى الدين النائب الأول للبنك الدولى على أهمية تلك الصناديق السيادية فى دفع الاستثمار، مشيرا إلى أن مصر والدول العربية فى حاجة لرفع معدل الادخار إلى ما بين 25 و30%.
وأوضح محيى الدين أن معدل الادخار المحلى فى مصر بلغ نحو 6% خلال آخر عامين، وهو ما يحتاج لآليات حقيقية لزيادته، منوها إلى أنه لن يكون هناك معدل نمو بدون استثمار، ولن يكون هناك استثمار دون ادخار.
وأكد النائب الأول للبنك الدولى أن هناك تجارب جيدة يمكن تطبيقها فى مصر مثل مبادرة “حساب لكل طفل”، فالادخار لا يجب أن يكون مقصورا على الأفراد، بل يتعدى للهيئات العامة والحكومية. واقترح تأسيس صناديق سيادية للاستثمار تقوم بإدارة فوائض أموال الشركات الرابحة، قائلا إنه ينصح بالاستفادة من تجربة النرويج، وصناديق إدارة المحافظ الداخلية فى أيرلندا، وصندوق “خزانة” فى ماليزيا، كما أكد أن القطاع الخاص عليه التزام بالنسبة للادخار فى سندات وأوعية مختلفة.
من جانبها قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى إن صناديق الثروة السيادية تمثل مجموعة كبيرة ومتنامية من المدخرات على مستوى العالم، وقد قامت تلك الصناديق باستثمار العوائد من الثروات الطبيعية، مضيفة أن الأهداف طويلة الأجل للصناديق السيادية تتفق مع الاحتياجات الاستثمارية طويلة الأجل للبلدان النامية.
وأوضحت وزيرة التخطيط أن إنشاء هذا الصندوق السيادى المصرى يؤدى إلى تعظيم القيمة المضافة فى القطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال الشراكة مع شركات ومؤسسات عالمية، بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية المباشرة للاقتصاد المصرى كزيادة الاستثمار والتشغيل والاستغلال الأمثل لأصول وموارد الدولة إلى جانب تعظيم قيمة المشروعات العامة القائمة وتحسين البنية التحتية وإعطاء دفعة قوية للتمويل من أجل التنمية فى إطار رؤية مصر 2030.
وتابعت الدكتورة هالة السعيد أن إنشاء الصندوق يؤدى إلى تحسين وضع مصر التنافسى وخفض علاوة المخاطر مما ينعكس إيجابيا على وضع مصر الائتمانى السيادى ومن ثم خفض تكلفة خدمة الدين وبالتبعية المصروفات الحكومية وعجز الموازنة العامة.
وعن تفاصيل إنشاء الصندوق، كشفت وزيرة التخطيط أن هذا تم بموجب قانون خاص لتمكينه من العمل وفقا لمعايير واضحة، وأن رأسمال الصندوق بلغ 200 مليار جنيه، وذلك للتأكيد على قوة وحجم وملاءة الصندوق، أما رأس المال المصدر والمدفوع بالكامل فيبلغ مقداره 5 مليارات جنيه.
وقالت الدكتورة هالة السعيد إنه سعيا للوصول إلى التوازن بين سرعة اتخاذ القرار وصحته للحفاظ على المال المملوك للدولة، تم اقتراح عدة لجان بالصندوق أهمها لجنة الاستثمار والحوكمة والمراجعة الداخلية والمخاطر والاستحقاقات، وذلك على غرار الصناديق السيادية الأخرى التى تمت دراستها وقد تم ترك تشكيل وتحديد اختصاصات تلك اللجان للنظام الأساسى للصندوق.
وأوضحت أن الصناديق السيادية كانت فى بداية الأمر فائضا ماليا، لكنها أصبحت أصولا تستغلها الدول المختلفة، لافتة إلى اتجاه الدول النامية إلى هذه الصناديق لأنها تخدم رؤيتها وتعظم فوائدها.
وأضافت وزيرة التخطيط أن الصندوق سيدخل فى شراكات مع صناديق فرعية خاصة بجهات ومؤسسات عربية وإقليمية، متابعة أن الصندوق به مجموعة من اللجان، إضافة إلى توافقه مع المعايير الدولية للصناديق السيادية.
وذكرت أنه حينما يتم انتقال العمل إلى العاصمة الإدارية الجديدة، قد يكون هناك صندوق فرعى لاستغلال المبانى التراثية وتطويرها، مؤكدة أن مصر غنية جدا بأصولها التى لم تستغل بشكل جيد.
من جهته قال سعيد زكى عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى إن الصناديق السيادية تنشط الاستثمار، وتعمل على الترويج للمشروعات الجديدة، فضلا عن أنها تنشط سوق المال من خلال شراء أسهم فى الشركات لدى البورصة، لافتا إلى أن الصندوق السيادى دوره مهم جدا ومطلوب فى المرحلة القادمة.
وأكد زكى أن الصندوق السيادى يعتبر صانعا للسوق، ويعمل على تشجيع المستثمرين على الدخول فى الاستثمارات الجديدة، مشيرا إلى أن تواجد الصندوق يرسخ مفاهيم الحوكمة والشفافية من خلال خضوعه لقوانين الرقابة المالية، التى تراقب إدارة هذه الأصول وحسن استغلالها على عكس وجود الأصول فى جزر منعزلة لدى كل جهة.
وأضاف عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى أنه يساعد على حسن إدارة أصول الدولة من خلال رؤية قومية أوسع تتيح نقل الأصول غير المستغلة من جهة حكومية إلى أخرى تريد أن تتوسع وتحسن استغلالها، كما يستطيع الصندوق الاستثمار داخل البلاد وخارجها مما يعظم من نصيب الفرد فى الثروة، ويمكن للحكومة من خلال هذا الصندوق مشاركة القطاع الخاص وكذلك شراء حصص تملكها شركات أجنبية عاملة على أرض مصر.
فيما أفاد إسماعيل حسن رئيس مجلس إدارة بنك مصر إيران للتنمية سابقا بأن الصناديق السيادية تدخل مشترية للأصول والأسهم لضبط السوق فى حالة الانخفاضات الشديدة فى قيمة الأسهم الحكومية حتى لا تواصل تراجعها، مشيرا إلى أن دور هذا الصندوق السيادى مهم لاسيما أن كثيرا من الأسهم تنخفض دون مبررات.
وأضاف حسن أن الدولة تستطيع من خلال الصندوق الاستثمار فى القطاعات التى لا تجذب المستثمرين لكنها تظل ضرورية لدى المواطن وكذلك لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يمكن للدولة من خلال الصندوق ضخ استثمارات حال تراجع الاستثمار الخاص.
وقال إن الصندوق سيتولى القيام بكافة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما فى ذلك المساهمة فى تأسيس الشركات أو زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار فى الأوراق المالية المقيدة بأسواق الأوراق المالية وغير المقيدة بها وأدوات الدين وغيرها من الأوراق المالية داخل أو خارج مصر، والاقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية وإصدار السندات، وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، وإقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة التى يملكها أو يساهم فيها مع الغير.
وفى السياق نفسه، لفت رمضان أنور الرئيس التنفيذى ببنك الاتحاد الوطنى سابقا إلى أن الهدف من إنشاء هذا الصندوق هو إدارة أصول الدولة بالكامل، وتعظيم فوائض أصول الدولة، لتحقيق أقصى عوائد من الاستثمار سواء كانت هذه الاستثمارات فى الداخل أو الخارج.
وأوضح أنور أن هذه الخطوة جاءت متأخرة، فكثير من دول العالم تمتلك صناديق سيادية لحماية أصولها مثل ماليزيا وإندونيسيا واليابان ومعظم دول الخليج.
وذكر الرئيس التنفيذى ببنك الاتحاد الوطنى سابقا أن الهدف من إنشاء الصندوق السيادى لاستغلال أصول الدولة هو توفير احتياطى مالى لتمويل الخطط الاستثمارية سواء بقطاع البنية الأساسية أو القطاعات الصناعية الأخرى، وضمان الاستغلال الأمثل لأصول الدولة من الصندوق.
وأضاف أن توفير تمويل الصندوق سيتم من خلال الإيرادات السيادية للدولة مثل البترول والغاز وطرح القطاع العام فى البورصة بنسبة صغيرة.

Related Articles