فاطمة إبراهيم
وصف قادة الجهاز المصرفى عام 2022 بأنه عام التحديات والفرص، فمن التحديات تتولد الفرص، حيث إن الاقتصاد المصرى من المتوقع، طبقا لصندوق النقد الدولى، أن يصبح ثانى أكبر اقتصاد على المستوى العربى والأفريقى فى 2022، وذلك بقيمة 438.3 مليار دولار.
وتشير توقعات الصندوق إلى تحقيق مصر معدلات نمو تصل إلى 5.4 % خلال 2022.
وقال قادة الجهاز المصرفى لـ”الإيكونوميست المصرية” إن أهم التحديات أمام الاقتصاد المصرى فى العام الجديد، تتمثل فى انتشار المتحور الجديد أوميكرون، وما يترتب على ذلك من غلق العديد من دول العالم لحدودها، ومشاكل فى الإنتاج نتيجة سلاسل الإمداد، ليس ذلك فحسب بل ارتفاع معدلات التضخم على مستوى العالم واتجاه البنوك المركزية لرفع الفائدة مما يضغط على سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ومدى توافر العملة، والاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبى.
وأكدوا فى الوقت نفسه على وجود العديد من الفرص أمام الاقتصاد المصرى فى ظل تنفيذ العديد من المشروعات العملاقة، حيث إن الاستثمارات الحكومية المستهدفة ضمن خطة العام المالى الجديد 2021/2022، تبلغ 1.25 تريليون جنيه ستسرع من معدلات تنفيذ المشروعات القومية الكبرى، التى كلف بها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى ولا سيما المشروع القومى لتطوير القرى المصرية، مشيرين إلى أن هذه الاستثمارات ستنعش قطاعات الصحة والتعليم وتحمى الاقتصاد من التداعيات السلبية لكورونا.
وأفادت تقارير دولية بأن الاقتصاد المصرى يقود تعافى النمو فى منطقة جنوب وشرق المتوسط، مشيرة إلى أنه أصبح أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية، وأن الإصلاحات الاقتصادية التى تبنتها الدولة منذ عام 2016، ثم الإصلاحات الهيكلية التى تشرع فى استكمالها من خلال الموجة الثانية التى أعلنتها الحكومة مؤخرا، تعزز قدرة الاقتصاد المصرى على تحقيق تعافٍ شاملٍ ومُستدام.
من جانبه، أكد أشرف القاضى رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد أن التحديات التى تواجه الاقتصاد العالمى، وحالة التباطؤ التى تشهدها الاقتصادات الدولية نتيجة انتشار المتحور الجديد “أوميكرون” لها تأثير على الاقتصاد المصرى، حيث إن ذلك يولد ضغوطا على معدلات التضخم، وسعر صرف العملة، والاحتياطى النقدى، وكذلك معدل النمو فى الناتج المحلى الإجمالى.
وشدد على ضرورة تكاتف الدولة والجهاز المصرفى للعمل على الحد من الآثار السلبية على الاقتصاد المصرى والمواطن، لاسيما أن ذلك يؤثر أيضا على معدل الفائدة، ومعدل دوران الاقتصاد ككل.
وعن الفرص فى الاقتصاد المصرى، قال القاضى إن الاقتصاد القومى كبير الحجم، يصل عدد سكانه إلى أكثر من 100 مليون نسمة، وتوفير احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومسكن كفيلة بأن يتحرك الاقتصاد بمعدل دوران سريع دون انكماش، وهنا يأتى دور البنوك للتسريع من معدل تشغيل ودوران الاقتصاد وتحقيق النمو فى الاقتصاد القومى.
ولفت إلى أن حجم المشروعات الكبيرة التى تنفذها الحكومة تمثل فرصة كبيرة أيضا أمام البنوك، وغيرها من الصناعات وما تستوعبه من عمالة، وما يطرحه البنك المركزى من مبادرات لتوفير التمويلات لمحدودى ومتوسطى الدخل، وتنشيط وتحفيز الاقتصاد يمثل فرصة أمام الجهاز المصرفى فى زيادة حجم أعمال البنوك، وربحيتها.
ونوَّه رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد إلى أن هناك فرصة كبيرة أمام البنوك فى الاستثمار فى الصناديق الصغيرة والمتوسطة، وكذلك فى صناديق شركات “IT” والأفكار التى ينفذها رواد الأعمال التى تجذب المؤسسات الخارجية للشراكة بها.
من جهته، رأى حسين رفاعى رئيس مجلس إدارة بنك قناة السويس أن جائحة كورونا مازالت هى التحدى الأكبر ليس فقط أمام الاقتصاد المصرى، وإنما الاقتصاد العالمى ككل فى عام 2022، حيث إن أغلب دول أوروبا بدأت فى إغلاق حدودها مرة أخرى، والتشديد فى إجراءات السفر، وهذا يؤثر على الأسواق العالمية والمحلية.
وتساءل رفاعى عمَّا إذا كان التشديد فى الإجراءات الاحترازية سوف يستمر إلى ما بعد الاحتفال بالكريسماس وأعياد الميلاد أم أنه سيتم تخفيف هذه الإجراءات بعد الانتهاء من الاحتفال برأس السنة الميلادية، مشيرا إلى أنه لا يمكن عزل الاقتصاد المصرى عن الاقتصاد العالمى.
ولفت إلى أن بعض التحديات يتولد منها فرص أمام بعض القطاعات، حيث إن انتشار فيروس كورونا ساعد على انتشار المحافظ الإلكترونية، والاعتماد على الخدمات المصرفية الإلكترونية، واستخدام الموبايل بانكينج، والقنوات البديلة.
واتفق معه فى الرأى علاء فاروق رئيس مجلس إدارة البنك الزراعى المصرى فى أن الأحداث العالمية وانتشار فيروس كورونا وتأثير ذلك على حجم التبادل التجارى فى العالم، وما نتج عنه من تباطؤ عالمى فى نسب نمو كثير من الاقتصادات يؤثر بالطبع على الاقتصاد المصرى، ضاربا مثالا بمشكلة الرقائق الإلكترونية فى قطاع السيارات ومشكلة “أوفر برايس”، وكذلك أجهزة الكمبيوتر وغيرها.
ولفت إلى أن الاقتصاد المصرى أمامه فرصة ذهبية للنهوض بالنشاط الزراعى، والتصنيع الزراعى وزيادة فرص التصدير به، لاسيما أن هذا القطاع لا يعتمد على سلاسل الإمداد من الخارج، مشيرا إلى أن الدولة تركز فى هذه الفترة على سد احتياجاتنا وغلق الفجوة الغذائية.
وذكر رئيس مجلس إدارة البنك الزراعى المصرى أن قرارات البنك المركزى التى تصدر كل فترة تعزز الاقتصاد المصرى، حيث يضطلع الجهاز المصرفى منذ فترة بدور كبير فى تخطى الأزمات.
فيما قال فرج عبد الحميد نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد إن التحديات التى تواجه القطاع المصرفى عام 2022 تتمثل فى المنافسة الشديدة من الجهات غير المصرفية و”الفنتك”، حيث إن شركات الاتصالات تقدم خدمات مصرفية وهى جهات غير مالية، وكذلك شركات التمويل متناهى الصغر، مشيرا إلى أن البنوك إذا لم تتطور فى استخدام التكنولوجيا فى تقديم الخدمات المصرفية فسوف تتعرض لخسارة كبيرة.
و”الفنتك” هى تقنية حديثة ظهرت فى السنوات الأخيرة، مصاحبة لعديد من الوسائل التقنية والمجالات المالية، وهى اختصار لكلمة “Financial” وكلمة “Technology”، ليندمجا معا فى مصطلح واحد وهو “Fintech”، وهو ما يعرف بـ “فنتك” أو “التقنية المالية”.
وهى تعنى فى الأساس دمج المعاملات المالية، على أكثر من نطاق – سواء من ناحية الحجم أو المجال – مع البعد التكنولوجى والوسائل التقنية، لكى تسهل وتطور المعاملات المالية التقليدية لتصبح بأسرع شكل ممكن، وبأقل تكلفة ممكنة، وفى كثيرٍ من الأحيان تختصر الإجراءات الروتينية والقوانين المعتادة، والهدف الرئيسى من الفنتك هو الاعتماد على التكنولوجيا لتحسين التعاملات المالية التقليدية.
ولفت عبد الحميد إلى أن تنمية محافظ تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة للتوافق مع مبادرة البنك المركزى والوصول بها إلى 25% بدلا من 20%، وكذلك تخصيص 10% كحدٍ أدنى من محافظ البنوك للشركات الصغيرة خلال عامين تنتهى فى ديسمبر 2022، يعد أحد أهم التحديات خلال العام الجديد.
وتابع أن الموجة التضخمية المستوردة من الخارج تمثل تحديا آخر أمام الجهاز المصرفى، فالبنوك التى لم تتمكن من زيادة التمويلات المتاحة لعملائها لتخطى هذه الموجة بما يتواكب مع جداول التدفقات النقدية للعملاء سوف تواجه العديد من المشكلات.
وقد عدل البنك المركزى عددا من الضوابط الصادرة بشأن مبادرة البنك لتمويل الشركات والمنشآت الصغيرة بسعر عائد منخفض 5%، حيث رفع نسبة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من 20% إلى 25% من إجمالى محافظها، وتخصيص 10% كحدٍ أدنى من محافظ البنوك للشركات الصغيرة، خلال عامين تنتهى فى ديسمبر 2022.
وعن الفرص أمام الجهاز المصرفى خلال العام الجديد، أوضح نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد أن انتشار المتحور الجديد أوميكرون والركود الذى يتولد عنه فى بعض الأحيان يجعل البنوك تنمى خدماتها المصرفية لتعتمد على الأون لاين، وأن الخدمة المصرفية تصل للعميل بأقل تكلفة، وأسرع وقت، وأقل مجهود.
وأضاف أن الظروف التى يمر بها العالم حاليا خلقت فرصا أمام البنك المركزى لطرح مبادرات لإعادة هيكلة التسهيلات الائتمانية مع العملاء، والبنك يحقق ربحا من خلال الحصول على تمويلات بأسعار مدعمة من البنك المركزى ويحصل على الفرق بنسبة تصل إلى 3%، وهذا يساعد على تنمية محافظ البنوك وزيادة ربحيتها.
وأشار عبد الحميد إلى أن نقل البنوك للعاصمة الإدارية فى 2022 يمثل فرصة كبيرة لخلق مجالات أخرى لتمويل الشركات.
من جهته، رأى عادل صفوت نائب مدير عام قطاع المخاطر ببنك saib أن الفرص أمام الاقتصاد المصرى فى عام 2022 تتمثل فى زيادة الاهتمام بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، دون التركيز على الشركات العملاقة، لافتا إلى أن ذلك يتم من خلال المبادرات التى يطرحها البنك المركزى والتى يلزم البنوك بتنفيذها وفرض غرامات على من لا يلتزم.
وقال إن الهدف من دعم وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة هو عدم الاعتماد على الكيانات الكبيرة فقط، وتحفيز أصحاب الأفكار المبتكرة ورواد الأعمال وإتاحة فرصة جيدة لهم للتمويل، بما يدعم التنمية وتنفيذ المشروعات، مشيرا إلى أن البنك المركزى يقود الاقتصاد المصرى ويعطى دفعات قوية لتنشيط الاقتصاد.
أما عن تحديات عام 2022، فقال صفوت إن الاقتصاد المصرى الذى ليس بمعزلٍ عن العالم، وأنه سيتأثر بأزمة كورونا التى تسببت فى العديد من المشكلات فى الاقتصاد العالمى بالنسبة للمصانع وسلاسل الإمداد والسيارات وفترات الغلق التى تتسبب فى خفض الطاقة الإنتاجية على مستوى العالم.
من جانبه، قال عمرو سيف، الخبير المصرفى إن أحد التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى هو ارتفاع معدل التضخم كما فى أغلب دول العالم، ففى أمريكا فاق 6%، وإنجلترا 5%، وأوروبا 5%، ومن المتوقع أن تلجأ البنوك المركزية العالمية إلى رفع الفائدة فى عام 2022، فأمريكا أشارت فى آخر اجتماع للفيدرالى بأنها قد ترفع الفائدة على الدولار ثلاث مرات خلال العام الجديد.
وأضاف سيف أن رفع الفائدة على الدولار يمثل ضغطا على مواردنا من العملة الأجنبية، حيث قد يؤدى ذلك إلى سحب بعض الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة فى أذون الخزانة والسندات الحكومية، وهذه تدخل فى الحساب الرأسمالى لميزان المدفوعات.
وأشار إلى أن الحاجة أصبحت مُلحَّة لاستبدال الاستثمارات غير المباشرة فى أدوات الدين إلى استثمار مباشر فى شركات ومصانع، لاسيما أن أكبر ميزة يتمتع بها الاقتصاد المصرى هى زيادة حجم المشروعات الكبيرة، مما ساهم فى تحقيق معدلات نمو 5% خلال العام الجديد، و5.5% فى العام الذى يليه.
وقال سيف إن هناك فرصة كبيرة للتوسع فى المشروعات الإنتاجية، حيث إن أغلب النمو المُتحقق من مشروعات البنية الأساسية، لاسيما أن التوسع فى المشروعات الإنتاجية يعطى ميزة تصديرية وهذا يمنح ميزات لضبط ميزان المدفوعات وضبط الحساب الجارى.
وذكر أن هناك فرصة لزيادة إيرادات السياحة، وهذا يعد عاملا كبيرا لتحسين ميزان الحساب الجارى، ويقلل الضغط على العجز فى الموازنة العامة للدولة.