الإيكونوميست المصرية
المتشككون .. الفاسدون ——- بقلم: أشرف الليثى

المتشككون .. الفاسدون ——- بقلم: أشرف الليثى


بقلم: أشرف الليثى

|هل كلما ظهرت إنجازات للناجحين زادت أعداد المتشككين المحبطين وارتفعت أصواتهم، وكذلك الحال كلما زادت عمليات الإصلاح سواء الاقتصادى أو الاجتماعى أو السياسى زادت أصوات العجزة الفاشلون؟؟ مما لاشك فيه أن أى تغيير فى الأوضاع الحالية يهدد ويضر مصالح مفسدين تعودوا وتضاعفت ثرواتهم فى ظل حالة الهراء التى كنا نعيش فيها لفترات طويلة، وسنجدهم أشد المعارضين للتغيير بل سيقومون بتمويل حملات ضخمة للتشكيك فى جدوى سياسات الإصلاح أو يتهمون القائمين عليها بإهدار المال العام ويستميتون للحفاظ على الأوضاع السابقة التى تعتبر بيئة خصبة لانتعاش هؤلاء المفسدين.
أى نجاح ولو بسيط يتحقق يتسبب فى حالة هياج نفسى وعصبى لهؤلاء مثل شعاع النور الذى يدخل فى كهف مظلم عاش فيه المفسدون لوقت طويل وتعودوا على حالة الظلام التى يجيدون التحرك فيها مثل اللصوص، ولكن التطوير والتغيير يضرهم ويضر مصالحهم كثيرا. هذا ما يحدث فى كثير من مجالات وقطاعات وبنوك وهيئات ومؤسسات حكومية وغير حكومية، نجد مقاومة كبيرة جدا من مجموعة الفاشلين الذين تعودوا على حياة الكسل والترهل وأصبحوا لا يستسيغون غير هذه الحياة بل ينظرون إلى أى شخص ناجح أو لديه رؤية لتطوير المكان وإيجاد منظومة جيدة أنه رجل فاسد وفاشل وهذا ينطبق ليس على مستوى المؤسسات بل على مستوى الدولة أيضا، فحالة الفقر والعوز التى كانت عليها مصر والاستدانة من الجميع وتوجيه كافة موارد الدولة لدعم الطعام والشراب فقط دون أى إنتاج حقيقى جعل الكثيرين يفضلون حياة الكسل والتواكل عن العمل والإنتاج.
المصلحون فى كل مكان وزمان هم أكثر الناس تعرضا للهجوم من جانب الرافضين للتغيير؛ ومثال قوى أمامنا الإصلاحيون فى عصر النهضة الأوروبية اُتهموا بالكفر والفسق وحُكم عليهم بالإعدام، والإصلاحيون فى عصر التنوير الإسلامى مثل ابن رشد وابن الرومى اُتهموا بالكفر وتم حرق جميع مؤلفاتهم ومقتنياتهم، وليس مستغربا أن نجد أشد الرؤساء فى مصر تعرضا للنقد هو الذى أخذ على عاتقه مهمة الإصلاح الشاملة من أجل إيجاد دولة حقيقية تعتمد على مواردها الذاتية لتحقيق معدلات نمو حقيقية ولا يعتمد اقتصادها على الاستدانة والاعتماد على الآخرين.
ما يحدث فى أحد البنوك المصرية الآن خير دليل على ذلك، فهذا البنك هو أقدم بنك فى مصر ولديه أصول ضخمة وفروع داخل مصر وخارجها ورغم هذا يحقق خسائر ضخمة ولم يحاول كل من تولى رئاسته من قبل التعرف على المشاكل الحقيقية التى يعانى منها لأنها كانت منطقة مظلمة حقا والدخول أو حتى الاقتراب منها كان محفوفا بالمخاطر ولذلك فضلوا تسيير الأمور كما هى دون أية عمليات إصلاح، وهذا الوضع أعجب الكثيرين من العاملين فى البنك، ورغم النزيف المنهمر من موارد البنك وانهيار أصوله وتأكلها فإنهم فضلوا حالة الكسل عن العمل، وعندما أراد الرئيس الجديد الذى أخذ على عاتقه اقتحام هذا التحدى الصعب ووضع استراتيجية صارمة لانتشال البنك من حالة العثرة إلى حالة الازدهار كى يصبح فى مصاف البنوك المحترمة فى مصر، واجه انتقادات شديدة ومقاومة عنيفة من المحبطين والفاشلين والفاسدين لأن الوضع الجديد سيهز عروشهم التى تربعوا عليها سنوات طويلة، ولذلك أصبح الرجل يواجه حربا شرسة، إلا أنه من المؤكد أن النصر سيكون حليف هذا الإصلاحى الذى يحارب فى جبهة لا تقل ضراوة عن الحرب ضد الإرهاب، فالفساد هو الوجه الآخر للإرهاب، ولكن لابد للظلام أن ينجلى مهما طال الوقت، ولابد لشعاع النور أن يملأ المكان، ولن يتبقى سوى من كان الله حليفه.

Related Articles