محمد فاروق
نوعان من البشر منتشران جدا بيننا هذه الأيام، وهما نقيضان، النوع الأول تجده منطلقا فى الحياة محبا لها لأقصى درجة لكنه مقابل ذلك يترك فرائض الله وعباداته، وعندما يتحدث ينطق بمنتهى الشجاعة والفخر بأنه لا يؤذى أحدا ويتعامل مع الناس بالمودة والرحمة والأدب ويكرم الفقراء وأنه يشعر بأن بينه وبين ربنا “عمار” وقلبه عامر بالإيمان وأن المولى عز وجل راضٍ عنه بغض النظر عن إقامة تلك الفرائض.
أما النوع الثانى، فتجده ملتزما بكافة العبادات ويؤدى كل الفرائض، لكن فى المقابل من الممكن أن يهمل تعاملاته مع الناس، وأن يكون حادا فظا غليظ القلب، وعندما يعلق على ذلك يتحدث فقط عن التزامه وعلاقته القوية بالله تعالى وإقامة الفرائض والعبادات بمنتهى الدقة، غير عابئ بعلاقاته مع البشر.
هذان النوعان رغم أنهما متناقضان، فإنهما يشتركان فى نقطة محورية واحدة وهى اعتقادهما الراسخ والعميق بصحة أسلوبهما، وأن ما يفعلانه هو الصواب وهو السبيل للقرب من الله، ولا يحاولان تصحيح المسار.
وللأسف هناك العديد من الأشخاص الذين ينجرفون وراء أحد هذين النوعين ويعتبرونه أنه هو الصواب والآخر هو الخطأ.
ولكن د. مصطفى محمود – رحمه الله- تناول هذا الموضوع بأسلوبه المعتاد “السهل الممتنع” ليبين أن كلا النوعين خطأ، حيث أكد أن الدين ليس أن تنطق الشهادة وتصلى وتزكى وتصوم وتحج وتقرأ القرآن وانتهى الأمر عند ذلك، فهذه هى العبادات.. وهى فرائض سيحاسبنا الله عز وجل عليها، ولكن فى الوقت نفسه كى تحقق هذه العبادات أهدافها وتجنى ثمارها لابد أن تصح معها التعاملات من العمل بضمير والعدل والصدق والأمانة والرحمة وأدب الأخلاق وبر الوالدين وعفة اللسان وحفظه عن النميمة وغض البصر والنظافة وحسن التعامل مع الآخرين وغيرها.
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: “إن من أحبكم إلىّ وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا”، كما قال صلى الله عليه وسلم: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
إذن لابد من التكامل بين العبادات والتعاملات، فليس من الصواب الاكتفاء بحسن التعاملات فقط، ونهمل العبادات والفرائض ونقول ربنا هو العالم بنا وبنيتنا، وكذلك ليس من الصواب الالتزام فقط بالعبادات وإهمال تعاملتنا بمن حولنا.
وهذا يجعلك لا ترتبك عندما تقابل أى نوع من هذين النوعين السابقين، فليس معنى أن أحدهما خطأ يكون الآخر على حق، فالاثنان خطأ.
اهتموا بالعبادات والفرائض فسيحاسبكم الله تعالى عليها، واهتموا بالتعاملات والعادات فهى المكملة للعبادات، حتى نكون أشخاص أسوياء، مطيعين لله تعالى ومحبوبين من كل من حولنا.