الإيكونوميست المصرية
بعد حسم خفض الجنيه.. هل ستكون ضربة للسوق السوداء لتجارة العملة؟

بعد حسم خفض الجنيه.. هل ستكون ضربة للسوق السوداء لتجارة العملة؟

كتبت- منال المصري:

قلل بعض مسؤولي الصرافة والمصرفيين، من تأُثير قرار عدم خفض سعر الجنيه خلال الفترة الراهنة على عرقلة نشاط السوق السوداء لتجارة العملة بسبب استمرار أزمة نقص النقد الأجنبي وندرة المعروض من العملة مقابل زيادة الطلب.

واستبعد الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، خفض سعر الجنيه المصري مقابل الدولار، قائلاً إن “كثيرا من الناس يطالبون بمرونة سعر الصرف ونحن مرنون فيه، لكن عندما يتعلق الموضوع بالأمن القومي وأن ذلك سيضيع الشعب المصري فلا”، بحسب ما نقلته عدد من المواقع الصحفية.

وقال السيسي خلال المؤتمر الوطني للشباب بالإسكندرية: “نحن مرنون فيه… لكن عندما يتعرض الموضوع لأمن مصر القومي، وإن الشعب المصري يضيع.. لا، لا، لا، لا”. “بتكلم بجد. هذ الموضوع أنا أقوله على الهواء عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم، لا ما نقعدش في مكانا، لا ما نقدرش.”.

وسجل سعر تداول الدولار مقابل الجنيه في السوق السوداء لتجارة العملة بطريقة غير رسمية بين 39 جنيها إلى 40.5 جنيها، وهو سعر لا يزال ثابت منذ شهر يونيو، بحسب مراقبين.

“طالما مصادر النقد الأجنبي لا تزال محدودة في البنوك والصرافات ستظل السوق السوداء قائمة كما هي”، وفق ما قاله محمد رجائي، رئيس شركة كايرو للصرافة.

وأوضح أن العامل الأساسي في القضاء على السوق السوداء للعملة يتمثل في قدرة البنوك على تمويل الاعتمادات المستندية للعملاء وكذلك تدبير شركات الصرافات كافة طلبات الأفراد بغرض السفر.

منذ الربع الأول من العام الماضي، عادت قوائم الانتظار لتمويل العمليات الاستيرادية في البنوك مرة أخرى بعد 7 سنوات بعد خروج 22 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة من مصر بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج وبعض المصادر الأخرى.

وأضاف رجائي أن تصريحات الرئيس بشأن ترشيد العمليات الاستيرادية مقابل تحفيز الصناعات المحلية ستخفف من الضغط على طلب الدولار ويعزز من قوة الجنيه وهو الهدف الذي تسعى له الدولة حاليا.

وقال الرئيس إن الدولة بدأت في اتخاذ خطوات جادة نحو خفض قيمة فاتورة الاستيراد من الخارج بالعملة الصعبة، من خلال ضخ الأموال في إنشاء مصانع لتتمكن من زيادة الصادرات المصرية للخارج، وتوفير فرص عمل للشباب، حيث متطلبات الاستيراد تحتاج إلى نحو 90 مليار دولار سنويا من أجل شراء احتياجات المواطنين من الخارج.

وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن السوق السوداء لتجارة العملة ستستمر كما هي ولن تتراجع تأثرا بعدم خفض الجنيه خلال الفترة القادمة مدفوعة بزيادة الطلب واستمرار البنوك في سياستها التقيدية في عدم تمويل كافة الطلبات.

وأوضح أن سعر الدولار في السوق السوداء قد يشهد ارتفاعا خلال الفترة القادمة بسبب اعتماد عدد من القطاعات المستورد للسلع غير الاساسية على تمويل احتياجاتهم من خلالها.

وأضاف عبد العال، أن القضاء على السوق السوداء لتجارة العملة يحتاج إلى توفير البنوك الدولار للعملاء وزيادة تدفقات النقد الأجنبي.

الوجة القبيح للسوق السوداء

رصد جولدمان ساكس إنترناشيونال- أحد أكبر المصارف الأمريكية- في تقرير له، عواقب سلبية لاستمرار السوق الموازية لتداول النقد الأجنبي- السوق السوداء للدولار- على استدامة الاقتصاد المصري.

وأشار جولدمان ساكس في تقريره إلى التشوهات والمخاطر التي قد تنشأ مع استمرار وجود سوق عملات أجنبية موازية كالتالي:

1- تحويل تدفقات العملات الأجنبية بعيدًا عن السوق الرسمية إلى السوق الموازي (السوق السوداء): بما يشمل تحويلات المصريين العاملين في الخارج، الذين يمثلون حوالي ثلث تدفقات الحساب الجاري.

كما أن استمرار السوق غير الرسمية للعملة يشجع على الممارسات السيئة مثل الإفراط في الواردات وانخفاض قيمة الصادرات، مما يزيد من الضغط في سوق العملات الأجنبية الرسمي.

وفي النهاية، بحسب التقرير، فإن نمو السوق الموازي على حساب السوق الرسمي يعني إجراء المزيد من المعاملات الاقتصادية في السعر الموازي، والوكلاء غير الراغبين أو غير القادرين على التعامل في السوق الموازية سيكون لها وصول محدود إلى العملة الصعبة.

والنتيجة الطبيعية لذلك هو أن سوق العملات الأجنبية الموازي المزدهر يسير جنبًا إلى جنب مع اقتصاد رمادي مزدهر، مع تداعيات سلبية محتملة على التوقعات المالية، بحسب التقرير.

2- تشويه المشهد التنافسي: حيث أن تقنين العملات الأجنبية في النظام الرسمي يوفر الفرصة لبعض الوكلاء للحصول على وصول تفضيلي للعملة على حساب الآخرين، مما يؤدي إلى تشويه المشهد التنافسي.

3- تراجع الاستثمار المحلي ونمو الائتمان مع عدم اليقين للوصول إلى العملة الصعبة: تواجه الشركات التي تحتاج إلى مدخلات مستوردة زيادة في حالة عدم اليقين والقيود المفروضة على الإنتاج، مما يزيد من مخاطر التشغيل وتقليل الإنتاج. هذه ديناميكية سلبية للنمو وقد تثبط العزيمة للاستثمار والاقتراض لمثل هذه الشركات.

4- انخفاض الاستثمار الأجنبي: فالعوامل التي يمكن أن تثبط الاستثمار المحلي ينطبق أيضا على الاستثمار الأجنبي المباشر، والأخير سيكون حذرًا من الاستثمار في البلاد، حيث قد يتم تقييد توزيع أرباح الأسهم على الشركة الأم في الخارج، كما أن خطر الحرمان من الوصول إلى العملات الأجنبية قد يثني أيضا مستثمري المحافظ الأجنبية عن دخول السوق.

5- التسعير المحلي خارج سعر السوق الموازي: كلما كان السعر الموازي أكثر أهمية ومصدرًا للعملات الأجنبية للوكلاء الاقتصاديين، كلما زادت احتمالية أن الأسعار المحلية تحدد بسعر السوق الموازي وليس السعر الرسمي.

وهذا يعني ضياع ميزة محتملة تتمثل في الحفاظ على عملة قوية نسبيًا.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *