فاطمة إبراهيم
ماذا يعكس إعلان البنوك العاملة فى السوق المصرية عن تخفيف القيود المفروضة على استخدام البطاقات الائتمانية خارج البلاد، وذلك عبر خفض الرسوم والعمولات وزيادة حدود السحب والإنفاق الدولى؟ وما مردود ذلك على الاقتصاد وعملاء البنوك؟ وما السبب فى اتخاذ هذه الإجراءات؟
أكد المصرفيون أن البنك المركزى حول سياسته من التشديد النقدى إلى التيسير النقدى، وذلك بتخفيف القيود على استخدام البطاقات الائتمانية فى الخارج، وخفض العمولات والرسوم بالتزامن مع زيادة التدفقات الدولارية من السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية، مشيرين إلى أن ذلك يعد مؤشرا على انتهاء أزمة الدولار واستعادة السوق المصرفية المصرية لاستقرارها.
وتهدف القرارات الجديدة إلى تخفيف القيود المفروضة على استخدام البطاقات الائتمانية خارج مصر، بما يسهل على المسافرين والمستثمرين إجراء معاملاتهم المالية، ويعزز القدرة الشرائية للأفراد والشركات.
وتضمنت القرارات إلغاء البند الخاص بمتابعة العملاء المسافرين لإثبات استخدام البطاقة فى أثناء وجودهم خارج البلاد، ورفع الحد الأقصى للسحب أو الإنفاق للمسافرين إلى 10 آلاف دولار، إضافة إلى خفض الهامش على أسعار صرف العملات الأجنبية إلى 3% عند استخدام البطاقات الائتمانية.
كما تم خفض عمولة الشراء بالبطاقات من 5% إلى 3% عند الدفع بالعملات الأجنبية خارج مصر.
وأشار المصرفيون لـ”الإيكونوميست المصرية” إلى أن القرارات تعكس نجاح الإصلاحات التى بدأها البنك المركزى منذ مارس 2024، من خلال إقرار سعر صرف عادل ومرن للدولار، وهو ما أسهم فى القضاء على السوق الموازية وزيادة الثقة فى الاقتصاد، حيث ارتفعت تحويلات العاملين بالخارج، كما زاد الاحتياطى النقدى الأجنبى لأكثر من 49 مليار دولار.
وبحسب القوانين والتعليمات الجمركية، يُسمح للمسافرين من وإلى مصر بحمل نقد أجنبى بحد أقصى 10 آلاف دولار أو ما يعادلها من العملات الأخرى.
وقامت البنوك على أثر ذلك بخفض عمولة تدبير العملة من 5% إلى 3% على معاملات البطاقات الائتمانية، وإتاحة صرف النقد الأجنبى بغرض السفر حتى الحد الأقصى المسموح قانونا 10 آلاف دولار بدلا من 5 آلاف.
من جهته، قال وليد ناجى نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصرى العربى سابقا: إن تخفيف القيود على البطاقات الائتمانية فى الخارج يعود بنا إلى ما قبل أزمة الدولار قبل نحو أربع سنوات التى بدأت فى أوائل عام 2021، مع موجة التضخم والحرب الروسية الأوكرانية، وهذا يعنى أن أزمة نقص العملة الصعبة انتهت، واصفا هذا التدرج فى رفع القيود على استخدام النقد الأجنبى بالتدرج الحذر.
ولفت إلى أن خفض العمولات ورفع القيود عن استخدام الكروت الائتمانية يعنى انتهاء أزمة العملة وتوافر الدولار، مؤكدا نجاح التعويم الذى حدث فى مارس 2024، وتجاوز الآثار السلبية لهذه الاجراءات، منوها إلى أن الحكومة يجب أن تكون حذرة نتيجة ارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين حيث بلغت نحو 40 مليار دولار، حتى لا تتكرر أزمة 2021، وخروج الأموال الساخنة بشكل فجائى وجماعى.
وتابع ناجى أن مؤشرات الاقتصاد المصرى بشكل عام فى تحسن نتيجة ارتفاع إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين فى الخارج، والصادرات المصرية، مشيرا إلى أن الأموال الساخنة تظل تهديدا للاقتصاد المصرى حيث يمكن سحبها فى أى وقت، بما يمثل ضغطا على الاقتصاد، مؤكدا ضرورة تجنيب الأموال الساخنة بعيدا عن الاقتصاد بحيث عند خروجها لا تمثل ضغطا لكن غير ذلك يكون تهديدا كبيرا.
من جانبه، أكد كرم سليمان الخبير المصرفى أن تخفيف القيود على استخدام البطاقات الائتمانية بالخارج يرجع إلى توافر الدولار، وارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى، مدعوما بزيادة تحويلات المصريين فى الخارج، وارتفاع حصيلة الصادرات، فضلا عن زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وغير المباشرة.
وأضاف سليمان أن تخفيف القيود على استخدام البطاقات الائتمانية رسالة إيجابية إلى السوق الداخلية والعالم الخارجى بأن الاقتصاد المصرى يسير فى الاتجاه الصحيح، حتى أن خروج الاستثمارات الأجنبية من أذون الخزانة وعودة جزء منها مرة أخرى، يبعث برسالة طمأنة للسوقين الداخلية والخارجية بأن الاقتصاد المصرى يتعافى فى ظل ظروف قاسية على العالم كله.
ونوه الخبير المصرفى إلى أن مصر ملتزمة فى سداد أقساط الديون، وخدمة الدين، متوقعا ارتفاع التصنيف الائتمانى لمصر خلال الفترة المقبلة، بما يبعث برسائل طمأنة على المستويين المحلى والعالمى، مشيرا إلى أن ذلك لا يمنع من وجود بعض المشكلات أو العوائق غير أن الاقتصاد المصرى أصبح أكثر استجابة للتعامل مع هذه العوائق واتخاذ إجراءات سريعة للتغلب على هذه المشكلات والعراقيل.
وقال سليمان: إن من شأن هذه التسهيلات أن تمنح العملاء مرونة أكبر فى استخدام بطاقاتهم الائتمانية خارج مصر، سواء فى السحب النقدى أو المشتريات، مع خفض تكلفة المعاملات الدولية، بما يدعم حركة السفر ويواكب تحسن أوضاع السوق المصرفية.
فيما أكد الدكتور محمد بدرة الخبير المصرفى أن تخفيف القيود على استخدام البطاقات الائتمانية فى الخارج يعد استكمالا لسياسة التيسير النقدى، ويمثل تغييرا فى سياسة البنك المركزى من التشدد النقدى إلى التيسير النقدى، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل تطبيق سياسة التشديد، والتى تتيح للمسافر إلى الخارج بالحصول على الأموال التى يطلبها، وكذلك فتح الحدود الائتمانية للبطاقات، مشيرا إلى أن القيود كانت لفترة مؤقتة لحين توافر الدولار وانتهاء أزمة العملة.
وأضاف بدرة أن سياسة التشديد كانت تمثل دفعا نحو السوق الموازية، حيث يلجأ المواطنون للحصول على احتياجاتهم من السوق الموازية، ومن ثم المضاربة على أسعار الدولار، مشيرا إلى أن تخفيف هذه القيود ترجع الأمور إلى ما كانت عليه، ويعكس توافر الدولار، والتحول إلى سياسة التيسير النقدى.
وأضاف أن سياسة التيسير النقدى تجد لها مردودا فى انخفاض سعر الدولار، ومن ثم تراجع الأسعار وهذا لمسناه فى تراجع أسعار السيارات، والعقارات، حيث إتاحة فترات سداد أطول، وكذلك انحسار معدلات التضخم التى سجلت نحو 14 %، ومن المتوقع أن يقل دون ذلك فى الفترة المقبلة.
