بقلم: محمد فاروق
عندما وضع عالم النفس أبراهام ماسلو نظريته الشهيرة التى لخص فيها الحاجات والدوافع البشرية وترتيبها فيما أسماه بهرم ماسلو، عرضها بالترتيب كالتالى، فى قاعدة الهرم تأتى الاحتياجات الفسيولوجية من غذاء وشراب ونوم وغيرها، ثم تأتى فى المرتبة الثانية مباشرة احتياجات الأمان، ثم الاحتياجات الاجتماعية، ثم الحاجة للتقدير ثم فى قمة الهرم تأتى الحاجة إلى تحقيق الذات، وتلك الاحتياجات بالترتيب عندما يشبعها الفرد ينتقل لإشباع الحاجات التى تعلوها فى الهرم وهكذا.
وهنا نجد أن احتياجات الأمان تأتى فى المرتبة الثانية بعد الاحتياجات الفسيولوجية مباشرة، أى أنها تحتل مرتبة شديدة الأهمية، فلو فقد الإنسان الشعور بالأمان، من الطبيعى أنه لن يبحث عن الاحتياجات التالية، ولن تكون له أية دوافع للعمل أو إشباع الاحتياجات الاجتماعية ولن تكون له أية رغبة فى تحقيق ذاته، بمعنى أصح سيتوقف عند مرحلة الإشباع الفسيولوجى أى سيكون مثله مثل الحيوان يأكل ويشرب وينام ويتزاوج لا غير.
ومن هنا تكمن أهمية الشعور بالأمان، فهو الجسر الذى يعبر به الإنسان من مجرد أن كائن يعيش إلى إنسان يعمل وينتج ويبدع ويطور ويتطور.
لذا إذا أردت أن تهدم أى دولة فعليك أن تنزع من شعبها الشعور بالأمان، اجعل الفرد دائما يعيش فى توتر، ازرع بداخله الخوف من الغد، اغرس فى وجدانه الرعب على حياته وعلى حياة أولاده وبناته حتى لو كانوا كبارا، اخبره بأنه لن يجد قوت يومه قريبا، ولن ينعم بالماء الأساسى للحياة، اضرب دائما على وتر أننا نسير فى الطريق الخطأ والدولة فى طريقها للإفلاس والأجيال القادمة ستكون بلا مأوى ولا عمل، هلل فى كل محفل بأننا نعيش فى غابة وليس دولة نحاط بالتعذيب والقتل والسرقة والخطف وتجارة الأعضاء والأمراض والأوبئة المتفشية والغذاء المسمم والماء الفاسد، وغيرها وغيرها.
عندما تصدر للفرد هذا الرعب الممنهج، ثق تماما بأنه لن يبحث عن تطوير ذاته أو الارتقاء بمهاراته أو تحسين قدراته، ولن يستطيع حتى إنجاز أعماله الأساسية أو التركيز فى عمله أو وظيفته، وهذا هو المطلوب حرفيا من أى جهة تريد هدم هذا الفرد وبالتالى إسقاط الدولة ككل، وهذا الخوف ينتقل إلى المراحل العمرية الأصغر كالطلبة والأطفال، فما الذى يدفعهم للاجتهاد فى دراستهم وهم يتصورون أن الغد مظلم والمستقبل مخيف!
إنها عملية بارعة لقتل أى أمل فى المستقبل وأسلوب فعال لهدم أى رغبة فى الحاضر.
انتبهوا لأنفسكم ولأولادكم وحافظوا عليهم ولكن ليس لدرجة الهلع التى يريد أعداؤنا أن تصيبنا، ألم تخرج علينا رسائل صوتية مكثفة فى وسائل التواصل الاجتماعى تدعى أنه فى كل مكان حاليا يتعرض الناس لما يسمى بـ “الشكة المخدرة” التى تسقط بعدها مباشرة الضحية سواء كانت ذكرا أو أنثى، طفلا أو بالغا، لتبدأ بعدها عملية الخطف وخلافه!! الأمر الذى نفاه تماما جميع الأطباء والمتخصصين ليؤكدوا أن عملية التخدير هذه لا تقع إلا بالحقن فى الوريد، ورفضوا تماما كل تلك الأكاذيب المغرضة التى لا تحمل سوى هدف واحد وهو الترويع ونشر الهلع بين المواطنين.
أرجو أن يعى الجميع ويدرك ما يحاك ضدنا من الداخل قبل الخارج، فلا توجد دولة فى العالم ليس لديها أعداء، لكن للأسف أعداء مصر كثر فى الداخل والخارج. حفظ الله مصر وشعبها من الماكرين.