كتب: أشرف الليثى
الأستاذ حسين رفاعى من الشخصيات المحترمة التى أستمتع بالحديث معها دائما، والتى أجد لديها إجابة عن كافة الأسئلة المتعلقة؛ سواء ببنك قناة السويس الذى يرأس مجلس إدارته أو الجهاز المصرفى ككل أو الاقتصاد المصرى، وهو صاحب وجهة نظر ثاقبة، يتعامل بشفافية تامة فى جميع القضايا ويقترح الحلول “دون لف أو دوران” ويختار دائما أقصر الطرق وأيسرها، ولم أطرح عليه سؤالا إلا وكان جاهزا بالرد، لأنه قارئ جيد للأحداث التى تمر بها مصر والاقتصاد المصرى، ولذلك الحديث معه دائما شيق، وحقيقة أنتظر موعد اللقاء معه والذى أصبح من أهم اللقاءات التى أتشرف بها والتى من المؤكد أن القارئ كذلك صار ينتظرها بشغف.
وإلى نص الحديث الشيق الممتع:
• ما أهم نتائج أعمال بنك قناة السويس التى تم اعتمادها من الجمعية العمومية للبنك فى نهاية 2021؟
عام 2021 كان من الأعوام الصعبة نتيجة استمرار أزمة كورونا، وشهد النصف الأول منه تواجد العاملين فى البنك بنسبة 50% فقط، وفى النصف الثانى بدأت حركة العمل تعود إلى طبيعتها تدريجيا مرة أخرى، وبالتالى فإن البنك حقق تطورا فى إجمالى المركز المالى بنسبة 6%، حيث وصلنا إلى 57 مليار جنيه مقابل 54 مليار جنيه خلال عام 2020، وصافى الربح وصل إلى 605 ملايين بزيادة نسبتها 1% فقط عن العام السابق وذلك تأثرا بتداعيات كورونا، بالإضافة إلى الكثير من الإجراءات الاحترازيه التى قررها البنك المركزى؛ على سبيل المثال انخفاض الفائدة على الودائع فى 2020 كان 4% ولكن آثار كل هذا ظهرت فى 2021 وكذلك إعفاء العمولات والمصاريف البنكية التى مازالت مستمرة وتدعيم الاحتياطات وتدعيم المركز المالى للبنوك والمبادرات التى تم اتخاذها فى قطاع السياحة والديون المتعثرة وتأجيل الأقساط، كل هذا أثر على معدلات النمو وزيادة المخصصات.
وعلى الرغم من كل هذه الظروف، فقد نجح بنك قناة السويس فى تحقيق نمو 14% فى حقوق الملكية ووصلنا إلى 4.4 مليار جنيه مقابل 3.868 فى عام 2020، ونجحنا فى زيادة رأس المال من 2 مليار إلى 2.9 مليار جنيه فى 2021، ثم وافقت الجمعية العمومية فى اجتماعها فى مارس 2022 على زيادة رأس المال إلى 3.6 مليار جنيه وبذلك نجح البنك فى أن يحقق الآن زيادة فى رأس مال البنك بنسبة 80% منذ عام 2016، حيث كان رأس المال 2 مليار جنيه.
ونجحنا أيضا فى زيادة حجم ودائع العملاء لدى البنك بنسبة 14% خلال عام 2021 حيث وصلت إلى 51 مليار جنيه مقابل 44 مليار جنيه فى عام 2020 وصافى القروض حقق البنك فيها طفرة غير مسبوقة وربما تكون من أعلى المعدلات التى تحققت فى القطاع المصرفى ووصلنا 23.1 مليار جنيه مقابل 17.8 مليار جنيه فى 2020 بنسبة نمو 30% وتعتبر أعلى نسبة فى السوق المصرفية، حيث جاءت مدعومة بزيادات فى قروض مشتركة ونمو محفظة التجزئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى قروض الشركات، كل ذلك ساهم فى تلك الزيادة، وهذا يعود بنا إلى نجاح البنك فى فتح إدارات جديدة بداية من عام 2017 لم تكن موجودة من قبل، حيث بدأنا نجنى ثمارها الآن وبدأ تأثيرها يظهر فى نتائج أعمال 2021 ونتوقع أن يظهر تأثيرها الأكبر فى السنوات القادمة.
• هل هذه النتائج جاءت متوافقة مع الاستراتيجية التى حددها مجلس إدارة البنك منذ رئاستكم له عام 2016؟
بالفعل هذه كانت ضمن أهداف استراتيجيتنا التى وضعناها منذ خمس سنوات لتطوير البنك، بل قمنا بتحديثها العام الماضى لأن طموحنا أعلى الآن، وبدأنا من آخر نقطة وصلنا إليها لتصبح نقطة انطلاق للمرحلة الجديدة خاصة أن هناك بعض المؤشرات حققنا فيها معدلات أفضل مما كان مخططا لها، على سبيل المثال القروض غير المنتظمة كان تخطيطنا أن نخفضها إلى 15% ووصلنا بفضل الله إلى 8% .
• هناك تساؤل مهم فيما يتعلق بنسبة توظيف الودائع بالنسبة للقروض، هل يمكن التعرف على هذه النسبة؟
هذه النسبة تحسنت بصورة كبيرة، حيث كانت لم تتجاوز نسبة توظيف الودائع إلى القروض عام 2016 حد 35%، فيما أصبحت الآن أكثر من 45% وهذا يدل على تحسُّن نسب التوظيف بأعلى من 10% فى خلال خمس سنوات.
• ما عدد فروع البنك الآن؟ وما الخطة المستقبلية للتوسع سواء على المستوى الجغرافى أو بالنسبة لعدد الفروع الجديدة؟
افتتحنا بالفعل 15 فرعا جديدا خلال الخمس سنوات ووصلنا للفرع رقم 49 الآن، وكان أحدث فروعنا فرع أركان وفرع شماس بمدينة السادس من أكتوبر، ولكن مستقبلا سيكون اعتمادنا الأكبر على التكنولوجيا ولكن خطتنا المستقبلية فى فتح الفروع ستعتمد على الأماكن التى ليس لنا تواجد فيها حاليا مثل دمياط الجديدة والعلمين الجديدة والغردقة وسنتواجد فى أماكن خارج القاهرة من أجل أن يكون لنا تواجد مستمر فى المحافظات المختلفة مع التركيز على البنية التحتية التكنولوجية.
• الجمعية العمومية فى اجتماعها مؤخرا فى مارس الماضى فوَّضت مجلس الإدارة للتفاوض على قرض مساند، نود التعرف على هذا القرض؟
فوَّضت الجمعية العمومية بالفعل مجلس الإدارة للتفاوض على قرض مساند من المساهمين الرئيسيين للبنك وبالفعل بدأنا مفاوضات مع المصرف العربى الدولى كأحد المساهمين الرئيسيين فى بنك قناة السويس، حيث تبلغ مساهمته 42% وتم الاتفاق بالفعل على تقديم قرض من المصرف إلى بنك قناة السويس بقيمة 650 مليون جنيه لمدة خمس سنوات وهذا من شأنه أن يتيح للبنك زيادة قاعدته الرأسمالية ومعدل كفاية رأس المال، وبالتالى نستطيع أن نتوسع فى مجال القروض والاستثمار وسيكون لدينا القدرة أيضا على الدخول وبقوة فى قروض مشتركة أو قروض خاصة بحيث ستتيح لنا زيادة منح قروض للعملاء أو زيادة المبالغ الممنوحة للعملاء.
• ما الجديد أيضا فى خطة البنك لعام 2022؟
سيكون هناك تركيز أيضا على التجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لأن هذا أمل مصر فى المرحلة المقبلة، ولابد من تنمية هذه القطاعات خاصة أن هناك فرصة جيدة كبنك قناة السويس أن يحقق نموا كبيرا فى هذه القطاعات بعد الاستثمارات التى قمنا بها خلال السنوات الخمس الماضية وكذلك ما تم من تغيير فى الإدارات بها والتيسيرات والإجراءات.
• هل هناك اهتمام بمشروعات التنمية المستدامة ضمن خطة عام 2022؟
التنمية المستدامة لها تركيز خاص عندنا خلال خطة العام الحالى وسيكون هناك مشروعات كثيرة سيتم تمويلها خاصة التى تخدم الاقتصاد الأخضر، وهناك عدد من المشروعات التى تتم دراسة تمويلها فى الوقت الحالى على مستوى محافظات الجمهورية المختلفة، وكان هناك بعض المشروعات قمنا بالفعل بتمويلها العامين الماضيين خاصة بالبيئة والتنمية المستدامة.
• البنك المركزى كان له دور فعال فى اتخاذ قرارات للتخفيف من حدة بعض الأزمات ربما قبل وقوعها، ما تعليق حضرتك فى هذا الشأن؟
هذا دور مهم يقوم به البنك المركزى ودائما ما يكون له رؤية مستقبلية بشأن الأحداث، حيث يقوم بدراسة مستفيضة وشاملة للأزمات سواء الداخلية والخارجية، وهنا يجب أن أشيد بسرعة اتخاذ القرار من جانب مسئولى البنك المركزى بشأن عدد كبير من الأزمات التى تعرض لها الاقتصاد المصرى خاصة خلال أزمة كورونا وكان هناك العديد من الإجراءات الاحترازية تعدى عددها 23 إجراء ومبادرة، وبالفعل كان البنك المركزى سباقا نتيجة قراءته الجيدة للسوق وفى ضوء المعلومات المتوافرة لدى أجهزته، لذلك نجد أن جميع المبادرات والإجراءات حمت مصر من شدة تداعيات كورونا ولدينا ثقة أن إجراءات المركزى ستحمى مصر أيضا من الأزمات الحالية.
هناك نقطة مهمة كذلك أحب أن أشير إليها أن البنك المركزى مستمع جيد لجميع الأطراف فى السوق المصرية سواء كانوا جمعيات رجال أعمال أو اتحاد الصناعات من جهة ومن جهة أخرى أعضاء الحكومة ورؤساء البنوك، حيث استمع بشكل جيد للمشاكل التى تواجههم ويحاول فى هذه المواقف تقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف، ولم يكن فى وقت من الأوقات بعيدا عن المشهد العام ويحس بنبض السوق.
ونفس الدور يلعبه أيضا اتحاد البنوك، حيث عقد جلسات مطولة مع جمعيات رجال الأعمال واستمع إلى المشاكل التى تواجههم وواصل بينهم وبين البنك المركزى وقدم بعض المقترحات والحلول لهذه المشاكل.
ولذلك أرى أن الإجراءات التى يتخذها المركزى الآن أصبحت تتسم بالتطور وليست مثل الإجراءات القديمة التى لم تعد تصلح حاليا، ويتم الآن التعامل مع مشاكلنا من خلال التقارب والتفاهم والاستماع إلى جميع الآراء قبل اتخاذ القرار.
• هل هناك الآن أزمة سيولة فى مصر من الممكن أن تؤثر على تمويل بعض المشروعات؟
الحقيقة أن مصر تتمتع بسيولة مالية، ومعدلات السيولة المتوافرة لدى البنوك قوية ومحترمة، وإذا نظرنا إلى مؤشر مهم نستطيع من خلاله الحكم الصحيح فى هذا الشأن وهو نسبة توظيف الودائع بالنسبة للإقراض نجدها فى المتوسط تصل إلى 50% تقريبا وهذا يعزز موقف حجم السيولة المتوافرة فى البنوك وأيضا يوضح أن هناك فرصة كبيرة للتطور، وحقيقة المشكلة التى تواجه البنوك تتمثل فى عدم وجود مشروعات قوية من الممكن أن تقوم بتمويلها.
وإذا ما قارنا وضع السيولة فى البنوك المصرية بالنسبة لدول أخرى نجد أن نسب التوظيف فيها تصل إلى 80% أو 90%، وبذلك فمن الممكن أن تواجه أزمة فى تمويل مشروعات جديدة؛ لكن الوضع لدينا مختلف.
هناك مؤشر آخر لتوافر السيولة فى السوق وهو حجم الأموال التى نجحت شهادة الـ 18% التى أصدرها كل من البنك الأهلى المصرى وبنك مصر، وفى 20 يوما فقط استقطبا سيولة بلغت نصف تريليون جنيه.
وللأسف هناك شائعات مغرضة يصدرها بعض المُروِّجين؛ الغرض منها حدوث بلبلة فى السوق وكذلك تبرع غير المتخصصين بالإدلاء بآرائهم دون أن يكون لديهم معلومات كافية وتكون النتيجة انتشار معلومات مغلوطة فى السوق ليس لها أى أساس من الصحة.
• هل أثرت شهادة الـ 18% والسيولة الضخمة التى استقطبتها على البنوك الأخرى؟
بالطبع أثرت على بعض الودائع فى البنوك الأخرى، ولكننا قادرون على أن نجتذب ودائع أخرى وعملاء آخرين لديهم التزامات طويلة الأمد ويفضلون التعامل مع شهادات طويلة المدة وليست لعام واحد فقط مثل شهادة الـ 18% وهناك عملاء يرغبون فى شهادات أقل من عام وفقا لاحتياجات كل واحد فيهم.
• هل لديكم النية لإصدار شهادات قريبة من تلك النسبة لاستقطاب نوعيات أخرى من المودعين؟
بالفعل تحت الدراسة الآن تعديل نسب الفائدة للشهادات الموجودة فى البنك.
• ننتقل للحديث عن الاقتصاد المصرى.. كيف تراه؟
للأسف الاقتصاد المصرى يتعرض لأزمات عديدة بعضها أزمات داخلية وجزء كبير أزمات عالمية تعرضنا لها خلال الفترات الأخيرة، وفى كل الأحوال المهم التحصين الداخلى لكافة الأزمات وذلك من خلال القدرة على التعامل أولا مع الأزمات الداخلية بحيث تصبح تحت السيطرة والتغلب عليها والسيطرة على مسبباتها حتى تستطيع أن تواجه أى أزمة خارجية وتقلل من الخسائر قدر الإمكان.
هناك نقطة مهمة أدركتها الحكومة وتعمل الآن لإيجاد حل لها، وهى تقليل الفجوة فى الميزان التجارى ومحاولة التقريب من الاكتفاء الذاتى سواء من السلع الزراعية أو الصناعية، وكمرحلة أولى من الضرورى التركيز على عدد من السلع الأساسية التى نحتاجها وبشدة ويتم استيرادها من الخارج والبحث عن بديل محلى لها وتصنيعها محليا، ونجحنا بالفعل خلال أزمة كورونا وإغلاق الأسواق الخارجية واضطراب الشحن والتوريد والنقل، ولذلك بدأنا فى التصنيع الزراعى وأصبح لدينا منتجات عديدة يتم تصنيعها الآن محليا بعدما كنا نستوردها من الخارج بل وأصبحنا نقوم بتصدير جانب كبير منها وفتحنا أسواقا لم تكن معروفة لدينا من قبل، والوضع نفسه نمر به الآن حيث نتعرض لأزمة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وصارت هناك مشكلة فى واردات القمح والذرة وسلع غذائية أخرى كنا نستوردها من روسيا وأوكرانيا، ولذلك فمن الأهمية البحث عن بديل محلى والاهتمام بزراعة القمح فى مصر للتقليل من آثار تلك الحرب وهذه الأزمة التى ليس لنا دخل فيها ونفس الحال بالنسبة لقطاعات أخرى، لا ننتظر حدوث أزمة حتى نبدأ فى التفكير فى الاعتماد على مواردنا الذاتية.
ولابد أن تكون الصناعة هدفا استراتيجيا نعمل من أجل خلق صناعات بديلة للمواد التى يتم استيرادها من الخارج وتقديم كافة التيسيرات والتسهيلات للمستثمرين، وهنا يجب أن أشير إلى مبادرة البنك المركزى لتشجيع الصناعة وتقديم سعر فائدة مدعم بنسبة 8% للقروض التى ستقدم لقطاع الصناعة، وهذا ليس كافيا فلابد أن يكون هناك قطاعات بالكامل يتم التركيز عليها والبحث عن مدن متوافر بها مزايا نسبية وتشجيع الصناعات بها ليصبح لدينا قلاع صناعية ضخمة فى كل محافظة أو مدينة ويتم توجيه كل الطاقات وتقديم التيسيرات الخاصة بالتراخيص أو الأراضى أو الإعفاءات والتيسيرات الضريبية والدفاع المدنى، تلك هى المشاكل الحقيقية التى تواجه أى رجل أعمال أو مستثمر صناعى، وبالنسبة للتمويل أعتقد أن مبادرات البنك المركزى أنهت جانبا كبيرا من تلك المشكلة.
وهناك نقطة أساسية فى منظومة التصنيع حتى يصبح لدينا منتجات قابلة للتصدير وهى الاهتمام بالجودة وهذا من أهم العناصر فى منظومة التصدير، وتحريك سعر صرف الجنيه أصبح مشجعا جدا لأى منتج مصرى ينافس فى الخارج، وأصبحت السوق المصرية أكثر جذبا للاستثمارات الخارجية.
ومن ضمن أولويات الجهاز المصرفى وأهمها تقديم كافة التيسيرات أمام السلع التى تنتج فى مصر وتخصص للتصدير، وكذلك تقديم الخدمات للمصدرين.