الإيكونوميست المصرية
حسين صبور.. أيقونة مصرية خالصة …. بقلم: أشرف الليثى

حسين صبور.. أيقونة مصرية خالصة …. بقلم: أشرف الليثى


بقلم: أشرف الليثى
صفات كثيرة قد ترد إلى ذهنى وأنا أصف بها المهندس حسين فايق صبور الذى بدأ نشاطه العملى فى مصر عام 1956 فور تخرجه من كلية هندسة القاهرة، شهد خلالها تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية كثيرة مرت بها مصر والمنطقة العربية ولكنه كان دائما فى جميع تلك التغييرات وطنيا صلبا لم ينحز إلا للدولة المصرية وللوطنية وللشعب المصرى، كان دائما صوت العقل المخلص الأمين، عندما يطلب منه إبداء رأيه كان يقوله بكل صدق وتعقل حتى لو كان صادما.
حسين صبور أيقونة مصرية خالصة، عالما فذا فى مجاله الهندسى مثل نجيب محفوظ فى الأدب وأحمد زويل فى العلم ومجدى يعقوب فى الطب ومصطفى مشرفة فى الطاقة النووية وعبد الرازق السنهورى فى التشريع وطلعت حرب فى الاقتصاد … شارك فى مشروعات مدنية وعسكرية كثيرة، ساهم فى بناء مدن بالكامل ومشروعات قومية فوق الأرض وتحتها كتب لها جميعا النجاح، لم يتعال أو يمتنع يوما ما عن قبول أى مشروع تحتاجه مصر، كان يتقدم الصفوف للمعاونة سواء بالمشورة الفنية أو العملية، ولم يجعل الجانب المادى عائقا فى يوم ما فى قبول أو رفض أى مشروع وطنى بل يفتخر بإضافة مساهماته فى المشروعات القومية الكثيرة كأوسمة على صدره الذى امتلأ بتلك الأوسمة من كل نوع وفى جميع العصور.
حاول رجال مبارك وجمال مبارك استقطابه للحزب الوطنى وعرضوا عليه مناصب عديدة إلا أنه رفض تماما، وكذلك الإخوان حيث ضغطوا عليه بشتى الطرق عن طريق حسن مالك رجل الأعمال الإخوانى المعروف لاستمالته ناحية الإخوان إلا أنه تملص منهم وأجبروه على المشاركة فى اجتماع مع رجال الأعمال ولعدم قناعته بالحوار غلب عليه النوم أثناء هذا الاجتماع ونقلته شبكات التليفزيون فى ذلك الوقت واعتبره الإخوان استهتارا بهم وجمدوه طوال فترة حكمهم ولم تسند إليه أية أعمال خلال فترة حكمهم.
الناقد السياسى أو الاجتماعى أو الأديب يفقد مصداقيته إذا كان مؤيدا أو معارضا طوال الوقت، يجب عليه أن يكون مرآة صادقة للحاكم قبل المحكوم يوجهه ويرشده إلى الطريق الذى يراه بحكم خبرته فى مجال عمله، ولا يكون مؤيدا له على طول الخط وإلا أصبح مضللا؛ نجيب محفوظ على سبيل المثال كان أكثر الناس معارضا للنظام عندما استشعر الخطر وكتب أروع قصصه التى تعبر عن ذلك مثل “ثرثرة فوق النيل” و”الكرنك” وغيرهما، ربما تكون تلك قطرة مياه ساهمت فى تصحيح المسار بعد ذلك، كذلك هو دور أى مفكر أو عالم أو خبير مثل حسين صبور عليه أن يوجه ويعبر عن رأيه بصراحة تصويبا للمسار إذا كان يرى خروجا عن النص، خاصة أن الرجل الذى يبلغ من العمر 83 عاما لا يبحث عن منصب ولا جاه ولا مال ولا يريد سوى مصلحة ورفعة هذا الوطن.
حسين صبور بحكم خبرته الطويلة لم يصبح الآن مجرد مهندس بارع خبير فى مجاله بل أصبح أقرب إلى الحكيم الملم بكافة نواحى الحياة الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، وذلك بهدوئه الرزين وأدبه الجم وسلوكه القويم الذى لم يحد عنه فى يوم من الأيام ولم ينحز قط لطبقة اجتماعية على حساب أخرى، وكان دائما يضع مصلحة الفقير قبل الغنى من منطلق مصلحة الوطن العليا قبل المصلحة الشخصية فهو عاشق لتراب هذا الوطن ولم يهرب فى يوم من الأيام رغم مروره بأزمات كثيرة ومواقف صعبة وتعرضه لإغراءات كثيرة لنقل نشاطه خارج مصر إلا أنه لم يفعل، بل كان خروجه إلى ليبيا وعدد من الدول الأفريقية الأخرى من منطلق المصلحة الوطنية المصرية لخدمة أهداف الدولة العليا.
مصر تفخر دائما بعلمائها ونوابغها فى فروع العلم المختلفة، وحسين صبور ليس أقل من هؤلاء، فجميع كليات وطلبة الهندسة على مستوى الجمهورية يعلمون مدى قيمة وقدر المهندس حسين صبور لأنه بحق أيقونة مصرية خالصة ومخلصة.

Related Articles