الإيكونوميست المصرية
حسين صبور الإنسان…. بقلم: أشرف الليثى

حسين صبور الإنسان…. بقلم: أشرف الليثى

بقلم: أشرف الليثى

شاءت الظروف والأقدار أن أقترب كثيرا من هذا الرجل وأعرفه ليس على المستوى العملى فقط بل على المستوى الإنسانى والذى كثيرا ما يخفيه تحت ملامحه الجادة وأفكاره العملية، وأجريت معه أحاديث صحفية طويلة واستمتعت كثيرا بأحاديثه بعيدا عن العمل والتى غلب عليها الطابع الإنسانى في حياة المهندس حسين صبور.

فقد بدأ نشاطه العملى فور تخرجه من كلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1956 وأسس مكتبا صغيرا، ومنذ ذلك اليوم أصبح حسين صبور مسئولا مسئولية مباشرة عن جميع العاملين في المكتب وأسرهم ولم يعرف طعم الراحة حتى الآن ولم يستمتع برفاهية الحياة التي يعتقد الكثيرون أنه واحد من الأثرياء الذين ولدوا وفى فمه ملعقة من ذهب، بل إن قصة نجاح حسين صبور تستحق أن تؤلف فيها كتب كثيرة خاصة أنك كلما غصت في أعماقه تكتشف مدى إصرار الرجل على أن يكون ناجحا، ولذلك تعرض لكثير من التحديات جعلته في أوقات كثيرة لا يجد ما يسد به احتياجات منزله مما اضطر زوجته الفاضلة لبيع مصاغها كى تنفق على البيت.

ويفتخر حسين صبور بأنه رغم تلك الظروف القاسية التي تعرض لها في مصر عقب هزيمة 67 وتوقف النشاط بالكامل واضطراره للسفر إلى ليبيا والعمل هناك، فإنه حافظ على استمرار مكتبه في مصر واستمرار جميع العاملين فيه ولم يتخل عن أحد منهم، وهناك عدد منهم مستمر في مكتب صبور الهندسى حتى هذا اليوم، وكان خلال تواجده في ليبيا يتفق على أى مشروع ويرسل الرسومات الهندسية لإعدادها في مصر كى يحافظ على استمرار مكتبه في العمل، وطوال أكثر من ثلاثة أشهر كاملة كان يرسل مرتبات العاملين إلى مكتبه بالقاهرة ونسى بيته تماما ولم يرسل لزوجته أى مصروفات خلال تلك الشهور الثلاثة مما اضطرها لبيع مصاغها للإنفاق على المنزل وابنها أحمد.

في مكتب حسين صبور الآن أكثر من 1200 مهندس وعامل وموظف علاقته بهم علاقة الأب والأخ الكبير ويصفهم دائما بأنهم شركاؤه وزملاؤه وينسب إليهم الفضل دائما فى أى نجاح يحققه ولذلك عندما تدخل مكتب صبور تشعر بمدى الدفء والحميمية في العلاقة بين الجميع وذلك بفضل تعامله مع الجميع بمبدأ العدالة، ولم يكن لأحد منهم حق إلا ويحصل عليه كاملا سواء كان ماديا أو معنويا، وعندما عمل حسين صبور معه أبنائه أحمد وعمر تعامل معهما مثلما يتعامل مع جميع أفراد المكتب ولم يميزهما لا في العمل ولا الأجر.

حسين صبور حياته تتلخص في كلمتين العمل والرحمة؛ فالعمل هو معشوقه الأول والأخير في الحياة، والرحمة بكل ما تحملها الكلمة من معان، فهو كتلة إنسانية تتحرك على الأرض ربما لا تظهر مباشرة نتيجة طباعه الجادة جدا في العمل إلا أن جميع المحيطين به يعرفون أنه لم يلجأ إليه محتاج قط إلا ولبى له طلبه دون أى ضجيج.
وللمهندس حسين أياد بيضاء كثيرة يعلمها جيدا أهالى مدينة قوس بمحافظة قنا حيث تكفل بتطوير مستشفى قوس وتحمل وحده تكاليف إنشاء مدرسة الدكتور عبد العزيز القوسى والد زوجته الذى كان من كبار أساتذة علم الاجتماع بجامعة القاهرة، بالإضافة إلى آلاف الأسر الفقيرة التي يتكفل برعايتها كاملة خاصة في مدينة قوس بمحافظة المنيا أو في الشرقية بلدته أو القاهرة.

حسين صبور لم يكن أبدا المال همه الوحيد طوال حياته، وإنما كان يشغله تحقيق النجاح في المشروعات التي يشرف عليها وأيضا المحافظة على سمعته التي اكتسبها طوال مشوار حياته وأصبح اسم صبور فخرا لكل مصري على أرض مصر .

حسين صبور وطنى حتى النخاع، لم يتخل يوما ما عن الدور الوطنى، وكان مساهما كبيرا في كافة المشروعات الحيوية سواء في شرق القناة أو غربها وأشرف بالكامل على مدينة الإسماعيلية الجديدة، وفى مدينة العلمين الجديدة حيث أشرف وخطط ونفذ مشروع مبنى مجلس الوزراء فيها الذى يعد تحفة معمارية، وجميع مشروعات البنية التحتية من شبكات صرف صحى وتليفونات وكهرباء وأنفاق إلا وتحمل مساهمات مكتب صبور، ولا توجد مدينة في مصر إلا وهناك مشروع أو أكثر للمهندس حسين صبور.

لم يتقاعس حسين صبور يوما من الأيام عن تلبية النداء لخدمة وطنه، ولم يتخل أبدا عن مبادئه حيث حاولت جماعة الإخوان خلال فترة توليها مقاليد الحكم استمالته بشتى الطرق ولكنه رفض أن يضع يده في أيديهم.

حسين صبور سيظل علامة بارزة في تاريخ مصر الهندسى والعلمى والاجتماعى والإنسانى بل والرياضى أيضا.

Related Articles