الإيكونوميست المصرية
حقل ظهر علامة فارقة فى تاريخ الطاقة فى مصر

حقل ظهر علامة فارقة فى تاريخ الطاقة فى مصر


يعد حقل ظهر العملاق أكبر كشف غاز تحقق فى مصر ومنطقة البحر المتوسط ، ويمثل إضافة قوية لدعم احتياطيات وإنتاج مصر من الغاز الطبيعى، وسيسهم فى تلبية احتياجات السوق المحلية من الغاز، فضلا عن تشجيع كبرى الشركات العالمية فى ضخ استثمارات جديدة فى قطاع البترول المصرى.
وسوف يغير الحقل العملاق خريطة الطاقة بمصر ويحولها إلى مركز إقليمى للطاقة كما أنه يعد أيضا مشروع الأرقام القياسية حيث استغرق 28 شهرا منذ تحقيق الكشف وبدء باكورة الإنتاج وهو يمثل إنجازا فريدا من نوعه مقارنة بالاكتشافات المماثلة على مستوى العالم والتى يستغرق تنفيذها من 6-8 سنوات، بالإضافة إلى ضخامة استثماراته والتى تبلغ 12 مليار دولار على مدار عمر المشروع .
ويعتبر حقل ظهر علامة فارقة فى تاريخ مصر البترولى حيث تم توقيع الاتفاقية مع شركة إينى الإيطالية فى منطقة امتياز شروق البحرية فى المياه العميقة بمنطقة البحر المتوسط فى يناير 2014 ، وفى أغسطس 2015 تم الإعلان عن تحقيق الكشف التجارى باحتياطيات تقدر بحوالى 30 تريليون قدم مكعب، ويقع الكشف على مسافة 190 كيلو متر من الشاطىء، وسيتولى هذا الكشف نقل مصر من دولة مستوردة للغاز إلى دولة مصدرة له اعتبارا من العام المقبل 2019 .
وقد بدأ التشغيل التجريبى للمرحلة الأولى من المشروع فى ديسمبر 2017 بمعدل إنتاج 350 مليون قدم مكعب غاز يوميا يصل إلى أكثر من مليار قدم مكعب غاز يوميا قبل منتصف عام 2018 ، يرتفع إلى 1.7 مليار قدم مكعب غاز يوميا بنهاية 2018، وباستكمال مراحل تنمية المشروع يصل الإنتاج إلى 2.7 مليار قدم مكعب غاز يوميا بنهاية عام 2019 بما يمثل قرابة 50% من إنتاج مصر من الغاز.
وكانت مصر تعد ثامن أكبر مستورد فى العالم للغاز الطبيعى المسال وذلك قبل بدء إنتاج حقل ظهر، ومن المتوقع أن يتم إيقاف استيراد الغاز بعد تشغيل المرحلة الثانية للمشروع بنهاية العام الحالى وبذلك تخرج مصر من قائمة الدول المستوردة للغاز الطبيعى لتنضم إلى قائمة الدول المنتجة.
ووفقا لتقديرات العمليات الأولى للإنتاج، يتم توفير نحو مليونى دولار يوميا، بإجمالى 60 مليون دولار شهريا، تعادل 720 مليون دولار سنويا ترتفع إلى نحو مليارى دولار بعد اكتمال تشغيل المرحلتين الأولى والثانية اللتين يرتفع فيهما الإنتاج إلى نحو 2.7 مليار قدم مكعب. وهذه التكلفة كانت تتحملها الموازنة العامة للبلاد، مما يخفف عبء الضغط على ميزان المدفوعات، وكذلك الضغط على العملة الأجنبية التى كانت تتولى الدولة توفيرها لاستيراد شحنات الغاز المسال شهريا.
وفيما يتعلق بعدد الآبار المنتجة بنطاق حقل ظهر، قال المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية إن عدد الآبار المنتجة يصل إلى 6 آبار فى المرحلة الأولى، ترتفع إلى نحو 20 بئرا مع بدء إنتاج المرحلة الثانية.
ويرى الخبراء أن حقل ظهر سوف يفتح شهية الشركات العالمية للقيام بمزيد من عمليات البحث والتنقيب بالمناطق المجاورة، ويؤكد قدرة الشركات المصرية على التعاون مع الشركات الأجنبية لإنجاز المشروعات البترولية الضخمة على مستوى العالم التى تحتاج إلى تكنولوجيا متطورة وخبرة متميزة، كما يعظم حقل ظهر من دور شركات البترول المصرية فى أعمال تنمية الحقل والتسهيلات البرية حيث كانت شركتا بتروجت وإنبى مقاولين رئيسيين بجانب شركة سايبم الإيطالية وذلك لتعظيم المكون المحلى فى أعمال تنفيذ المشروع.
ولم ينل اكتشاف حقل غاز باهتمام المؤسسات الإعلامية مثلما نال حقل ظهر، حيث وصف صندوق النقد الدولى الحقل بأنه سوف يجعل مصر أحد اللاعبين المهمين فى أسواق الطاقة، ووصف رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر “سوبير لال” بدء إنتاج حقل ظهر للغاز بأنه تطور مهم، متوقعا أن تكون مصر أحد اللاعبين المهمين فى أسواق الطاقة بصفة عامة والغاز بصفة خاصة فى المستقبل القريب.
وأضاف خلال إعلانه الوثائق الخاصة بالمراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، أنه فى حال بدء مصر تصدير الغاز وربما الكهرباء فى المستقبل فإن ذلك سيعزز من وضع النقد الأجنبى.
وذكرت شبكه بلومبرج الأمريكية الحقل بأنه سيقوم بتخفيف العبء عن الاحتياطى النقدى وأن بدء إنتاج حقل ظهر سيضع نهاية لشراء مصر من الغاز الطبيعى من الخارج ويساعد على تخفيف الضغط على الاقتصاد المصرى ويخفف العبء عن الاحتياطى النقدى .
وأشارت الوكالة إلى أن الحقل الذى يقع قبالة سواحل مصر على البحر المتوسط سيسهم فى سد جزء كبير من الطلب المحلى بعد أن كانت مصر تضطر على مدى سنوات طويلة إلى استيراد الغاز المسال بتكاليف عالية لتلبية احتياجاتها من الطاقة.
فيما أكدت صحيفة فاينانشيال تايمز أن هذا الحقل يعتبر خطوة كبيرة ستغير خريطة الطاقة فى مصر، مشيرة إلى أن هناك أرباحا كثيرة يمكن أن تجنيها مصر بعد تشغيل حقل ظهر كما أنه سيجعل من مصر مركزا لإنتاج الغاز فى شرق المتوسط.
وأضافت أن الحقل لا تكمن أهميته فقط فى الجانب الاقتصادى، ولكن له بعدا استراتيجيا حيث يعتبر الحقل أحد أكبر المصادر الجديدة التى يمكن أن تعتمد عليها أوروبا فى المستقبل والذى سيؤدى بشكل كبير إلى تقليل اعتماد أوروبا على الغاز من روسيا.
أما شبكة سكاى نيوز فقالت إن بدء إنتاج حقل ظهر مكن مصر من تأجيل تسلم شحنات متعاقد عليها، حيث تهدف مصر لخفض المشتريات العام الحالى مع الارتفاع الكبير فى إنتاج الغاز المحلى، وهوما قلص الطلب على الغاز المستورد الأعلى تكلفة.
وأكدت الوكالة أن تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز بنهاية 2018 لا يبدو مبشرا بالخير للتجار الدوليين الذين عليهم تحويل كميات من الغاز الطبيعى المسال إلى أماكن أخرى، وسط القلق من تأثير ذلك على أسعار الغاز العالمية إذا لم يتم إيجاد أسواق بديلة لمصر.

Related Articles