قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، إن الأزمات المتتالية التي يمر بها العالم لاسيما عقب جائحة كورونا، وما يعانيه من نتائج وتداعيات الصراعات والحروب، وأزمات أسعار الغذاء والطاقة، تعزز من حالة عدم اليقين التي يمر بها العالم، لاسيما في الدول النامية والناشئة التي اتخذت خطوات بالفعل في سبيل تحقيق التعافي من تداعيات جائحة كورونا، والسعي لتحقيق مستقبل أخضر.
جاء ذلك خلال مشاركتها في الجلسة الافتراضية التي عقدها منتدى البحوث الاقتصادية ERF، تحت عنوان “إدارة الاقتصاد الكلي في أوقات الأزمات”، أدار الجلسة الدكتور سمير مقدسي، رئيس مجلس أمناء منتدى البحوث الاقتصادية، وتحدث إلى جانب الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، الدكتور إبراهيم البدوي، المدير التنفيذي لمنتدى البحوث الاقتصادية، والدكتورة كارمن راينهارت، النائب الأول للرئيس ورئيسة الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي، والسيد ماجد المنيف، رئيس اللجنة الاستشارية الدولية لمنتدى البحوث الاقتصادية وKAPSARC، والسيد رايموندو سوتو، الأستاذ في الجامعة البابوية الكاثوليكية في شيلي
وأوضحت وزيرة التعاون الدولي، أنه بينما كان العالم يعمل على تعزيز التعاون متعدد الأطراف وحشد الجهود الدولية للتعافي من جائحة كورونا، ودمج معايير التعافي الأخضر في الخطط الوطنية لتحقيق التنمية، ظهرت بوادر العديد من الأزمات المتتالية المتعلقة بأسعار الغذاء والسلع والطاقة، فضلا عن نتائج الحروب والصراعات، وهو ما جعل الوضع الحالي أكثر تعقيدًا من ذي قبل لاسيما على مستوى الدول النامية والناشئة.
وأضافت “المشاط”، أن جائحة كورونا رغم حدتها إلا أنها حملت بعض النتائج التي كانت عاملا للتغير الإيجابي مثل اتجاه الدول للتوسع بقوة في جهود التحول الرقمي، بينما الأزمة الحالية تختلف بشكل كبير عن جائحة كورونا وتزداد حدتها في دول العالم كافة ليس دولة بعينها.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أن جهود تحقيق التنمية المستدامة وأجندة 2030 على مستوى العالم باتت متأثرة بشدة بسبب التغيرات الاقتصادية العالمية والأزمات المتتالية، وبالتالي فإنه إلى جانب السياسات المالية والنقدية التي تنتهجها الدول لمحاولة التغلب على تداعيات الأزمات الحالية، فإنه من الضروري أن يسعى المجتمع الدولي لنوع من الأدوات غير التقليدية والمبتكرة من التمويلات مثل التمويل المختلط والتمويلات الميسرة المبتكرة، التي تعزز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص وتعزز جهود التنمية.
وذكرت “المشاط”، أنه مثل هذه الأدوات يمكن أن تمثل حافزًا للاستمرار في جهود التنمية وتحقيق التعافي، والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات على مستوى التنمية خلال السنوات الماضية، حيث تعزز مشاركة الأطراف ذات الصلة في المضي قدمًا نحو تعافي أخضر ومستدام من خلال تقليل مخاطر تمويل المشروعات، وفتح آفاق مشاركة القطاع الخاص، وتعزيز دور المجتمع المدني والشباب والمرأة، وتوطيد التعاون متعدد الأطراف.
واعتبرت الدكتورة كارمن راينهارت نائب الرئيس الأول وكبير الاقتصاديين بالبنك الدولى ، ان ما يمر به العالم حاليا اسوء من فترة الكساد العظيم و يزيد الموقف سوءا خمول مسؤولين فى مواقع حساسة، وضعف شهية الاستثمار، مشيرة إلى أن جائحة كورونا والحرب الاوكرانية، ضاعفتا معاناة اغلب الاقتصادات فى العالم. قالت ان التعافى بمعناه الحقيقى يعنى ارتفاع نصيب الفرد من الناتج عن ذى قبل ، لكن فى الدول النامية والناشئة فإن نصيب الفرد لا يزال أقل مما كان عليه فى ٢٠١٩، وان تلك الدول كانت تعانى حتى قبل الجائحة ، وذكرات كارمن ان التضخم يرتفع بشكل مفزع خاصة فى اسعار السلع الغذائية والتصخم بشكل عام ضريبة باهظة ،ويسبب هشاشة الأسر. اكدت ان الحكومات والبنوك المركزية تواجه موقفا لا تحسد عليه فى ظل صدمات داخلية وخارجية وان رفع الفائدة سيزيد متاعب وتكلفة الدين ويزيد تقلبات اسواق رأس المال، ولفتت الى أن وكالات التصنيف نشطت لخفض التصنيفات فى الاعوام ال ٣ الاخيرة وهناك عوامل داخلية تسبب ضعف التصنيفات ،يجب التنبه إليها، واوصت بالعناية بخدمة الدين وتقليل المخاطر وذكرت ان السيولة ليست سيئة ومن الممكن خدمة الديون القصيرة لكن الخبر السىء هو ان الديون الطويلة وصلت الى مستوى تاريخى ،واشارت الى إن وضع مصر افضل ،ورغم موقف معاكس لهل من قبل قالت الدكتورة كارمن ان هذا ليس وقت الخوف من التعويم ويجب عدم إهدار الاحتياطات ،والنظر إلى رفع الفائدة كعمل دفاعى مطلوب ،والبنوك المركزية وظيفتها فى النهاية الحفاظ على استقرار الاسعار ،كما ان قدرا من التقشف مطلوب ،وكذا يجب التعامل مع الثروات وعدم المساواة وبناء شبكات حماية افضل ،رافضة منهج تثبيت الأسعار اداريا كعلاج وأوضحت انه لا يجب انتظار الفيدرالى الامريكى من اجل التحرك.
واستعرض الدكتور ماجد المنيف رئيس اللجنة الاستشارية الدولية لمركز الملك عبد الله للدراسات و البحوث البترولية ،تطور السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية فى دول الخليج ،فى ظل تقلبات أسعار النفط ، وجهود تنويع الصادرات والاقتصاد، ،وصولا الى أثار جائحة كوفيد ، ثم ارتفاع اسعار النفط مرتين مؤخرا بفضل تعاون المنتجين وكانعكاس للحرب فى أوكرانيا. ودعا الدكتور منيف إلى تكييف السياسة المالية والنقدية مع التقلبات ،والعناية براس المال البشرى ورفع مستوى الرقابة، وهناك حاجة الى الاستدامة وترشيد الاداء ورفع الكفاءة والوصول للجمهور لتوعيته وتقليل التركز المصرفي ومعالجة الديون السيادية و تعزيز التنافسية واقامة اقتصاد بلا كربون وادماج سياسات الطاقة في السياسات الاقتصادية وعلاج تشوهات سوق العمل والنساء .
اما الدكتور ريموندو سوتو الاستاذ بالجامعه البابوية الكاثوليكية فى تشيلي فقال انه يجب افتراض ان بعض اثار الجائحة ستمتد وان الوضع سيسوء، بسبب الحرب وكون السلام بعيد ،ولفت الى تحديات تفاقم عجز الموازنات و عدم المساواة والفقر وتدهور الصحة النفسية وعدم احتمال تعافى التعليم بسرعة بعد صدمة اللجوء إلى الرقمي ،طل ذلك ومعه تراجع الثقة فى الحوكمة وأكد اهمية ان نجعل التحول التكنولوجي والرقمي سلسا ومنخفض الكلفة وتأجيل بعض الإصلاحات الهيكلية واستغلال فرصة ان كوفيد حرك مياها راكده ووجب إصلاح التفكير مع جرأة ومرونة في القرارات.