الإيكونوميست المصرية
رسائل ربانية………….بقلم: محمد فاروق

رسائل ربانية………….بقلم: محمد فاروق

محمد فاروق

المولى سبحانه وتعالى يرسل إلينا باستمرار رسائل لا يتلقاها ويفهمها غير المحظوظين، ويتوقف مدى قدرتك على استقبالك للرسالة على نقائك وسلامة قلبك وحسن نيتك وبالتالى قوة بصيرتك.
وقد تكون الرسالة – من وجهة نظرك- نعمة وسعادة أو نقمة وشقاء، المهم أن تدركها وتتفكر فيما وراء هذه الرسالة وما المقصود منها، فقد يريد الله تعالى أن يبعدك عن ذنب ما، أو يوجهك لطريق معين، أو يساندك فى ابتلائك، أو يدعمك فى اجتهادك الشريف، أو يدفعك لتغيير أفكارك الخاطئة وتصرفاتك غير السوية، أو غيرها من أمورك.
المهم أن تتفكر فى كل ما يحدث لك، فتلك رسائل ربانية وليست أحداثا عابرة، ففى هذه الحياة، لا شىء يحدث دون سبب ولا شىء يقع دون أن يكون وراءه مغزى معين، والإنسان المدرك يفهم ذلك ويعيه تماماً، وهذا فى حد ذاته له العديد من المزايا التى تعود على الإنسان، منها التقاط الإشارة وفهم الرسالة التى يرسلها العلى القدير لعباده، بالإضافة إلى أن الإنسان لو اتبع هذا النهج فى الحياة فلن يصاب أبدا بالحزن لأى حدث يحدث له مهما كان شديدا ولن يصاب باليأس والإحباط مهما واجه من صعوبات فى هذه الحياة، وسيظل دائما متخذا للبوصلة الربانية مرشدا له فى كل حياته يهتدى بها خاصة وقت الحيرة وعندما تلتبس عليه الطرق وتتشابه أمامه السبل، وسيبقى دائما متوجهاً لله سبحانه وتعالى بالدعاء بأن يهديه ويرشده للطريق السليم، فأصحاب الكهف حين أووا للكهف وهم فى شدة البلاء، طلبوا من اللّه القدير “الرُشد”، حيث قالوا: “ربنا آتنا من لدُنكَ رحمة وهيئ لنا من أمرِنا رشدا”.
والله تعالى يقول: “وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون”، فيا رب امنحنا جميعا الرشد وألهمنا الطريق الصحيح، وكن لنا وليا مرشدا من أجل السداد فى الحياة الدنيا والآخرة.
كما أن علينا أن نعيش هذه الحياة ونحن نضع نصب أعيننا أنها زائلة ولن تدوم، فالدكتور مصطفى محمود قال فى كتابه “الإسلام فى خندق”: “أنظروا تحت أرجلكم، تجدوا تراب خمسة عصور، ربما تحت أقدامكم الآن بقايا درع مكسورة كان يلبسها فارس مغوار، وبقايا مكحلة كانت تكتحل بها أميرة تمشى فى موكب فخم، وأكاد أسمع أصوات المواكب ونفير الجيوش تحت التراب، والعرس وضيوفه والقاتل والقتيل والظالم والمظلوم فى حفرة واحدة قد استووا تراباً. لا شىء فى الدنيا يساوى أن نكذب أو نخون أو نظلم، لا شىء يدعونا لأن نخاف، والخائف سوف يتمدد إلى جوار الذى يخاف منه بعد قليل، والجبان لن ينجو من الموت، والرعديد سوف يسبق الشجاع إلى حتفه. وسوف تتفكك هذه البنايات وتنهار تلك العمائر الجميلة كأنها ديكور من ورق اللعب، وسوف تزول هذه الزخارف كأنها نقش على الماء، ولن تبقى إلا شواهد قبور، ثم تغور الشواهد فى التراب أو الرمال، ثم لا يبقى اسم ولا رسم.
والذى يعى هذا جيداً سوف يُقبـِل على الدنيا بجسارة، وسوف يخوض أحداثها بقلب من حديد، وسوف يقول الحق لا يخشى فيه لومة لائم، وسوف يبسط يده بالخير لا يخاف فقراً، وسوف يواجه البأس لا تزلزله الزلازل ولا تحركه النوازل، وهؤلاء هم أهل الإحسان الذين يعبدون الله كأنهم يرونه، ويتعاملون مع الموت كأنه رفيق حاضر وصاحب مصاحب منذ الميلاد، فاجتهدوا أن تكونوا من هؤلاء لتدين لكم الدنيا وتسلم لكم الآخرة وقولوا الحق يرحمكم الله”.
رحم الله تعالى الدكتور مصطفى محمود، وأنعم علينا جميعا بالبصيرة والهدى والرشد.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *