بقلم: أشرف الليثى
إذا تحدثت مصر فى أى وقت، يصمت العالم أجمع وينصت هكذا هو قدرها.. على مدى الشهور القليلة الماضية تحدث بعض المحللين السياسيين والاقتصاديين عن التغيير فى رئاسة الدولة المصرية بل وتعدى الأمر إلى اختيار عدد من الشخصيات، سواء كان لها تاريخ سياسى أو بدون، لرئاسة مصر وإحداث تغيير فى القيادة المصرية وانتخاب رئيس جديد، كل هذه الآراء جاءت فى توقيت واحد ومن أبواق مختلفة، للأسف كان بعضها من داخل الأسرة العربية التى من المفروض أنها أدرى بطبيعة مصر أكثر من غيرها.
وبالفعل شاهدنا كرنفال الانتخابات الرئاسية كما لم نراها من قبل، وتكالبت الأصوات الخارجية والداخلية لترشيح البعض لقيادة الدولة المصرية خلال المرحلة المقبلة وعلاج الخلل الذى يدعونه خاصة فى الناحية الاقتصادية وتحقيق سياسة تغيير شاملة فى كافة النواحى بدءا من التوقف عن تنفيذ المشروعات القائمة ومرورا بتعامل مصر مع المنظمات الاقتصادية الدولية ومؤسسات التقييم الائتمانى الدولية التى ثبت عدم حيادتها ودورانها فى الفلك السياسى وتأثرها به أكثر من أى عامل آخر سواء اقتصادى أو إصلاحى ونهاية برفض سياسة تسليح الجيش وتحديثه.
وفجأة عندما تعرض العالم لأزمة غزة والاجتياح الاسرائيلى لها، تغيرت بوصلة الجميع وعلت الأصوات مطالبة بالإغاثة، وطالبوا الزعيم الحكيم بالتدخل، وتبدلت حناجر الأصوات العالية واعترف الجميع بخطأ التقديرات السابقة بل واعترف معظم المرشحين للانتخابات الرئاسية بأحقية الرئيس السيسى فى إدارة شئون الدولة المصرية وفقا للمنهج الذى يسير عليه، وأعربوا عن تأييدهم له فى الانتخابات المقبلة، واعترف الجميع بأهمية سياسة تسليح الجيش المصرى وتحديثه كونه رمانة الميزان الرئيسية فى المنطقة والحافظ على أمن واستقرار البلاد، وثبت للجميع أيضا تعاظم المسئولية وثقل الحمل الذى يحمله فوق كتفيه.
عندما تضعك الظروف لقيادة دولة بحجم مصر، عليك أن تدرك مدى المسئولية الضخمة والتحديات الصعبة التى تواجهها سواء فى الداخل أو الخارج، وعليك مسئولية تجاه شعبك؛ كيف توفر له الحماية والأمن وسط منطقة تموج بالصراعات والمخاطر، وبنظرة واحدة للخريطة العربية سوف تكتشف بكل سهولة حجم التوترات فى جميع البلدان حولنا والذى نتج عنه عدم استقرار المنطقة بصفة عامة باستثناء دولة واحدة فقط فى المنطقة وهى مصر المحروسة بعناية الله وجيشها وقائدها وشعبها رغم التحديات الضخمة خاصة الاقتصادية التى تواجهها والتى لولا سياسات الإصلاح والإجراءات القاسية التى تم اتخاذها لكانت البلاد الآن فى مهب الريح ولأصبحت غنيمة سهلة لكل المتربصين بها والذين يتمنون سقوطها حتى تصبح لقمة سائغة من السهل هضمها.
مصر الآن عصية على تحقيق أحلام المغتصبين، حيث تتحطم تلك الأحلام دائما على الصخرة المصرية، ولولا الجيش المصرى القوى الذى تم استثمار تسليحه بأحدث الأسلحة لكان شكل المنطقة قد تغير كثيرا ولتحققت صفقات القرن وأحلام الصهيونية العالمية ولانتهت إلى الأبد أسماء دول وشعوب وقضايا فى المنطقة، فمصر كانت وستظل عمود الخيمة الرئيسى لدول المنطقة.
أدرك العالم أجمع الآن أن مصر المستقرة سياسيا واقتصاديا أصبحت مطلبا أساسيا، حتى تستطيع أن تحافظ على التوازنات فى المنطقة وحتى تستطيع أن تلعب دورها المكتوب على جبينها منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة كونها الزعيمة والكبيرة فى المنطقة والتى إذا تحدثت سكت الجميع وأنصت لما تقول، وظهر هذا جليا عندما دعا الرئيس السيسى قادة العالم أجمع لاجتماع السلام فى العاصمة الإدارية الجديدة وحضر وشارك غالبية زعماء العالم وانطلق يومها صوت السلام من أرض السلام ينشر الأمل لشعوب العالم ويقول بكل قوة أنا مصر التاريخ والحاضر والمستقبل أمتلك فى يدى جميع خيوط القضايا وأنا القادرة على ترجيح كفة الطرف الذى أقف بجانبه بل والقادرة على قول كلمة الحق فى الوقت الصعب والقادرة على مواجهة أى نزوات أو غزوات تهدد أمن واستقرار المنطقة والقادرة على إفساد أى مخطط انهزامى تتعرض له المنطقة.
عندما فكر الرئيس السيسى فى تعمير سيناء وتوصيل مياه ترعه السلام إليها لرى واستصلاح 500 ألف فدان وتوفير حياة كريمة لأبناء الشعب المصرى فى سيناء، كان ذلك هو الخط الأول لحماية سيناء والدفاع عنها لأن تنميتها تقضى على أحلام أى غازٍ أو متهور أو طامع فى احتلال أقدس بقعة فى أرض مصر، ومهما بلغت تكلفة مشروعات التنمية والبنية التحتية لن توازى حجم النفع الذى سيعود علينا جميعا من أجل المحافظة على أرض الفيروز والقضاء على أطماع المتهورين، حيث أصبح عليهم قراءة التاريخ المصرى جيدا والتعرف على الجينات المصرية التى تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل فى أن الأرض المصرية ليست للبيع وهى قاصرة فقط على المصريين، نختلف فى أشياء كثيرة ولكن نتفق جميعا على هذا المبدأ أن أرض مصر بالنسبة للمصريين مثل العِرض والشرف، وهى ليست معروضة للبيع، فالمصرى حتى لو لم يمتلك قوت يومه لن يفرط فى شبر واحد من أرضه.
تثبت الأيام أن مشروعات التنمية التى تمت فى مصر منذ عام 2015 وحتى الآن لم تكن رفاهية ولم يكن فى الإمكان تأجيلها بل إنها من أولويات الأولويات، وتأخير تنفيذها كان سيكلفنا الكثير وربما لم نكن نستطيع تنفيذها فيما بعد، فهذه المشروعات كانت ضرورية ومن الأهمية تنفيذها إذا ما أردنا تحقيق التنمية الشاملة بمفهموها الصحيح، فكيف يمكن تحقيق الهدف القومى بزيادة حجم الصادرات إلى مائة مليار دولار ولم تتوفر لدينا موانئ حديثة ومطارات متطورة وطرق ممهدة وشبكات مواصلات حديثة لربط المصانع بمنافذ التوزيع والتصدير؟ وكيف يمكن تلبية احتياجات المصانع من الكهرباء دون أن يتوافر لدينا محطات كهرباء حديثة ومتطورة؟ بل ومن الأهمية أيضا تنوع مصادر الطاقة وعدم الاكتفاء بمحطات الكهرباء التقليدية وكان لابد من استغلال المزايا النسبية التى تتميز بها مصر وإقامة محطات توليد الكهرباء باستغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وأيضا محطات الطاقة النووية فى الضبعة.
ليس عيبا أن تلجأ الحكومات إلى الاستدانة من الخارج من أجل تمويل مشروعات التنمية، فجميع دول العالم أصبحت تلجأ للاستدانة من أجل التنمية وتمويل مشروعات تنموية.
ويجب بعد هذه الظروف المؤلمة التى تمر بها المنطقة أن ندرك مدى أهمية الاصطفاف خلف القيادة السياسية لتسيير أمور البلاد وأن ندعم توجهها خاصة أننا أدركنا جميعا صدق رؤياها وتوجهها، ويجب أن يعترف الفصيل الذى تبنى سياسة التغيير ونحن فى منتصف الطريق بأنه كان مخطئا، وعلينا أن نطالب الرئيس السيسى باستكمال البناء واستمرار السير فى الطريق لآخره، وإن شاء الله سوف نصل إلى طاقة النور الواسعة التى نراها فى نهاية هذا النفق.