حوار: أشرف الليثى
ياسر إبراهيم رئيس مجلس إدارة المجموعة المتكاملة للتنمية العقارية والسياحية إنسان يجمع من الصفات التى تميزه عن غيره سواء فى القطاع العقارى الذى بدأ فيه مشواره العملى أو السياحى الذى أصبح متخصصا فيه، ولذلك فآراؤه دائما ما تكون موضع اهتمام لأنها تأتى من إنسان غيور على بلده وحريص على أن تصبح مصر فى مقدمة الدول سياحيا، ولذلك فهو يتحدث دائما عن الحلول ولا يقف كثيرا أمام المشاكل وأهم ما يركز عليه ضرورة أن تمتلك مصر زمام الأمور ولا تصبح رد فعل للآخرين ولابد من وجود خطة وطنية محددة لاستعادة مكانة مصر السياحية بصرف النظر عن أى أحداث فى المنطقة من حولنا.. وإلى نص الحديث الشامل معه لمجلة “الإيكونوميست المصرية”:
• كيف ترى السوق العقارية الآن، وإلى أى قطاع يتجه؟
المطورون العقاريون يأملون أن تستمر الانتعاشة التى حدثت خلال العامين الأخيرين، ولكن الواقع الآن أن الطلب على الاستثمار السكنى بدأ ينخفض نتيجة الطروحات الكبيرة من جانب الشركات الخاصة، والسبب الأهم من وجهة نظرى نتيجة الأعداد الضخمة من الأراضى التى تطرحها وزارة الإسكان سواء للإسكان المتميز أو المتوسط كدار مصر أو غيرها ورغم كل هذا فإن شركات التطوير العقارى مازالت تعمل وبنشاط خاصة مع انخفاض متوسط أسعار الفائدة المستمر والمتوقع فى البنوك خلال المرحلة المقبلة والذى سيتبعه لجوء العملاء مرة أخرى إلى العقار بدلا من استثمار أموالهم فى الشهادات البنكية التى كانت تقدر أسعار فائدة 20%.
• بصفتك من المستثمرين فى القطاع السياحى، هل هناك اتجاه من جانب المستثمرين لهذا القطاع؟
المجموعة المتكاملة للتنمية العقارية التى أتولى رئاسة مجلس إدارتها تمتلك فندقا فى شرم الشيخ “الحياة شرم” بخليج نبق وريزورت فى مرسى علم “مارينا ريزدنس”، وحقيقة يعانى المستثمرون فى هذا القطاع بشكل كبير منذ ثورة يناير، وهناك حظر طيران منذ 30 شهرا وحتى الآن على شرم الشيخ من جانب روسيا، وهذه الدولة كانت من أكثر الدول تصديرا للسياحة إلى مدينة شرم الشيخ، وبالرغم من أن حادث الطائرة الروسية له أسبابه السياسية وهناك مئات الحوادث المشابهة فى دول كثيرة فإنه لم يحدث حظر طيران ليوم واحد أو حتى ساعة واحدة على الدول الأخرى، لكن من الواضح أن هناك تعنتا كبيرا من جانب روسيا، وطبعا هناك مستفيدون من هذا الحظر، ولكل هذا نجد أنه ليس هناك طلب الآن على الاستثمار السياحى فى مصر وجميع المستثمرين يفضلون الاستثمار فى أى قطاع آخر غير السياحى نتيجة استغلال أى مشكلة وتضخيمها من جانب دول خارجية.
• هل من الممكن أن نقيم مناطق جذب سياحية أخرى فى ربوع مصر المختلفة؟
شرم الشيخ والغردقة بهما بنية تحتية سياحية ضخمة جدا، ومناطق أخرى مثل مرسى علم تعد منطقة جيدة جدا ولكن تنقصها البنية التحتية الموجودة فى شرم الشيخ، ولا يوجد بها مناطق مركزية ترفيهية وما هى إلا عبارة عن مجموعة فنادق للاستجمام وهى التى تشكل فى النهاية مدينة مرسى علم، وبالرغم من ذلك نجحت مرسى علم العام الماضى فى استقطاب نسبة معقولة من السياح الألمانيين والإيطاليين.
• بالنسبة لمشروعاتك، ما المزايا التى تتمتع بها وما المعوقات التى تواجهها؟
لدينا فندق “حياة شرم” تم افتتاحه فى عام 2008 فى شرم الشيخ بخليج نبق وهو أول فندق فرعونى بالكامل فى العالم، وهو نموذج مطابق لمعبد فيلة فى أسوان بكافة تفاصيله ويحتوى على 212 غرفة، وهناك مشكلة تواجه جميع الفنادق فى شرم وهى أن الشركات التى تتحكم فى استقدام السائحين إلى مصر هى شركات تركية وروسية وتتحكم فى السوق السياحية المصرية بالكامل وحتى الآن، وجميع هذه الشركات لا تريد الخير لمصر بل تحاول باستمرار أن تدمر السوق وتقدم لنا أرخص الأسعار، وإذا ما قورنت الأسعار التى يقدمونها لتركيا بالأسعار التى يقدمونها لنا مثلا تجدها عُشر السعر، حيث لا يزيد سعر الغرفة التى يقدمونها لنا فى شرم الشيخ على 20 دولارا، فى حين أن سعر نفس المستوى فى تركيا لا يقل عن 200 دولار.
والمشكلة الأخرى هى أن شركات الطيران خاصة “الشارتر” التى تأتى بالسياح أيضا ليس بها أى شركة مصرية، وهى التى تتحكم فى سوق السياحة فى العالم وكما هو معروف أن الطيران العارض “الشارتر” هو الذى يأتى بالسياحة وليس الطيران المنتظم.
• بناء على خبرتك كمستثمر فى قطاع السياحة أيضا، ما أفضل روشتة لاستعادة مصر رونقها وجاذبيتها السياحية؟
أولا: الاستقرار والأمن المستدام، وهذا شرط أساسى لعودة السياحة وتوفير كافة الأجواء من أجل توصيل رسالة للعالم أن مصر بلد الأمن والأمان، فالسائح لا يدرك شمال سيناء أو جنوبها، وبمجرد ذكر أى عملية إرهابية فى شمال سيناء تأتى بنتائج سلبية علينا فى جنوب سيناء أيضا، كما أن المقياس ليس باليوم ولا الشهر ولكن نحتاج لفترة طويلة بها استقرار حتى يترسخ فى أذهان العالم أن مصر بالفعل بدأت تستعيد استقرارها، ونحمد الله أننا بالفعل مرت فترة طويلة والأمور تحت السيطرة، وإذا استمرت الأحوال على ذلك سيكون هناك مردود جيد، وضرورى أن نختار بعناية كبيرة أى رسالة توجه للخارج فى هذا الشأن حتى لا تحدث انتكاسة ونفقد ما كسبناه خلال الشهور الماضية.
ثانيا: ضرورى ومهم جدا أن يكون لدينا شركات متخصصة فى استقدام السائحين وكسر احتكار الشركات التركية والروسية على هذه السوق وهذا أمر ليس صعبا.
ثالثا: تأسيس شركة وطنية للطيران العارض “الشارتر”، وجميع المستثمرين فى قطاع السياحة سيرحبون بهذا، بل ويمكن أن يساهموا فى هذه الشركة وبذلك سيصبح قرارنا فى أيدينا وليس فى أيدى غيرنا، ونستهدف أسواقا جديدة منها سوق شرق آسيا وخاصة الصين والهند واليابان.. ولدينا فرصة عظيمة الآن ممكن استغلالها وهى فترة الركود التى نعانى منها الآن، وقبل عودة السياحة وتحكم الشركات التركية والروسية مرة أخرى.
رابعا: عدم الاعتماد على أسواق محددة، وضرورى تنوع الأسواق بحيث إذا حدثت أية انتكاسة فى سوق بسهولة نغير بوصلتنا إلى سوق أخرى، وضرورى أن نستفيد مما حدث لنا بسقوط السوق الروسية والذى ترتب عليه إصابة مدينة شرم الشيخ بالشلل التام.
خامسا: من الضرورى أن تكون هناك حملات تسويق متطورة فى أسواق متعددة لاستعادة ما فقدناه، وللتأكيد على أن مصر بلد الأمن والأمان وبها أفضل الأماكن للترفيه والثقافة فى العالم، وآن الأوان أن نغير الفكر العقيم الخاص بالرقابة على ميزانيات تسويق شركات السياحة ونستبدله بفكر متطور يتواكب مع التطور العالمى بحيث إن أى حملة تسويقية ممكن أن تأتى بثمارها بعد فترة طويلة وليس فى التو واللحظة وإلا يتم إلغاء الحملة ولابد من اختيار حملات التسويق المناسبة لكل سوق فى العالم، فهناك شعوب تفضل السياحة الثقافية مثل الصين وجنوب شرق آسيا وفرنسا وغرب أوروبا، ودول أخرى كشرق وشمال أوروبا تفضل شمس مصر والمناطق الترفيهية.
• هناك تفكير الآن لربط عدة دول فى المنطقة وتسويقها أمام السائحين لزيارتها كمجموعة واحدة ضمن عرض مميز، هل يمكن أن تحقق مثل هذه الفكرة النجاح؟
تم طرح هذه الفكرة منذ فترة طويلة، والآن هناك مشروع نيوم السعودى بدأ فى إحيائها مرة أخرى بحيث يكون أمام السائح فرصة لزيارة مصر والسعودية والأردن كعرض واحد، ونحن كمستثمرين سياحيين نرحب جدا بمثل هذه الأفكار وأى فكرة تجذب السياح للمنطقة.
• هناك وزيرة سياحة جديدة فى مصر ذات خلفية اقتصادية، هل هذا يلقى قبولا لديكم؟
نحن متفائلون بقدوم الدكتورة رانيا المشاط كوزيرة للسياحة ذات خلفية اقتصادية، ونأمل أن تستغل علاقاتها الدولية لخدمة قطاع السياحة، ولابد من دراسة الملفات الخاصة بالمشاكل التى تواجه السياحة بعناية حتى يتم وضع الحلول المناسبة، لأن هذا القطاع عانى طويلا وتسببت الأحداث السياسية فى إلحاق خسائر جسيمة بجميع العاملين فيه، ومن الأهمية الاستعانة بالخبراء فى علاج هذه الملفات.