فاطمة إبراهيم
من جانبهم أكد المصرفيون أن تشجيع الصادرات أصبحت مسألة أمن قومى لتوفير مصدر دائم للنقد الأجنبى ويتمتع أيضا بالاستقرار، مشيرين إلى ضرورة تنويع الصادرات، وفتح أسواق جديدة بجانب الأسواق التقليدية، وتعزيز المكون المحلى لتحقيق أفضلية تنافسية للصادرات المصرية بالمقارنة بالسلع المثيلة.
بمعدلات وُصفت بالتاريخية، أعلنت الحكومة المصرية عن تحقيق ارتفاع كبير فى إجمالى صادرات البلاد لعام 2021، حيث بلغت نحو 45.2 مليار دولار، فى حين أنها لم تتجاوز 32.6 مليار دولار عام 2020.
وتُعد الصادرات السلعية، أحد أهم المصادر الرئيسية لدخل مصر من النقد الأجنبى، بجانب حصيلة السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، ودخل قناة السويس.
وصرح د.مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء بأن الصادرات السلعية استحوذت على 71.5% من إجمالى الصادرات، فى حين اشتمل بند الصادرات النفطية على 28.5%.
وأوضح مدبولى أن خطة زيادة الصادرات جرت فى إطار تحقيق توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن تتجاوز قيمة الصادرات 100 مليار دولار خلال مدى زمنى قصير.
وظل العام المالى 2010-2011 هو الأعلى على صعيد الصادرات، حيث بلغت قيمتها حوالى 36.7 مليار دولار، وبعد نحو 10 أعوام حطم الرقم القياسى بما يزيد على 8 مليارات دولار.
وأكد المصرفيون على ضرورة الاستفادة من تجارب الدول التى سبقتنا فى هذا المجال كالصين وتركيا، والعمل على تذليل كافة العقبات أمام القطاعات التصديرية، وتقديم الدعم للمصدرين، وإعفائهم من بعض الأنواع الضريبية، والعمل على تحقيق قيمة مضافة وتصدير المنتجات تامة الصنع بدلا من تصدير مواد خام بما يعد إهدارا لهذه المنتجات.
وأهم ما اتسمت به الصادرات المصرية خلال العام المنصرم هو التنوع؛ فتعددت القطاعات المتجهة ناحية التصدير إلى جانب التوسع فيما يخص الأسواق المستهدفة.
وبلغت الصادرات المصرية السلعية غير النفطية نحو 32 مليارا و128 مليون دولار مقابل 25 مليارا و427 مليون دولار خلال عام 2020 بنسبة زيادة بلغت 26%، وهو المستوى الأعلى فى تاريخ مصر.
وبيَّن تقرير الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات أن أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية خلال عام 2021 كانت الولايات المتحدة بقيمة مليارين و446 مليون دولار، والسعودية بقيمة مليار و995 مليون دولار، وتركيا بقيمة مليار و975 مليون دولار، وإيطاليا بقيمة مليار و852 مليون دولار.
وحقق 13 قطاعا تصديريا زيادة ملموسة خلال عام 2021، مثل الجلود والسلع الهندسية والإلكترونية والأسمدة والملابس الجاهزة والصناعات الغذائية والأثاث والحاصلات الزراعية ومواد البناء والمنسوجات.
كما ارتفعت الصادرات النفطية بنسبة 84.28% لتصل إلى 12.9 مليار دولار، مقابل 7 مليارات دولار خلال عام 2020.
وقفزت صادرات مصر من الغاز الطبيعى والمسال خلال العام الماضى بنسبة 550% لتصل إلى 3.9 مليار دولار، مقابل 600 مليون دولار خلال عام 2020.
كما ارتفعت صادرات المنتجات النفطية والبتروكيماوية خلال 2021 بنسبة 42.5%، لتصل إلى 5.7 مليارات دولار مقابل 4 مليارات خلال 2020.
ووصلت الصادرات الهندسية إلى معدل تاريخى، حيث ارتفعت بنسبة 45% خلال الفترة من يناير حتى نهاية نوفمبر 2021 لتسجل قيمة بلغت 3.002 مليار وهو أعلى معدل فى تاريخ القطاع، مقابل 2.073 مليار دولار بنفس الفترة عام 2020.
من جانبه، وصف فرج عبد الحميد، نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد القطاعات التصديرية بأنها المنقذ للاقتصاد المصرى خلال المرحلة المقبلة لتوفير النقد الأجنبى، لأن التصدير يوفر مصدرا أساسيا للعملة الصعبة، بما يحقق الاستقرار للاقتصاد المصرى، مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من الدول التى سبقتنا فى هذا المجال وحققت طفرات تصديرية مثل الصين.
وتابع أن الصين تقدم دعما للمصدرين وإعفاءات من أنواع معينة من الضرائب، وكذلك تعمل على توفير الخامات اللازمة للقطاعات التصديرية، بما يضمن الاستقرار فى الحصول على العملة الصعبة، واصفا الاهتمام بالتصدير بقضية أمن قومى يجب على الدولة أن توليها أهمية قصوى للاهتمام بالصناعة والمصدرين.
وذكر عبدالحميد عددا من الأمثلة لقطاعات لا تستفيد الدولة منها بالشكل الأمثل كالصناعات القطنية والغزل والنسيج، حيث تقوم مصر بتصدير القطن كمادة خام، دون تحقيق أى قيمة مضافة، وتقوم باستيراد المصنوعات النسيجية بأضعاف حصيلة القيمة المصدرة.
وكذلك البترول، حيث تقوم مصر بتصديره كمادة خام، وتقوم باستيراده بعد تكريره بأسعار مبالغ فيها، مشددا على ضرورة تحويلها لمنتجات تامة الصنع بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصرى ويزيد من إيرادات التصدير، وزيادة الدخل القومى، ويحقق توازنا فى ميزان المدفوعات بتقليل الفجوة بين الصادرات والواردات.
ونوه نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد إلى ضرورة العمل على تذليل العقبات أمام المصدرين، وتوفير الدعم لهم، بما يضمن توفير العملة الأجنبية للاقتصاد المصرى.
فيما قال ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقا: إنه لا يوجد خيار أمام الدولة غير الاهتمام بالتصدير للتخفيف من أعباء الديون والتضخم، وارتفاع معدلات الاستهلاك، مشددا على ضرورة زيادة إيرادات الدولة الداخلية والخارجية من التصدير والسياحة، لاسيما أن تحويلات المصريين فى الخارج وإيرادات قناة السويس لا حيلة للدولة فى ارتفاع إيراداتها منهما، حيث إن الأخيرة تخضع للظروف العالمية والتجارة الدولية.
وخلال العام الماضى، تجاوزت إيرادات قطاع السياحة 13 مليار دولار، فى حين حققت قناة السويس نحو 6 مليارات دولار.
وأكد فهمى أن الاهتمام بالتصدير يتطلب التركيز على زيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وذلك يتحقق من خلال إزالة كل المعوقات والعقبات أمام المستثمرين المحليين والأجانب، مما يعمل على زيادة الدخل القومى.
ونوه إلى ضرورة الاهتمام بالسياحة أيضا كأحد مصادر النقد الأجنبى وتذليل العراقيل لنمو القطاع السياحى.
ولفت فهمى إلى ضرورة العمل على زيادة إيرادات الدولة الداخلية من الضرائب لاسيما من الاقتصاد غير الرسمى الذى يمثل نصف الاقتصاد الرسمى، لافتا إلى أهمية تكاتف أجهزة الدولة لتشجيع الصناعة، وتطوير المنتجات بما يتواكب مع الأسواق الخارجية.
وأضاف أن القطاعات التصديرية بعد خفض العملة المصرية فإنها تتمتع بميزة تنافسية بالمقارنة بالسلع والمنتجات المثيلة، ويجب تقديم الدعم للقطاعات التصديرية، ومساندة الدولة لها، كما أن السياحة المصرية أصبحت أرخص للسائحين الوافدين، ويجب العمل على الاستفادة من هذه الميزة التنافسية.
من جهته، قال عمرو طنطاوى، العضو المنتدب ببنك مصر إيران للتنمية سابقا: إن الاقتصادات القوية كلها تعتمد على التصدير بحيث تغطى إيرادات النقد الأجنبى من الصادرات احتياجاتنا من السلع الاستراتيجية، ويكون ميزان المدفوعات فى صالح الصادرات.
وكشف تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن قيمة الواردات المصرية خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2021، حيث بلغ إجمالى الواردات نحو 61 مليار دولار مقابل 52.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها لعام 2020، بنسبة ارتفاع قدرها 16%.
وتتمثل أهم السلع التى استوردتها مصر خلال يناير حتى سبتمبر 2021 مقابل الفترة نفسها عام 2020، فى الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة بلغت 7.8 مليارات دولار، تلتها الآلات والأجهزة الكهربائية وأجزاؤها بنحو 4.6 مليارات دولار.
وأضاف طنطاوى أنه يجب العمل على تعظيم حصيلة الصادرات لتحقيق فائض فى ميزان المدفوعات، فالدول النفطية اقتصادها قوى لزيادة صادراتها من البترول والغاز، مشيرا إلى ضرورة تعزيز الصادرات المصرية من خلال تعظيم المكون المحلى، والاعتماد على خامات محلية الصنع بما يقلل من تكلفة الصادرات المصرية، ضاربا مثالا على ذلك بالتصنيع الزراعى والصادرات الزراعية.
وتصدر مصر نحو 255 سلعة من الحاصلات الزراعية لنحو 150 دولة، وتعد الأولى عالميا فى تصدير الموالح والفراولة المجمدة.
وأشار العضو المنتدب ببنك مصر إيران للتنمية سابقا إلى ضرورة تشجيع الصادرات التى تتمتع فيها مصر بميزة نسبية من حيث المواد الخام، بحيث يكون الجزء الرئيسى منها يعتمد على المكون المحلى، والعمل على استغلال الفرص التصديرية، وفتح أسواق جديدة، مع التركيز على الأسواق التقليدية.