تقديم: عمرو المصرى
أغنية واحدة قد توصل صاحبها وعن طريق الصدفة إلى النجاح، وهذا حال الكبير الراحل سمير يزبك، الذي عمل مزيّنا نسائيا في بداياته، أسمَع صوته إلى الكبيرة “فيروز”، وبدورها أوصلته إلى “الرحابنة” حيث عمل معهم في الكورس لمدة سنتين من دون أن يحقّق أيّ نجاح.
سمعه المخرج الكبير روميو لحود عام 1963 وكان يبحث حينذاك عن المواهب الجديدة، فأعجب به وقدّمه إلى الأسطورة “صباح” التي وجدت فيه خامة رائعة وشخصية مهذّبة قريبة إلى القلب، ووافقت أن يشاركها في فريق مسرحها إلى جانب إيلي شويري، وجوزف عازار، وعصام رجّي، وسمير ياغي، وسليم الجردي، وأبو حربا، ومنذ ذلك الوقت وهو نجم يستعان به في مسرح روميو لحود.
أغنية “دقي دقي يا ربابة”، من ألحان روميو لحود وشعر شفيق المغربي، لها حكاية جميلة تدلّ على كبر هؤلاء الرموز، حيث حمل روميو لحود إلى السيدة صباح هذه الأغنية التي لحّنها خصيصا لها، وحينما سمعتها فرحت بها فرحا جمّا، وقالت بالحرف: “هذه الأغنية ستضرب، وستصنع نجومية من سيغنّيها”.
ردّ لحود: “إنها لك ست صباح، وعلينا تسجيلها فورا لتنضمّ إلى أغنيات مسرحيتنا الجديدة ضمن مهرجانات بعلبك”.
فابتسمت صباح وقالت: “هذه الأغنية من لون الست سميرة توفيق، أي اللون البدوي، وهذا ليس لوني، لذلك أنصح بأن تقدمها للفنان سمير يزبك، سيتفوّق في أدائها، وستحقّق له شهرة واسعة، وهو بحاجة إلى أغنية ناجحة، وربّي يوفقه”.
وهكذا حصل، سجّل سمير يزبك الأغنية التي ما أن سمعها حتى جنّ جنونه بها، واكتملت فرحته حينما سجّلها، وكان يعيد غناءها لأكثر من مرّة على المسرح وفي حفلاته، واعتُبرت من أهم ما غنّاه، وكانت الأحبّ إلى قلبه رغم أنّ أغنية “إسأل عليّ الليل” هي الأفضل والأقوى فنّيا.
نعم، هكذا كان يتصرّف الكبار، ورغم ثقة صباح بأنّ الأغنية ستضرب وتنجح، قدّمتها لمطرب شاب في بداياته لأن الأغنية ليست من لونها الغنائي، أما اليوم يتذابحون ويشرشحون لبعضهم في الإعلام ليسرقوا أيّ أغنية من صاحبها!
السيدة صباح كانت تؤمن بموهبة الراحل الكبير سمير يزبك، وتعتبره شخصية محترمة يحبّ عائلته، وقدّمت له أكثر من فرصة بطيب خاطر وبقناعة فنية عارمة، لذلك شاركها في غالبية أعمالها المسرحية، ومنها: “الشلال، القلعة، مين جوز مين، الفرمان، العواصف، موسم العزّ”.