بقلم: م. وائل علما
رئيس لجنة الصناعة
جمعية رجال الأعمال المصريين
ألا وقد انتهى مهرجان مونديال 2018 بكل ما حمله من أوقات ممتعة ممزوجة بخيبه أمل فى المنتخب المصرى بعدما رفعنا سقف توقعتنا (كالعادة) للسماء لنهبط بعدها إلى أرض الواقع، فاسمحوا لى أن أشارككم بعض الخواطر حول هذه التجربة:
• تصادف حلول شهر رمضان قبل بدء البطولة، وقام المنتخب بلعب بعض المباريات التمهيدية أظهرت ضعف مستواه، وانقسم الناس حول أسباب الأداء الهذيل، وهل أن سببه عقاب إلهى بسبب إفطار بعض اللاعبين أم أنه بسبب إجهاد اللاعبين الصائمين، وكالعادة فلم نتطرق إلى تحليل الأسباب بصورة موضوعية. وكعادتنا فقد فعلنا كل شىء للاستعداد لهذا الحدث من حشد إعلامى واستغلال إعلانى وتمجيد الوصول إلى كأس العالم وكأننا قد حصلنا عليه بالفعل، ناهيك عن وفود الفنانين والزفة المعتادة، وبالطبع كنا فى انتظار المنقذ أو المهدى المنتظر والذى كان هنا هو محمد صلاح، والذى كان منتظرا منه أن يحضر لنا الفوز على طبق من ذهب. فعلنا كل ذلك ولم نأخذ بأسباب الفوز ولا بمقدمات النجاح. وجاءت الهزيمة مدوية وكأنها كانت مفاجأة، ولننتقل فورا إلى سب اللاعبين والاستهزاء بهم، وليكون رد الفعل الفورى هو إقالة المدير الفنى على طريقة ضابط المباحث الذى يجب أن يغلق المحضر خلال اليوم. على الجانب الآخر كانت هناك دول تخطط وتجهز وتنفذ، فبلجيكا التى حصلت على المركز الثالث – وهو أعلى مستوى لهم على مدار الدورات السابقة- كانت قد بدأت العمل على منتخب عام 2018 منذ عام 2002، وهناك مقالة نشرت حينها بأسماء وصور الناشئين المتوقع أن يشكلوا فريق بلجيكا عام 2018، والمدهش أنه كان هناك 11 لاعبا فى فريق بلجيكا من الـ 15 ناشئ الذين ذكروهم عام 2002. والمبهر حقا كان منتخب اليابان الذى فاجأنا بأداء قوى ومنافسة شرسة لأقوى الفرق، وعلمنا أنه بالمنهج اليابانى المعتاد ففى عام 2005 كان رئيس اتحاد كرة القدم اليابانى قد أعلن عن بدء العمل على خطة للحصول على كأس العالم فى عام 2050، نعم عام 2050!
• مع مرارة الهزيمة كانت النكات والقفشات المصرية هى الأجمل، وبالطبع اشتملت على انبهار الفتيات الروسيات بالمصريين على طريقة “إيجيبشان حايبوسنى” فى مسرحية الهمجى لمحمد صبحى.
• كما هو الحال فى حياتنا المعاصرة، فقد حضرت التكنولوجيا بقوة متمثلة فى الاحتكام إلى شاشات VAR والتى جعلت التحكيم أكثر دقة، فعلى سبيل المثال قد تم احتساب 28 ضربة جزاء خلال هذه البطولة مقارنة بـ 13 فقط خلال البطولة السابقة استنادا إلى هذه التقنية.
• لا نستطيع إغفال انخفاض سن اللاعبين فى الفرق التى أحرزت مراكز متقدمة كفرنسا وبلجيكا وإنجلترا مقارنة بأعمار لاعبى فرق القوى التقليدية كالبرازيل وإسبانيا والبرتغال والأرجنتين.
• لا يمكن أيضا إغفال ملاحظة أن فريق فرنسا الذى فاز بالبطولة يتكون معظمه من أبناء المهاجرين الأفارقة.
• كان الخروج المبكر للفرق التى تشتمل على اللاعبين الأشهر عالميا مثل ميسى ورونالدو ونيمار تأكيدا لمبدأ أن شخصا واحدا مهما كان لن ينجح فى أى مهمة بدون باقى أعضاء الفريق.
• وأخيراً تذكرت قصيدة نزار قبانى التى كتبها فى أعقاب هزيمة 67 (ولا أقول نكسة 67 كما سماها الأستاذ هيكل ليقلل من وقع الفاجعة) والتى جاء فيها:
“إذا خسرنا الحرب لا غرابة.. لأننا ندخلها بكل ما يملك الشرقى من مواهب الخطابة بالعنتريات التى ما قتلت ذبابة.. لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة”.
وتذكرت أيضا نصر 73 حينما لجأنا لمنطق العلم والعمل والتخطيط والاستعداد فكسبنا الحرب “ولاغرابة”
أما آن الآوان أن نتخلى عن منطق الطبلة والربابة!!