الإيكونوميست المصرية
عام 2023 مختلف.. بقلم: أشرف الليثى

عام 2023 مختلف.. بقلم: أشرف الليثى

بقلم: أشرف الليثى

ربما يكون العام الجديد 2023 عاما لم نشهد مثله من قبل خاصة أن جميع الشواهد تتنبأ بأنه من الممكن أن يصبح نقطة انطلاق قوية لعالم جديد بالنسبة لمصر فى جميع مناحى الحياة خاصة من الناحية الاقتصادية، فقد ودعنا عاما كان قاسيا على الجميع شهدنا فيه إخفاقات واختناقات اقتصادية كثيرة أثرت بصورة سلبية على حياة المواطنين جميعا وبصفة خاصة الطبقة المتوسطة والفقيرة وأظهرت فقر السوق وهشاشته واتباعه لنظم غير مسبوقة وغير معروفة فى باقى الأسواق العالمية حيث لم يلتزم بأى قواعد اقتصادية معروفة ولم يعد لقاعدة العرض والطلب أى أساس لها فى مصر فرغم قلة الطلب على الكثير من السلع فإن أسعارها كانت ترتفع كل يوم بل كل ساعة عن قبلها.
السوق المصرية تحتاج بالفعل إلى دراسة متأنية حتى تستطيع السلطات المسئولة التعامل مع معطياتها خاصة فى ظل قوة التجار المحتكرين لغالبية السلع فهل يعقل أن يتحكم تجار الذهب فى أسعار الدولار وأطلق عليه دولار الذهب وكان له قيمة مختلفة تماما عن باقى الأسعار؟ وهل يعقل أن يرفض التجار بيع بضائعهم لأن سعرها يزيد طوال تخزينها فى مخازنهم وأى عملية بيع لها سيقابلها خسائر لهم من وجهة نظر التجار ولذلك كانوا يحجبون السلع عن السوق أو بالمعنى الأدق “تعطيشه”؟
لقد أثبتت أزمة 2022 أنه ليس المهم إصدار قوانين بل الأهم القدرة على تنفيذها لأن هناك قوى أكبر من قوى إصدار القوانين تتحدى أى قوانين تصدر تكون على عكس هواها، وكان ذلك واضحا فى التحدى والتصدى لقرارات فبراير الخاصة باعتماد نظام مستندات التحصيل بدلا من الاعتمادات المستندية رغم أننى ضد هذه القرارات منذ صدورها لأن توقيتها كان خطأ كبيرا ولم تراع التدرج فى التنفيذ ونتج عنها كوارث كثيرة أضرت بالاقتصاد ولم تحقق له أى منفعة.
أثبتت أزمة 2022 أنه لابد من الاعتماد على الذات لتوفير أكبر جزء ممكن من احتياجاتنا سواء من المنتجات الزراعية أو الصناعية، فلم يعد مقبولا الاعتماد على الأسواق الخارجية لتلبية احتياجات شعب يصل تعداده لأكثر من 105 ملايين نسمة، ولم يعد مقبولا أن تغلق مصانع كانت تنتج فى الستينيات احتياجات هذا الشعب من غالبية المنتجات المصنعة واستبدالها باستيراد سلع وتشغيل مصانع الغير فى الخارج لسهولة الاستيراد مما نتج عنه تخلف مصانعنا وعدم مواكبتها للتطور مما استلزم إغلاقها لوقف نزيف الخسائر الذى كنا نحن السبب فيها، ولم يعد مقبولا أن نعتمد على استيراد أكثر من 80 % من احتياجاتنا من القمح والحبوب من الخارج بدلا من زراعتها هنا وأصبحنا أسرى للدول التى تزرعها وتتحكم فينا الظروف العالمية من حروب أو ارتفاع أسعار أو حتى ظروف مناخية خاصة بغيرنا إلا أننا نكتوى بنارها.
مصر تنوى استصلاح أكثر من أربعه ملايين فدان جديدة اعتمادا على التطور الأفقى فى الزراعة خاصة لزراعة الحبوب وهذه نقطة إيجابية لابد أن نعمل عليها وندعمها بل لابد أن يصبح لدينا هدفا قوميا فى إضافة ملايين الأفدنة لزراعة القمح وباقى احتياجاتنا من السلع الأساسية وعدم الاعتماد على الخارج وبالتالى عدم الاعتماد على الدولار كعملة صعبة لتوفير احتياجاتنا ولابد من النظر إلى الصناعة بمنظور مختلف خاصة السلع الوسيطة أو المدخلات الأساسية التى تحتاجها الصناعات القائمة.
مصر يتوافر بها كافة العناصر الأساسية للإنتاج من مواد خام وبيئة طبيعية وقوى بشرية وأموال ولا ينقصها فقط سوى نقل التكنولوجيا وفوق كل هذا العزيمة والإصرار على تحقيق الهدف الأساسى للاستغناء عن سيف الدولار المسلط على رقابنا والذى أصبح معه استمرار هذا الوضع من السخافة التى لا يمكن لدولة تتطلع للمستقبل بخطى ثابتة أن يدوم أكثر من ذلك.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *