الإيكونوميست المصرية
عبدالحميد الدمرداش: مصر الآن على الخريطة العالمية للحاصلات الزراعية

عبدالحميد الدمرداش: مصر الآن على الخريطة العالمية للحاصلات الزراعية

كتب: أشرف الليثى
فى حديث شامل لمجلة “الإيكونوميست المصرية” مع الأستاذ عبد الحميد الدمرداش بصفته المزدوجة كرئيس للمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية وفى نفس الوقت رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، تعرفنا خلاله على أهم ما يدور فى الشارع المصرى من تساؤلات مهمة فى موضوع الغذاء وسلامته سواء للمستهلك المحلى أو للسوق الخارجية وكذلك للخطط المستقبلية لزيادة عدد الأسواق الخارجية التى تستهدفها الحاصلات الزراعية المصرية والمشاكل التى تواجه هذا القطاع بصفة عامة.. وإلى نص الحديث.

• ما موقف الحاصلات الزراعية المصرية الآن بالنسبة للأسواق العالمية؟ وهل تحسنت جودة المنتج المصرى وصورة الحاصلات الزراعية فى الأسواق العالمية؟
مصر موجودة الآن على الخريطة العالمية بالنسبة للحاصلات الزراعية، وهذا لم يكن موجودا من قبل، ونقوم الآن بالتصدير لنحو 80 دولة على مستوى دول العالم ويصل حجم صادراتنا من السلع الزراعية إلى نحو 3 ملايين و800 ألف طن سنويا بنحو 2.2 مليار دولار، ونستهدف للتوسع فى دول أخرى مثل جنوب شرق آسيا بالإضافة إلى أن هناك خطة مستهدفة أيضا لزيادة حجم صادراتنا للأسواق التى تستورد منتجاتنا.
ونجحنا فى تصدير موالح إلى سوق أستراليا لأول مرة وبلغ العام الماضى 50 كونتينر “حاوية”، وارتفع هذا العام إلى 400 كونتينر موالح لأستراليا وتم تصدير موالح أيضا إلى الصين، ونحاول أن نزيد عدد المحاصيل التى يتم تصديرها إلى هذه الدول مستقبلا مثل البصل والبطاطس والرمان وهى التى تتحمل السفر لفترة طويلة.
وتعتبر مشكلة القطاع الزراعى فى أنك لكى تدخل إلى سوق جديدة تحتاج من عامين إلى عامين ونصف تقريبا كى توقع بروتوكولا زراعيا مع الدولة التى ستدخلها ويسمى “Risk assessment file ملف تقييم المخاطر ” لكى يتعرفوا على أى أمراض زراعية موجودة فى البلد التى سيتستوردون منها ويتخذوا الإجراءات المناسبة لمواجهتها أو لكى يستوردوا منها أو يمتنعوا عن الاستيراد من الأساس أو يقدموا علاجات قبل دخول المنتجات إلى أسواقهم
وهناك مشاكل أخرى مع المصدرين، لأن هناك بالفعل مصدرين للأسواق العربية وتعتبر مصر من أقدم الدول المصدرة لها منذ أكثر من 30 عاما ولم يكن المستورد الخليجى يهتم ببعض الأمور الخاصة بكفاءة المنتج ولكن منذ عامين تقريبا بدأوا يطبقون نفس الإجراءات الخاصة بالأسواق الأوروبية وبالتالى بدأ عدد من المصدرين يواجهون مشاكل للدخول إلى تلك الأسواق التى كانوا يصدرون إليها منذ أكثر من 30 عاما وبالفعل بدأت الدول العربية تفرض حظرا على بعض المحاصيل مثل الفراولة لأن بها بقايا بعض المبيدات وبدأت وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة التجارة فى إصدار قرار مشترك لوضع معايير للمحاصيل التى كانت تحظرها الدول العربية وهذه المعايير أصبحت إلزامية لكافة جهات التصدير إلى الأسواق العربية وصارت هناك سيطرة تامة من مصر لأى محصول يتم تصديره إلى الأسواق العربية خاصة أن الدول العربية لها نظام مختلف عن باقى دول العالم حيث تفرض حظرا شاملا على جميع أرجاء مصر إذا وجدت مخالفات فى أى محصول يأتى إليها ولو كان من مصدر بسيط.

• كيف تواجهون من جانبكم هذه التحديات والمشاكل التى تؤثر على المحاصيل الزراعية المصرية عامة بسبب خطأ بسيط لأى مزارع أو مصدر؟
نحاول أن نغير أولا ثقافة المصدرين بصفة عامة، وبدأت وزارة الزراعة فى تكويد وتسجيل المزارع التى تقوم بالتصدير بحيث يكون لكل مزرعة كود مدون به اسم صاحب المزرعة ومكانها بدقة والمحاصيل التى تنتجها المزرعة والسلعة التى ترغب فى تصديرها وهى بمثابة شهادة ميلاد لكل مزرعة، وبذلك أصبحت أى مشكلة من السهل التعرف على مصدرها ومواجهتها بسرعة وكذلك صار لزاما على الموردين التعرف على مصدر كل محصول لأن أكثر من 50% من تجارة الخضروات والفاكهة فى مصر تتم عن طريق موردين وهم فى الغالب لا يملكون مزارع، وبالتالى لم يكن لديهم اهتمام بالزراعات التى يسوقونها.
والفترة المقبلة سوف تشهد تغييرا كبيرا فى ثقافة المزارع والمورد والمصدر وذلك بفضل الرقابة المشددة الموجودة حاليا من جانب وزارة الزراعة، وكنا نطالب بها منذ فترات طويلة والحمد لله بدأ تنفيذها الآن، بالإضافة إلى أن البيروقراطية فى تلك الأمور قلت جدا حاليا، وبدأت الحكومة تساعد بشكل كبير من أجل منح الحاصلات الزراعية دفعة قوية للأمام.

• هل كانت هذه هى فقط المعوقات والتحديات التى تواجه منتجى ومصدرى المحاصيل الزراعية؟
لا.. فهناك مشاكل أخرى تواجهنا عند التصدير مثل مشكلة النقل السريع خاصة أن هناك محاصيل سريعة التلف مثل الخضروات تحتاج إلى أن تصل بسرعة شديدة وبحد أقصى 3 أو 4 أيام إلى أسواق التصدير وإلا ستصاب بالتلف والتعفن، أما محاصيل مثل الموالح والعنب فمن الممكن أن تتحمل فترات طويلة وليس هناك مشكلة بشأنها، ودول العالم أصبحت تهتم بتملك أساطيل نقل سريعة سواء سفن أو مراكب يطلق عليها “مراكب رورو”، وعملنا تجربة فى مصر عام 2009 لهذه المراكب وكانت ناجحة جدا ولكنها لم تتكرر مرة أخرى علما بأن المستوردين الأوروبيين دائما ما يتمسكون بالمواعيد المحددة لوصول البضاعة إليهم.
وهناك مشكلة خاصة بتقنين أوضاع أصحاب الأراضى التى قام أصحابها باستصلاحها منذ فترة طويلة وأنفقوا عليها أموالا ضخمة، فعندما تقوم الدولة بتقنين أوضاعهم يتم احتساب القيمة الآن بشكل مُبالغ فيه دون مراعاة حجم الإنفاق الذى تكبده أصحابها حتى صارت تنتج وتصدر منتجاتها للخارج.

• وفى ظل تلك الأوضاع الشائكة، ما الدول التى تنافس مصر زراعيا؟
تأتى إسبانيا على رأس الدول المنافسة لوجودها داخل الاتحاد الأوروبى، وهذا يمنحها أفضلية كبيرة ويتعبرونها حديقة أوروبا زراعيا، ثم تأتى تركيا بعد ذلك والمغرب وهذه هى أهم الدول المنافسة لنا على الأسواق الأوروبية، وهذه الدول تنتج محاصيلها فى نفس توقيت مصر وتتفوق علينا فى انضمامها إلى الاتحاد الدولى لحماية الأصناف النباتية ” UPOF” ، وهذه الاتفاقية تؤهل للتعاقد مع الرواد الكبار من المستوردين مباشرة وبأفضلية عن باقى الدول غير المنضمة لهذا الاتحاد.

• لماذا لم تنضم مصر إلى هذا الاتحاد؟ هل هناك مشكلة قانونية مثلا؟
وافق مجلس النواب على قانون حماية الملكية الفكرية، وقمنا بالفعل بمخاطبة الاتحاد الدولى، وكان لديه مطالب بإجراء 8 تعديلات، وتم تقديمها لمجلس النواب الآن وربما يتم صدور القانون الخاص بها فى الدورة القادمة وبعد صدور مثل هذه القوانين سيكون من السهل علينا الانضمام إلى UPOF.

• هل قطاع الصناعات الغذائية المصرى أصبح أيضا على خريطة التصدير الآن؟
هذا قطاع مهم جدا ومرتبط طبعا ارتباطا وثيقا بالزراعة لأن 80% من مدخلات هذا القطاع من المنتجات الزراعية، وتحسين مستوى الزراعات ستؤثر إيجابيا على هذا القطاع بصورة كبيرة لأن من المشاكل التى تواجهه مشكلة المبيدات الزراعية ولم يكن الموردون يهتمون من قبل بمشاكل المنتجات الزراعية الداخلة فى هذه الصناعة، إلا أنه أصبح الآن لزاما عليهم كى يدخلوا إلى الأسواق الخارجية التعرف على كافة المنتجات الداخلة فى الصناعة وهل المزرعة حصلت على شهادة وزارة الزراعة أم لا؟

• هل هذا الاهتمام ينصب فقط على السلع المصدرة للأسواق الخارجية دون الاهتمام بالسوق المحلية؟
يحظى الآن المستهلك المصرى والسوق المحلية بأهمية لا تقل عن المستهلك الأجنبى والسوق الخارجية، وأصبح الجميع يهتم بتوفير الغذاء الآمن للمستهلك المصرى، وصارت هيئة سلامة الغذاء تولى اهتماما كبيرا بالمستهلك المحلى وهى المسئولة عن سلامة الخضر والفاكهة والأسماك واللحوم، ومطلوب أن يزيد دورها أيضا وتقوم بدور الرقيب القوى على الأسواق وتصبح بمثابة “البعبع” لأى منتج دون هوادة أو تهاون، وهذه الهيئة موجودة فى جميع دول العالم وهى كالسيف على رقاب المنتجين وتراقب الأسواق رقابة صارمة وجادة.

• ما هى الاستراتيجية الجديدة التى يستهدفها المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية لزيادة حصة مصر فى الأسواق العالمية؟
نهتم جدا بتدريب المصدرين من أجل إيجاد قاعدة ضخمة من المصدرين الجادين ونهتم بتعريف من هو مصدر الحاصلات الزراعية بحيث لا يحق لأى فرد يملك سجل مصدرين أن يصبح مصدر حاصلات زراعية لأنه من الممكن أن يقوم بالتصدير فى أى قطاع آخر إلا القطاع الزراعى لأن هذا القطاع أصبح حساسا بدرجة كبيرة ومن الممكن أن يتسبب “كونتينر” واحد فقط الآن فى إيقاف صادرات البلد كلها.
ويركز المجلس أيضا على زيادة الاهتمام بالأسواق الجديدة خاصة فى منطقة جنوب شرق آسيا مثل تايلاند وفيتنام وكمبوديا، مع زيادة حجم الصادرات لكل من الصين وماليزيا وإندونيسيا وأستراليا وهى التى يوجد لنا بالفعل فيها حجم صادرات ولكن ليست كبيرة ونحتاج إلى زيادتها وهذه الأسواق تعتبر مستهلكة بنسبة كبيرة.
ونسعى الآن لزيادة حجم القروض التى تمنحها البنوك للقطاع الزراعى، حيث إنها لا تتجاوز قيمتها حاليا 1% فقط من إجمالى القروض التى تمنح بصفة عامة، والبنك المركزى بدأ يشجع البنوك على منح قروض للقطاع الزراعى فى إطار مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأصبح هناك تعاون كبير بيننا وبين مكاتب التمثيل التجارى فى الدول المختلفة حيث يمدنا بدراسات عن الأسواق المختلفة واحتياجاتها.

• هل أصبحت السوق الأفريقية الآن تحظى باهتمامات المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية؟
نولى عناية كبيرة الآن بالسوق الأفريقية، ونقوم بالتصدير إلى كينيا بما يقرب من 3 آلاف طن خضر وفاكهة طازجة، وكان المفروض أن يقوم وفد من المصدرين بالتوجه إلى بعض الدول الأفريقية منذ شهرين للتعرف على احتياجاتها ولكنه تأجل لأننا نريد أن نعرف أى الدول الأفريقية، سواء فى غرب القارة أو شرقها أو جنوبها أو وسطها، التى سنبدأ بها، ونفضل الآن أن نبدأ بالبلاد الواقعة على أطراف القارة والتى لها سواحل على البحار والمحيطات مثل كوت ديفوار وكينيا وليست الحبيسة لسرعة وصول الحاصلات إليها. وحقيقة تحتاج السوق الأفريقية إلى دراسة كاملة لأنها ليست سهلة وبها عوائق ومشاكل كثيرة على الرغم من أن الدولة وفرت نحو 50% من قيمة الشحن للدول الأفريقية تشجيعا منها للتصدير إلى تلك الدول.
• هل ترى أن مجال الحاصلات الزراعية جاذب للمستثمرين الأجانب؟
الإصلاحات الاقتصادية التى تمت، وخاصة تعويم سعر الجنيه، تعتبر نقلة حقيقية فى الحياة الاقتصادية المصرية بصفة عامة وتساعد بشكل كبير على استقرار الأوضاع الاقتصادية وهذا يساعد على جذب الاستثمارات بصفة عامة، بالإضافة إلى حزمة القوانين والتشريعات التى تم إصدارها أيضا. وبصفة خاصة قانون الاستثمار الجديد، ولكن هذا القانون وحده لا يكفى ولابد أن تتبعه إجراءات ذات صلة بتهيئة مناخ الاستثمارفى مصر.
وبالنسبة لمجال الحاصلات الزراعية والصناعات الغذائية فهو مجال جاذب جدا للمستثمرين العرب والأجانب، ومجال الصناعات الغذائية وحده يقوم بتصدير 2.7 مليار دولار؛ أى أكثر من الحاصلات الزراعية التى يبلغ حجم صادراتها 2.2 مليار دولار، ومشروعات هذا القطاع أصبحت جاذبة للمستثمرين نظرا لحجم السوق المحلية أو التصدير للأسواق الأخرى، وبدأ هناك عدد من المستثمرين بالفعل يزاولون أنشطة زراعية خاصة فى مجال الصوب الزراعية.

Related Articles