الإيكونوميست المصرية
علاء دياب: مصر لديها كافة مقومات النجاح لتحقيق انطلاقة زراعية كبرى

علاء دياب: مصر لديها كافة مقومات النجاح لتحقيق انطلاقة زراعية كبرى

كتب: أشرف الليثى
المهندس علاء دياب واحد من أهم خبراء الزراعة فى مصر، ومن الأوائل الذين اقتحموا الأسواق الخارجية بالمحاصيل الزراعية المصرية عالية الجودة، ونجح فى اكتساب اسم وسمعة عالمية فى الخارج، وأصبحت شركته “بيكو” ذات علامة تجارية تفتخر بها مصر فى كافة الأسواق الأوروبية والعربية، ولديه رؤية شاملة لمستقبل الحاصلات الزراعية المصرية وقدرتها على اقتحام أسواق جديدة والحفاظ على الأسواق التقليدية وكذلك كيفية جذب المستثمرين الأجانب وخاصة المصريين العاملين فى الخارج للاستثمار فى هذا القطاع المهم. وإلى نص الحديث لمجلة “الإيكونوميست المصرية”..

• نريد أن نلقى الضوء على شركة “بيكو” الزراعية.
هى من الشركات الرائدة وهى أول شركة تقوم بالزراعة المتطورة وبأساليب تقنية حديثة فى الأراضى المستصلحة حديثا فى غرب الدلتا وطبقنا فيها التقنيات الحديثة اعتبارا من عام 1984 وكانت من أوائل الشركات التى تصدر إلى الأسواق الأوروبية وبصفة خاصة السوق الإنجليزية من أصناف عالية القيمة وذلك من أجل الحصول على مردود أعلى من تلك المنتجات وفى هذا الوقت لم تكن هناك سياسات أو دعم تصديرى سواء فى الخدمات أو المتطلبات التصديرية الأخرى من وزارة الزراعة، وكانت شركة “بيكو” تقوم بهذا الدور خاصة ما يتعلق بالأبحاث والإرشاد الزراعى والتجارب، وبدأنا نغزو الأسواق الخارجية بمجهوداتنا الفردية ونجحنا بحمد الله، ومنذ هذا التاريخ كنا سباقين فى التطوير وحافظنا على مركزنا فى السوق الخارجة.

• ما موقف الحاصلات الزراعية المصرية الآن بالنسبة للأسواق العالمية؟ وهل تحسنت جودة المنتج المصرى والحاصلات الزراعية عالميا؟
المنتج المصرى الآن والاسم المرتبط بسلامته وجودته تحسن بصورة كبيرة للغاية، وتعتبر الصورة الخاصة بالحاصلات الزراعية المصرية إيجابية جدا وأفضل كثيرا من ذى قبل، ويقاس هذا كذلك من خلال عدد الشركات العاملة حاليا فى مجال التصدير، فكنا شركة أو شركتين فقط، أما الآن فهناك ما يزيد على مائة شركة تقوم بتصدير الحاصلات الزراعية للخارج، وتقوم هذه الشركات، كل حسب قدرتها، بالتصدير للأسواق الأوروبية والعربية.. كل هذا ساعد على زيادة حجم الصادرات، وحقيقة ما ساعد على ذلك سياسة ونظام الدعم الذى كان معمولا به أثناء فترة المهندس رشيد فى وزارة التجارة كان له انعكاس كبير جدا فى تطوير الصادرات ودخول شركات كثيرة مصدرة، والآن تم خفض ميزانية صندوق دعم الصادرات مما أثر سلبيا على حجم الصادرات لأنها لم تعد قادرة على المنافسة فى الأسواق الخارجية، وتتم حاليا مناقشة عودة ميزانية صندوق الدعم مرة أخرى لمساعدة الصادرات المصرية للمنافسة فى الأسواق الخارجية.

• ما المزايا النسبية التى تتمتع بها مصر فى مجال الحاصلات الزراعية والتى تؤهلها للمنافسة مع الدول الأوروبية؟
هناك مزايا كثيرة جدا أهمها الموقع الجغرافى الذى يتيح لمصر سهولة فى عمليات النقل والشحن لأى مكان فى العالم خاصة لدول أوروبا والمنطقة العربية، والميزة الأخرى المناخ الزراعى الذى تتمتع به مصر يعتبر جيدا جدا، وأيضا لدينا مياه متوفرة، والأرض صالحة للزراعة، ومصر كمجتمع مرتبط بالزراعة تاريخيا وكنا فى الوادى القديم والدلتا لدينا زراعات تقليدية، والفلاح المصرى نشط من ناحية تطوير الزراعة فقام بتجديد وتطوير الزراعات التى كانت تتم فى الدلتا، وعلى مدى الثلاثين عاما الأخيرة تم استصلاح أراض ضخمة وتمت زراعة محاصيل جديدة متطورة باستخدام التقنيات الحديثة، وبذلك أصبح لدينا منتجات متفوقة وملائمة لمتطلبات السوق التصديرية وتفى بمتطلبات الجودة والسلامة، وبصفة عامة فإن الأراضى الجديدة تعتبر بكرا وبذلك فالمنتجات الزراعية من هذه الأراضى ليست بها مشاكل بيئية مثل الموجودة فى زراعات بعض مناطق الوادى القديم.
وبالنسبة للطقس المصرى، فليس به أمطار ولا رطوبة وهو ما يجنب الزراعات من الفطريات والأمراض الزراعية المعتادة.
وبالنسبة للحاصلات الزراعية التى تتميز بها مصر والخاصة بالتصدير، فهناك النباتات الطبية والمحاصيل الزيتية والعطرية، ومصر لها ميزة نسبية فيها، والطقس المصرى يساعد على ذلك تماما، بالإضافة إلى أن مصر مثل الشباك الذى تطل فيه على الدول الواقعة فى النصف الجنوبى وتستطيع أن تصدر بسهولة منتجات صيفية لهذه الدول خلال فصل الشتاء لديهم والعكس بالنسبة للدول فى نصف الكرة الشمالى.
وهناك ميزة تفضيلية أخرى لمصر خاصة بالنسبة للأراضى الحديثة حيث إن التربة حديثة وثرية تستطيع أن تفى بالاحتياجات الغذائية لنا ولكثير من الدول عكس الأراضى الأوروبية التى أصبحت تعانى من نسبة كبيرة من التلوث نتيجة الزراعات المتواصلة وترسب المغذيات من الأسمدة والمبيدات منذ عقود طويلة.

• ما الاستراتيجية الجديدة التى يستهدفها المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية لزيادة حصة مصر فى الأسواق العالمية؟
الخطة تعتمد على ماذا نريد أولا من احتياجات السوق المحلية لنضعها فى الاعتبار، فهناك 100 مليون نسمة داخل السوق المصرية تحتاج لتوفير الغذاء لها، وهناك احتياج أيضا لزيادة التصدير من أجل الحصول على العملة الأجنبية، ونحن أمامنا فرص تصديرية كبيرة للغاية ولدينا مزايا تفضيلية كما ذكرت من قبل، والمنتج الذى لدينا آمن وخال من الفطريات والبكتريا وذو جودة عالية جدا، ولدينا قدرة على التنافس والتواصل مع الأسواق المختلفة.

• ما أهم التحديات والعوائق التى تحد من التصدير فى قطاع الحاصلات الزراعية؟
بالنسبة للوادى القديم، فإن تفتت الأراضى الزراعية يحد كثيرا من قدرة المزارعين على التصدير، وعدم وجود الكيانات المجمعة، وعدم وجود إرشاد جيد للوصول للنتيجة المطلوبة للمنتِج وأيضا للدولة، وأعتقد أن موضوع الإرشاد هذا يجب أن يكون خاصا بكل محافظة وستكون هى الأقدر على تحديد أولوياتها واحتياجات الأراضى فيها، لأنه من الصعب أن ينطبق الإرشاد على جميع أراضى محافظات الدولة كما أن هذا يخلق منافسة قوية بين المحافظات.
وبالنسبة للأراضى الجديدة، فلابد أن تكون هناك خريطة طريق تحدد احتياجات الأسواق، وأيضا تعريف وإرشاد المستثمر الذى يريد الدخول إلى هذا القطاع وليس لديه خبرة فى الزراعة على أفضل الطرق للزراعة واختيار الأراضى، وثالثا لابد للترويج لمصر فى الخارج بشكل علمى مدروس، ورابعا لابد من وضع حوافز للتصدير لأنه من أجل أن يتم إنشاء قاعدة إنتاجية جديدة للتصدير لابد من تحديد الحوافز الخاصة بالأهداف، وهنا لابد من أن نشيد بالدور الذى تقوم به القوات المسلحة فى الأراضى الضخمة التى تقوم باستصلاحها وتوفير البنية التحتية من مياه وطاقة ولكن دورها سيقتصر على هذا فقط، أما بالنسبة للترويج والانتقاء التنفيذى للتصدير فهذا دور القطاع الخاص ويجب ألا نطالبها بأكثر من ذلك.

• ما الأسواق التقليدية بالنسبة للمنتجات المصرية وماهى الأسواق الجديدة التى تستهدفها الحاصلات الزراعية المصرية خلال المرحلة المقبلة؟
الأسواق التقليدية هى أوروبا وإنجلترا بصفة خاصة والأسواق العربية، أما الأسواق الجديدة المستهدفة هى دول جنوب شرق آسيا وشرق أوروبا وأستراليا، ولكن السوق التى يجب التركيز عليها للخمس سنوات القادمة هى سوق أفريقيا، وللأسف حتى الآن لم تحظ بالاهتمام الكافى منا رغم أنها سوق ضخمة جدا وعدد سكانها كبير، لكن هناك عوائق كثيرة منها ضعف القوى الشرائية للسوق الأفريقية مقارنة بالأسواق الأوروبية والعربية ولذلك فليست كل المنتجات تصلح للتصدير لهذه السوق، ومن المهم دراسة احتياجاتها وكيفية الوفاء بتلك المتطلبات، وأرى أن هذه السوق تحتاج للمنتجات المصنعة أكثر من المنتجات الطازجة، وهناك تفكير آخر أنه من الممكن أن نبحث إمكانية اختيار أماكن فى بعض الدول الأفريقية ويتم نقل الخبرة التى اكتسبناها والاسم التجارى لشركاتنا والتكنولوجيا المتقدمة وننتج منتجات هناك تخصص للتصدير للأسواق الأفريقية الأخرى.

• إذا كانت السوق الأفريقية بمثل هذه الأهمية، فلماذا لا يقبل المصدرون المصريون على زيادة صادراتهم لها؟
تنقصنا المعلومات الصحيحة عن تلك الأسواق واحتياجاتها ومجالات المنافسة وكيفية اختراقها، ونحتاج إلى وجود سياسة دعمية مركزة وليس مجرد دعم مادى فقط ولكن يجب أن يكون هناك دعم مدروس لكيفية اختراق هذه الأسواق بحيث نضع اسم المنتج المصرى بشكل ثابت فيها، بالإضافة إلى صعوبة عمليات النقل المنتظم للأسواق الأفريقية وهى من الأشياء المهمة للغاية.

• هل فتح خطوط ائتمان من جانب البنوك يساعد على تسهيل عمليات التجارة والتصدير لأفريقيا؟
وجود البنوك المصرية كداعمة للمصدرين المصريين مفيد جدا لأنها ستوفر نوعا من الحماية المطلوبة لهم وستقلل من مخاطر الخسائر التى ربما قد تلحق بهم، وأيضا ستوفر التأمين اللازم للمصدرين.

• هل بدأت مصر تستخدم المعايير العالمية فى التعامل مع المحاصيل الزراعية المصدرة للخارج من حيث استخدام المبيدات والإجراءات الأخرى؟
طبعا هذا شرط أساسى للتصدير، وأى مصدر قبل أن يفكر فى التصدير لابد أن تكون لديه شهادة جودة ملزمة مثل “الأيزو”، وكل عام يتم تقديم ما يفيد تجديد هذه الشهادات، ويقومون من جانبهم بعمل زيارات مفاجئة للتأكد من اتباع الشركات المصرية لمعايير الجودة العالمية، ومن ناحية أخرى بدأت المنظومة المصرية للتصدير لبعض المحاصيل فى عمليات تفتيش داخلى من مصر للتأكد أن هذه الشركات تلتزم بالمعايير الدولية.

• هل مجال الحاصلات الزراعية جاذب للاستثمار الأجنبى؟
بالطبع هذا المجال جاذب جدا للمستثمر الأجنبى، ولكن الزراعة بصفة عامة تحتاج إلى شركات متخصصة وهناك شركات سعودية تستثمر فى مجال الأعلاف، وهناك مستثمرون من ألمانيا وإيطاليا واليابان بدأوا يستثمرون فى مصر فى قطاع الزراعة، ولكن للأسف الاستثمار الزراعى فى مصر حتى الآن لم يخاطب العالم بالصيغة المطلوبة وبالرسالة الوافية وبالتشجيع اللازم.

• هل تعتقد أن عين المستثمرين، خاصة المصريين العاملين فى الخارج، بدأت تتجه نحو الاستثمار الزراعى فى مصر؟
هناك قصص نجاح لمستثمرين مصريين جاءوا واستثمروا فى قطاع الزراعة وهذا هو أكبر عامل جذب ولكن من الأهمية أن نقدم لهؤلاء صيغ جذب مميزة مثل انخفاض تكلفة الاستثمار فى البنية التحتية الزراعية وتوفير الأراضى القابلة للاستصلاح الزراعى والسوق الضخمة سواء محليا أو للتصدير، ولكن من الأهمية توفير معلومات وافية حول احتياجات السوق المحلية وكذلك الفرص المتاحة للتصدير والأسواق التى من الممكن أن تستقبل المنتجات الزراعية المصرية سواء طازجة أو مصنعة وأيضا أهمية منح مزايا ضريبية كتخفيض على الضرائب فى حالة إنتاج مواد تحتاجها السوق المحلية كالزيوت مثلا، ومن الأهمية أيضا مشاركة مصر فى المعارض الدولية وعرض المزايا الاستثمارية أمام المشاركين من مختلف دول العالم.

Related Articles