فاطمة إبراهيم
يُقدر حجم الاستثمارات المصرية فى القارة الأفريقية بـ 14 مليار دولار، وسجل التبادل التجارى بين مصر ودول الاتحاد الأفريقى وتكتلاته الاقتصادية 9.2 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 8.7 مليار دولار خلال عام 2022 بنسبة زيادة قدرها 5.7%.
فما الذى تعكسه هذه الأرقام؟ وما القطاعات الصناعية التى يجب تعزيزها لنمو الاستثمارات وحجم التجارة البينية بين مصر ودول القارة الأفريقية؟
أكد خبراء الاقتصاد على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر وأفريقيا، مشيرين إلى أن التركيز على قطاعات السيارات والغزل والنسيج والمقاولات يدعم تواجد مصر فى عمق القارة السمراء، لاسيما أنها تحتاج إلى 100 مليار دولار استثمارات فى البنية التحتية سنويا، بالإضافة إلى افتقارها إلى مصانع السيارات.
وأضافوا أن عددا من الدول الكبرى مثل الصين وروسيا تعزز تواجدها فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، للعبور والنفاذ إلى القارة الأفريقية والاستفادة باتفاقيات مصر التجارية مع أفريقيا.
من جانبه، قال الدكتور بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج: إن الشراكة مع دول أفريقيا تحولت لشراكة حقيقية يلعب فيها القطاع الخاص دورا مهما للغاية، لافتا إلى أن حجم استثمارات مصر داخل القارة الأفريقية يتجاوز 14 مليار دولار.
وأضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، صدَّق مؤخرا على تنفيذ وكالة ضمانات الاستثمار بين مصر وأفريقيا، موضحا أن هذه الوكالة دورها مهم للغاية بهدف تشجيع وتعزيز الاستثمارات والصادرات داخل القارة.
فيما أكدت الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن أفريقيا قارة واعدة لمصر، ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الاتحاد فى عام 2019، بذلت مصر جهدا كبيرا فى وضع إستراتيجية 2063، وحددت الآليات للاتحاد الأفريقى.
وقام الرئيس السيسى بين 2014 و2020 بـ27 زيارة لأفريقيا، بخلاف لقاءات واجتماعات الرئيس بالقادة الأفارقة، الذين استقبلهم فى مصر.
وتابعت أن إنشاء منطقة تجارة حرة أفريقية على وشك التنفيذ، حيث تم الاتفاق عليها، بعد تصديق العدد المطلوب من البرلمانات الأفريقية، منوهة إلى وجود فرص كبيرة لتواجد مصر فى عمق القارة الأفريقية عند تفعيل هذه المنطقة التجارية الحرة بأفريقيا، حيث يجب جمع صغار وكبار المستثمرين، ودراسة الأسواق جيدا للتعرف على الاستثمارات المطلوبة فى القارة.
ولفتت إلى أن نمو الاستثمارات البينية بين مصر والقارة السمراء يدعم نمو التجارة، مدللة على ذلك بدول الاتحاد الأوروبى، مشيرة إلى أن مصر عليها بذل المزيد من الجهد لرفع كفاءة الموارد البشرية لديها، التى تعد ميزة كبيرة إذا أحسن استغلالها، لاسيما أن أغلبها من الشباب.
من جهته، قال الدكتور بلال شعيب الخبير الاقتصادى: إن مصر لديها فرصة ذهبية لتنمية العلاقات الاقتصادية مع القارة الأفريقية، لاسيما أن حجم التبادل التجارى بين مصر وأفريقيا ليس بالقيمة الكبيرة التى تعكس حجم التقارب الجغرافى بحكم وجودنا فى قارة واحدة، وتشابه الظروف المناخية، بالإضافة إلى تقارب أذواق المستهلكين، فضلا عن أن أفريقيا قارة كثيفة السكان ومن ثم وجود فرصة كبيرة لسوق المنتجات المصرية فى أفريقيا فى ظل اتفاقيات تجارية بين مصر وأفريقيا، بها العديد من الإعفاءات الجمركية والضريبية.
ونوه إلى الفرصة الكبيرة أمام مصر للتواجد فى العمق الأفريقى من الناحيتين السياسية والاقتصادية.
ولفت شعيب إلى أن الصين تسعى لزيادة استثماراتها فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من مليار دولار إلى خمسة مليارات دولار، خلال آخر عامين وهذا مؤشر جيد باعتبار أن مصر بوابة العبور لأفريقيا، وكذلك روسيا تسعى لإقامة منطقة صناعية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والهدف هو الوصول للدول الأفريقية، مشيرا إلى أن مصر منفذ للسوق الأفريقية، كما تتميز مصر بموقع جغرافى جيد، وربطها بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، فكل الدول الصناعية الكبيرة تدرك أهمية مصر، ولذلك تسعى لتعزيز استثماراتها فى مصر.
وأشار إلى أن مصر يجب أن تسعى فى الأجل القصير لعقد شراكات جديدة مع دول أفريقية، وينعكس ذلك على تعزيز النقد الأجنبى من خلال تعزيز الصادرات، وخفض الفاتورة الاستيرادية، ومن ثم فإن زيادة حجم المشروعات يقلل حجم البطالة، منوها إلى أن مصر تستورد سنويا بـ 90 مليار دولار، ويبلغ التبادل التجارى بين مصر وأفريقيا نحو 9 مليارات دولار، وهذا يمثل 10% فقط من حجم الفاتورة الاستيرادية، ومن ثم فإن تعزيز العلاقات التجارية بين مصر وأفريقيا ينعكس على تحسين الأحوال المعيشية فى الجانبين.
وتابع الخبير الاقتصادى أن أفريقيا تحتاج 100 مليار دولار استثمارات فى البنية التحتية، ومصر لديها خبرة كبيرة فى قطاع المقاولات، وهذا يعطى فرصة للقطاع للدخول بقوة فى عمق القارة الأفريقية، كما أن ازدهار قطاع المقاولات سوف يكون له انعكاسات على تحسين الأحوال المعيشية.
وقدر شعيب حجم الاستثمارات المصرية فى أفريقيا بـ 14 مليار دولار، ولزيادة هذه القيمة يجب التركيز على عدد من القطاعات الصناعية مثل السيارات، حيث إن أفريقيا تفتقر إلى صناعة السيارات، لاسيما أن مصر بدأت توطين الصناعة المصرية، كما أن الموقع الجغرافى يخفض التكلفة، وتكلفة العمالة المصرية مازالت الأقل، بالإضافة إلى الاتساع الجغرافى للدولة، فمساحة مصر مليون كم مربع، وحجم المساحة المأهولة لا يتجاوز 15% من مساحة مصر، وبالتالى لدى مصر فرصة لإنشاء مناطق صناعية متخصصة لعدد من القطاعات.
وأضاف أن قطاع السيارات من الصناعات المهمة للدخول إلى العمق الأفريقى، لاسيما فى وجود دول تربطها بمصر علاقات وشراكات اقتصادية، مثل مجموعة البريكس، ودول الثمانى الصناعية، فهناك إعفاءات ضريبية وجمركية بين مصر والعديد من الدول الأفريقية، مما يكون لها تأثير كبير فى تفضيل المنتج المصرى، بالإضافة إلى صناعة الغزل والنسيج، خاصة إذا تمت زراعة القطن فى مصر، ومن الممكن استيراد القطن من دول القارة السمراء، وتحقيق قيمة مضافة، بالإضافة إلى قطاع المقاولات.
الجدير بالذكر أن مصر بين قائمة أهم 5 وجهات للاستثمارات الخاصة فى القارة الأفريقية، حيث استحوذت الاقتصادات الخمسة الكبرى فى أفريقيا والممثلة فى مصر، نيجيريا، جنوب أفريقيا، كينيا، وغانا على ما يقرب من 85% من جميع الاستثمارات الخاصة فى الربع الثالث من عام 2024.
وأظهرت منطقة شمال أفريقيا مستوى مرتفعا فى تنفيذ الصفقات، حيث سيطرت مصر على 93% من صفقات المنطقة، مما يجعلها الدولة الأبرز من حيث الحصة الإقليمية خلال الفترة. وجاءت المغرب فى المرتبة الثانية بشكل ملحوظ، حيث ساهمت بنسبة 21% فقط من صفقات شمال أفريقيا.
من جانبه، قال الدكتور أحمد خطاب الخبير الاقتصادى: إن الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه رئاسة الاتحاد الأفريقى فى عام 2019 ساهم فى عودة العلاقات القوية بين مصر والقارة الأفريقية، مشيرا إلى أن مصر عضو فى منظمة الكوميسا، ومجموعة بريكس، وزادت أهمية مصر بالنسبة للقارة الأفريقية لأن مصر وجنوب أفريقيا وإثيوبيا؛ الدول الثلاث الأفارقة فقط فى مجموعة بريكس، التى تضم، إلى جانب دول أخرى، الصين والهند وروسيا وهذه الدول عمالقة الصناعة والتجارة مما يزيد من حجم التبادل التجارى بين قارتى آسيا وأفريقيا.
وأشار إلى أن خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هى الانفتاح على العالم، وأن مصر تحقق استفادة كبيرة من تنمية علاقاتها مع أفريقيا، خاصة مع هدوء الوضع فى غزة، وأوكرانيا، مما يزيد من حجم التجارة، والاستثمارات، منوها إلى أن دول العالم المتقدم خلال المرحلة المقبلة تركز على زيادة الاستثمارات فى البنية التحتية فى أفريقيا.
ولفت خطاب إلى أن مصر كبوابة رئيسية لأفريقيا سوف يكون لها دور كبير فى نقل التجارة من القارة السمراء إلى دول العالم، مشيرا إلى أن مصر تسعى إلى زيادة حجم التجارة الخارجية مع دول العالم، ولكى يتم ذلك ركزت الحكومة على البنية التحتية اللوجيستية، والمطارات والموانئ البحرية، وخلق مناخ جاذب للاستثمارات الخارجية، وذلك لزيادة الصادرات داخل وخارج القارة الأفريقية.
وقال الخبير الاقتصادى: إن مصر لديها فرصة كبيرة خلال عام 2025 لزيادة حجم التجارة الخارجية مع أفريقيا، فهى تغزو أفريقيا بالصناعات الدوائية والخبرات والتعليم والتدريب والمنتجات الإلكترونية والتحول الرقمى.
