الإيكونوميست المصرية
فى دعمهم رحمة… بقلم أشرف الليثى

فى دعمهم رحمة… بقلم أشرف الليثى

بقلم: أشرف الليثى

مشروعات الصناعات الصغيرة تعتبر قاطرة التنمية الحقيقية لجميع البلاد خاصة الآخذة فى النمو، ونهضة الصين العظيمة قامت على أكتاف الصناعات الصغيرة، والحكومة وجميع المسئولين فى مصر سواء فى القطاع المصرفى أو فى مؤسسات الدولة المختلفة يؤمنون بذلك ولديهم قناعة تامة بأهمية الصناعات الصغيرة، وبالفعل تم تخصيص أكثر من 25% من محفظة القروض فى كل بنك لتلك المشروعات ولكن الواقع والحقيقة تقول غير ذلك.
هناك معوقات وعقبات وعمليات روتينية غير طبيعية تقف أمام أى شاب يريد الحصول على تمويل لمشروعه الصغير بدءا من كمية الأوراق المطلوبة التى لا حصر لها، مرورا بعقبات ليس له دخل فيها مثل مطابقة اشتراطات الأمن الصناعى والدفاع المدنى والحى، وما أدراك ما المتاهات التى سيقابلها أى شاب من جراء الدخول فى دوامات ودهاليز تلك المغارات المعقدة التى لا تخلو من شبهات الفساد والرشوة فى أحيان كثيرة، ثم بعد كل ذلك هناك أزمة الوقت الطويل الذى يحتاجه البنك قبل الموافقة على منح الائتمان لأى شاب خاصة إذا لم يكن له سابقة أعمال؛ أى أنه فى بداية مشواره العملى.
وفوق كل ذلك طلبات بعض البنوك شبه تعجيزية أمام الشباب المبتدئ الذى يبحث عن أول قرض لمشروعه وخاصة فيما يتعلق بالضمانات سواء المنقولة أو العينية، لأن الشاب المبتدئ فى نظر البنك تكون نسبة تعثره فى الغالب أكبر من نسبة نجاحه لذلك تكون طلبات الضمانات معقدة وكثيرة وشبه تعجيزية .
وإذا لجأ الشاب صاحب المشروع الصغير لشركات التأجير التمويلى ربما تكون أسهل فى الإجراءات وطلبات الضمانات إلا أن معدلات الفائدة تكون مرتفعة ربما ضعف فائدة البنوك أو فى كثير من الأحيان ثلاثة أضعاف.
هناك شباب لديهم أفكار أكثر من رائعة، وغير تقليدية فى كثير من الأحيان إلا أنهم يصطدمون بتعقيدات ليس لها نهاية كما أن دراسات الجدوى التى يتم إعدادها لن تظهر حقيقة تقبل السوق لتلك المنتجات لأنها كما ذكرت تعتمد على أفكار جديدة حديثة على السوق ولذلك تجد صعوبة بالغة فى التمويل.
أعلم تماما أن هناك تشجعيا كبيرا من جانب القيادة السياسية وكبار المسئولين فى الدولة للشباب لانتهاج طريق البيزنس الخاص وعدم الاعتماد على الوظائف التقليدية حتى يخرجوا من عباءة انتظار التوظيف والوقوف فى طابور العاطلين، إلا أن الإجراءات الخاصة بمنح الائتمان لابد أن يحدث بها ثورة ولابد أن يكون هناك جرأة فى منح الائتمان، ونبعد تماما عن أسلوب التخوين بمعنى أن يكون هناك تسهيلات أكبر تقدم للمشروعات الجديدة عن مثيلاتها التى دخلت سوق الإنتاج بالفعل، ويجب أيضا تشجيع أى شاب جاد فى مشروعه حتى لو واجهه تعثر فى البداية، والوقوف بجانبه حتى يحقق النجاح ولو بعد أكثر من تعثر، المهم أن تتوافر لديه الجدية فى استكمال وتحقيق المشوار.
يجب ألا تنتظر البنوك تحقيق أى عائد أو فائدة من وراء تمويل المشروعات الصغيرة، ونجاح أى مشروع ولو كان بنسبة بسيطة يعد بمثابة تحريك لتروس المجتمع كى ينهض وكى يعتمد على العديد من المشروعات الصغيرة وخاصة غير التقليدية والتى ستكون قادرة على تخفيف العبء عن سوق العمل وتقليل معدل البطالة بين الشباب، بل ومن منطلق عدوى النجاح فأى مشروع سينجح سوف يشجع الكثير من الشباب ليحذو حذوه، وسيكتب التاريخ أن الجهاز المصرفى المصرى كعادته هو المساهم والمساعد الأكبر فى دعم التنمية الشاملة للمجتمع بدءا من تمويل المشروعات الصغيرة إلى تمويل المشروعات القومية العملاقة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *