الإيكونوميست المصرية
قفزة الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر.. ماذا تعنى؟

قفزة الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر.. ماذا تعنى؟

منال المصرى
يرى مصرفيون أن الزيادة غير المسبوقة فى تدفق الاستثمار الأجنبى غير المباشر فى أذون الخزانة المحلية يعكس زيادة ثقة الأجانب فى استقرار سعر الصرف وجاذبية العائد المقدم على الجنيه مقارنة بالدولار، مقللين فى الوقت نفسه من المخاطر المتوقعة على حركة سعر صرف الجنيه منها فى حال خروجها.
وخلال أول 8 أشهر من تحرير سعر الصرف، تلقت مصر نحو 24.554 مليار دولار تدفقات من الاستثمار الأجنبى غير المباشر والتى يطلق عليها البعض مسمى “الأموال الساخنة” ليقفز إجمالى الرصيد إلى مستوى قياسى مسجلا نحو 38.171 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضى مقارنة بنحو 13.617 مليار دولار فى فبراير الماضى.
وإطلاق اسم “الأموال الساخنة” يرتبط بالمخاطر والضغوط المتوقعة على سعر صرف العملات المحلية مقابل الدولار وباقى العملات الأجنبية فى حال خروجها بشكل مفاجئ بسبب وقوع أزمات مفاجئة بالمنطقة أو العالم بما يؤثر فى زيادة الطلب على العملة الأجنبية وارتفاع سعرها.
وقال محمد عبد العال الخبير المصرفى: إن زيادة تدفق الاستثمار الأجنبى فى أذون الخزانة يعكس زيادة جاذبية العائد المقدم على الجنيه المصرى مقارنة بالدولار وزيادة الثقة فى استقرار سعر صرف الجنيه مقابل باقى العملات الأجنبية.
وأوضح أن تراجع العائد على الدولار خلال العام الماضى يزيد من بريق العائد المقدم على الجنيه لدى المستثمرين الأجانب وزيادة دخولهم للاستفادة من سعر الفائدة مرتفع.
وقلل عبد العال من المخاطر المتوقعة من الاستثمار الأجنبى غير المباشر فى حال خروجها بشكل مفاجئ فى ظل الإدارة الجيدة لهذه الأموال من جانب البنك المركزى المصرى وتجنب الأخطاء السابقة من خلال استبعاد دخولها فى احتياطى النقد الأجنبى وعدم استخدامها فى تمويل احتياجات طويلة الأجل.
وأوضح عبد العال أن البنوك تستعين بالأموال الساخنة فى تمويل بعض المعاملات قصيرة الأجل مثل سداد بعض الاعتمادات المستندية أو تداولها فى سوق الإنتر بنك (سوق مشترك بين البنوك لبيع وشراء الدولار) أو سداد بواصل تأمينية، أو تغذية صافى الأصول الأجنبية ودون استخدامها لتمويل التزامات طويلة الأجل تجنبا لانعكاساتها السلبية على سعر الصرف.
وخلال عام 2024، وصل العائد على أذون الخزانة المحلية إلى نحو 32% قبل خصم الضريبة قبل أن يهبط إلى نحو 27% خلال آخر عطاء بدعم من زيادة إقبال المستثمرين لشراء أذون خزانة وتراجع معدل التضخم.
كما خفض الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزى الأمريكى) سعر الفائدة 0.75% خلال آخر اجتماعين له فى 2024 ليصل إلى 4.5% و4.75% وهو ما رفع من احتمالات جاذبية العائد على الجنيه فى عيون الأجانب.
وقال رئيس أحد البنوك الخاصة: إن الاستثمار الأجنبى غير المباشر يعد أحد موارد النقد الأجنبى لأى دولة ولا يمكن الاستغناء عنه بشرط استخدامه بشكل إيجابى لتجنب أى مخاطر غير متوقعة.
وأوضح أن دخول هذه الأموال تعكس صورة جيدة باستقرار الأوضاع فى مصر، وكذلك جاذبية العائد على الجنيه خاصة دخول وخروج الأجانب يتم بشكل طبيعى دون ضغوط.
وقال: إن وتيرة دخول وخروج الاستثمار الأجنبى غير المباشر يكون لها انعكاس مباشر على تحرك سعر الصرف للجنيه مقابل باقى العملات سواء صعودا أو هبوطا وفق العرض والطلب.
وأضاف أن عودة دخول المستثمرين الأجانب فى فتح مراكز مالية جديدة لشراء أذون خزانة ساهم فى تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه بعد أن شهد الدولار تقلبات خلال شهرى نوفمبر وديسمبر الماضيين على أثر تمويل خروج جزء من استحقاقات المستثمرين الأجانب.
وكان سعر الدولار كسر حاجز الـ51 جنيها خلال شهر ديسمبر الماضى بفعل تمويل جزءٍ من استحقاقات المستثمرين الأجانب فى أذون الخزانة قبل أن يتراجع الدولار إلى نحو 50.3 جنيه خلال تعاملات البنوك فى يناير بدعم عودة الأجانب مجددا.
وفى الربع الأول من 2024، رفع البنك المركزى سعر الفائدة 8% ليصل إلى مستوى قياسى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، قبل أن يبقى عليها دون تغيير فى آخر 6 اجتماعات على التوالى.
وفى عام 2022 تسبب خروج الاستثمار الأجنبى غير المباشر بشكل جماعى من مصر فى تراجع احتياطى النقد الأجنبى بنحو 7.8 مليار دولار لتمويل تخارج الأجانب على أثر التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، قبل أن يعود الاحتياطى للارتفاع بعد الإصلاحات الأخيرة ليتخطى حاجز 47 مليار دولار حاليا.
وكانت بيانات البنك المركزى المصرى أظهرت تراجع فائض صافى الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفى – شاملا البنك المركزى – بوتيرة أسرع خلال نوفمبر بنحو 35.2% على أساس شهرى، إلى نحو 5.955 مليار دولار بفعل تفاقم عجز صافى الأصول الأجنبية للبنوك التجارية وسط زيادة الالتزامات.
وتزامن تراجع صافى الأصول الأجنبية للقطاع المصرفى فى نوفمبر مع زيادة مرونة سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية تحت ضغط ارتفاع الطلب على الدولار لسداد التزامات خارجية على مصر وتمويل بعض استحقاقات المستثمرين الأجانب فى أذون الخزانة وطلبات الاستيراد.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *