الإيكونوميست المصرية
كنوز دينية لدنيانا…..بقلم: أشرف الليثى

كنوز دينية لدنيانا…..بقلم: أشرف الليثى

بقلم: أشرف الليثى

تحاول دول العالم إظهار فلسفة الحكم لديها فى صور مختلفة سواء من خلال النشيد أو السلام الوطنى أو ترسيم الميادين الرئيسية بما يتوافق مع تلك الفلسفة، مثلما هو الحال فى أهم شارع فى العاصمة الأمريكية واشنطن Constitution Avenue والذى يمر بالبيت الأبيض والكونجرس والمسلة المصرية وتمثال إبراهام لينكولين، وكل موقع فى هذا الطريق الطويل له معنى، وأيضا هناك دول حريصة على إظهار فلسفة الحكم من خلال ما تتضمنه العملات الورقية لها.
فعندما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية طباعة الدولار فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان مكتوبا عليه Keep your mind ..it is your business ، وبالفعل كانت فلسفة الولايات المتحدة فى ذلك الوقت تعتمد على أن يكون كل فرد على أرضها مهتما فقط بشئونه وبعمله ولا يلتفت للآخرين سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، ولكن بعد ظهور الثورة البلشيفية فى روسيا عام 1917، وكان من بين أهدافها تصدير ثورة العمال على الرأسمالية وأصحاب المصانع، تم تغيير هدف الولايات المتحدة وبالتالى تم تغيير فلسفتها وشعارها المكتوب على الدولار وأصبح IN God we trust “ثقتنا فى الله” وهو الشعار المكتوب حتى الآن على الدولار الأمريكى وبذلك نرى أن التغيير الاستراتيجى فى الأهداف ظهر واضحا على العملة التى تعتبر أكثر شىء يمكن للمواطن الأمريكى التعامل معه بصفة دائمة ومستمرة، ولا يوجد إنسان على الأرض الأمريكية لا يتعامل بالدولار فى كل دقيقة وكل ساعة ولا يمكن ألا تقع عيناه دائما على هذا الشعار.
إذا ما ركزنا قليلا فى الشعار الأول للولايات المتحدة نجده مستمدا تماما من الحديث النبوى الشريف “من حسن إيمان المرء تركه مالا يعنيه”، وأعتقد أن هذا الحديث مهم جدا لمصر الآن ولابد أن يكون شعار المرحلة المقبلة سواء تمت كتابته على العملة الورقية المصرية “الجنيه” أو التركيز عليه فى خطب الجمعة أو نشره فى جميع وسائل الإعلام خاصة أنه من الأهمية لتنظيم حياة البشر فى تلك الأيام مع تشابك الحياة وتداخل مواقع التواصل الاجتماعى وتأثيرها القوى فى حياة الناس جميعا وكذلك تنظيم شئون الدول وعلاقاتها مع دول العالم المختلفة أو فى إدارتها للقضايا المختلفة خاصة القضايا الحساسة مثل قضية سد النهضة التى أصبحت الاهتمام الأول الآن للمصريين والكل يدلى بدلوه فيها وتحول الجميع إلى خبراء فى الشئون الدولية وقضايا الأنهار العابرة للدول وأيضا خبراء فى الشئون العسكرية وبالتأكيد ما يكتب على السوشيال ميديا يضر بالقضية المصيرية وتشتت من اهتمام الخبراء وربما تعوق اتخاذهم قرارات صائبة تكون رغم أهميتها ضد اهتمامات الناس على شبكات التواصل الاجتماعى.
“من حسن إيمان المرء تركه ما لا يعنيه” لم يعد مجرد حديث نبوى يخص المسلمين فقط بل يجب أن يصبح أسلوب حياة للمصريين جميعا، وللأسف نجد أن شعوب الدول الغربية تتوافق تماما مع التطبيق اليومى لهذا الحديث سواء فى حياتهم اليومية العادية أو فى تعاملاتها مع الآخرين أو حتى فى حدود علاقاتهم بالعمل، وأصبح ثقافة عامة لشعوب البلاد الغربية كلها، حيث يحاول كل فرد هناك الاهتمام بنفسه أولا وأخيرا وتطوير مهاراته وتحسين مستوى معيشته دون النظر إلى حياة الآخرين، وهذا ليس معناه الانكفاء على الذات والتقوقع والتوحد بل هناك أهداف سامية تنظم حياة تلك المجتمعات على سبيل المثال الإقدام لاكتشاف علاجات للأمراض الفتاكة حتى لو كانت بعيدة عن مجتمعاتهم والتحديث المستمر للاكتشافات والاختراعات المختلفة التى من شأنها التيسير فى حياة الشعوب.
هناك أحاديث نبوية كثيرة تصلح أن تصبح دستور حياة لشعوبنا وللأسف نجدها مطبقة تماما فى الغرب ونجحوا فى تنظيم حياتهم بفضل تمسكهم بها فى الوقت الذى نتخلى نحن فيه عن تراثنا الثرى، علينا أن نبحث كثيرا عن كنوز ديننا بدلا من مجرد التشبه بالغرب الذى نجح فى اكتشاف تلك الكنوز ويطبقها ونحن فى غفلة وفى سبات عميق.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *