الإيكونوميست المصرية
كيف تعزز “مراسى البحر الأحمر” مكانة مصر فى خريطة السياحة العالمية؟

كيف تعزز “مراسى البحر الأحمر” مكانة مصر فى خريطة السياحة العالمية؟

ولاء جمال

مشروع “مراسى البحر الأحمر” أصبح حديث الساحة خلال الفترة الأخيرة، واعتبره الكثير من الخبراء واحدًا من أهم الخطوات الاستراتيجية فى تطوير السياحة المصرية وتعزيز مكانتها عالميا، خاصة أن البحر الأحمر يتميز بمقومات طبيعية فريدة قلما تجتمع فى مكان واحد.
ويرى الخبراء أن مشروع مراسى البحر الأحمر ليس مجرد استثمار جديد، بل خطوة استراتيجية كبرى ستعيد تعريف السياحة المصرية وتفتح آفاقا واسعة أمام التنمية الاقتصادية، من خلال جذب السياح، وتوفير فرص عمل، وزيادة العوائد من العملة الصعبة، وتعزيز مكانة مصر كوجهة عالمية للسياحة البحرية الفاخرة.
وأوضح أبو الحجاج العمارى، الخبير السياحى أن البحر الأحمر معروف بشعابه المرجانية الخلابة وشواطئه البكر وأنشطته البحرية المتنوعة مثل الغوص والسنوركلينج، وهذه المقومات جعلته مقصدا مفضلا للسياح الأوروبيين القادمين من ألمانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا والتشيك وبولندا وسويسرا وفرنسا، بالإضافة إلى السياح البريطانيين الذين يفضلون مدينة الغردقة على وجه التحديد.
ويرى أن الفارق بين البحر الأحمر والساحل الشمالى أن الأخير وجهة موسمية صيفية تعتمد بالأساس على السياح العرب والمصريين، بينما يتميز البحر الأحمر بأنه يستقبل زواره طوال العام بفضل مناخه المعتدل.
ويضيف أبو الحجاج أن المشروع الجديد لن يكون مجرد إضافة بسيطة، بل هو نقلة ضخمة من خلال إنشاء مراسى لليخوت السياحية على طراز عالمى، وهو ما يفتح الباب أمام نوع جديد من السياحة ذات العائد المرتفع.
وأوضح أن الموانئ الحالية تستقبل بالفعل بعض السفن السياحية التى ترسو فى سفاجا والغردقة ومرسى علم والسويس، لكن إنشاء مراسى متطورة فى رأس أبو سومة على مساحة تصل إلى عشرة ملايين متر مربع سيغير قواعد اللعبة ويضع البحر الأحمر على خريطة السياحة البحرية الفاخرة مثلما حدث فى رأس الحكمة بالساحل الشمالى.
وأكد أن الاستثمار فى البحر الأحمر سيشكل قفزة كبيرة فى مجال الاستثمار السياحى، حيث إن هناك بالفعل خططا لما يقارب 14 مشروعا آخر فى المنطقة بإجمالى استثمارات تقدر بـ 3.2 مليار دولار، وهو ما أعلنه رئيس الوزراء مؤخرا ضمن الخطة الشاملة لدعم السياحة.
وأشار إلى أن البحر الأحمر ما زال يملك مناطق بكرًا لم تستغل بعد مثل برانيس وجنوب مرسى علم، وهذه المناطق تمتاز بطبيعة خلابة وشعاب مرجانية نادرة تجعلها كنزا استثماريا وسياحيا ينتظر التوظيف الصحيح.
ويرى أبو الحجاج أن دخول المستثمرين العرب والأجانب فى هذه المشروعات أمر ضرورى، فالسياحة العالمية اليوم قائمة على استثمارات ضخمة متعددة الجنسيات كما هو الحال فى تركيا واليونان وإسبانيا، حيث ساعدت الاستثمارات الخارجية فى رفع معدلات السياحة إلى أرقام قياسية.
وضرب مثالا بإسبانيا التى استطاعت بفضل هذه الاستثمارات أن تصل إلى 90 مليون سائح سنويا، مشيرا إلى أن مصر من حقها أن تستهدف أرقاما تتجاوز 50 مليون سائح سنويا إذا ما تم استغلال هذه المشروعات بالشكل الأمثل.
كما لفت إلى أن هذه الاستثمارات لن تقتصر على العائد السياحى فحسب، بل ستوفر ما يزيد على 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وستدر عملة صعبة تساهم فى دعم الاقتصاد الوطنى، فضلا عن أن المشروع سيعيد لفت الأنظار إلى البحر الأحمر كمقصد استثمارى عالمى.
وأوضح أن الموقع فى رأس أبو سومة يتمتع بميزة إضافية كونه قريبا من مطار الغردقة الدولى، وسيكون أيضا قريبا من خط القطار السريع المخطط له والذى سيربط البحر الأحمر بالأقصر، وهو ما يمنح السائح فرصة فريدة للجمع بين السياحة الشاطئية والسياحة الثقافية فى برنامج واحد.
ويعكس إطلاق هذا المشروع ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى وقدرته على استيعاب استثمارات بهذا الحجم، حيث يمتلك البحر الأحمر ميزة تنافسية عالمية نظرا لمناخه المعتدل على مدار العام وشواطئه الخلابة.
ويتجاوز المشروع كونه مجرد وجهة سياحية فاخرة ليصبح رؤية متكاملة للتنمية المستدامة، إذ يتضمن مجتمعات عمرانية متطورة، ومناطق تجارية وترفيهية، ومراسى لليخوت العالمية، وهو ما يضع مصر فى مصاف الدول الرائدة فى هذا المجال.
فيما أشار الدكتور محمد ثروت، عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة، إلى أن دخول رجال أعمال بارزين مثل رجل الأعمال الإماراتى محمد العبار فى هذه المشروعات يمثل ضمانة إضافية للنجاح، حيث إن العبار يتمتع بخبرة كبيرة فى إدارة مشروعات عقارية وسياحية كبرى ويمتلك القدرة على تسويقها عالميا، مؤكدا أن نجاحه فى الساحل الشمالى سيتكرر بشكل أكبر فى البحر الأحمر.
وأضاف أن المشروع باستثماراته الضخمة التى تصل إلى 900 مليار جنيه يأتى استكمالا لتجربة مراسى الساحل الشمالى التى تحولت خلال فترة قصيرة إلى القلب النابض للبحر المتوسط، وجذبت ملايين الزوار من مصر والعالم العربى وأوروبا.
كما لفت الدكتور ثروت إلى أن المشروع الجديد سيساعد على تنويع المنتج السياحى المصرى، حيث لن يقتصر الأمر على السياحة الشاطئية فقط بل سيمتد ليشمل السياحة البحرية واليخوت، وهى من أكثر الأنشطة السياحية جذبا لشريحة سياح ذات إنفاق مرتفع.
من جانبه أكد الدكتور ياسين أحمد، الخبير الاقتصادى، أن مصر قادرة من خلال هذه المشروعات على تعزيز موقعها فى سوق السياحة العالمية ومنافسة وجهات راسخة مثل تركيا واليونان.
وأضاف أن مصر الآن أمام فرصة تاريخية لإعادة رسم خريطة السياحة الخاصة بها على المستوى العالمى، فإذا كانت التجربة السابقة فى الساحل الشمالى قد أثبتت قدرة مصر على جذب استثمارات ضخمة وتغيير وجهة منطقة بأكملها، فإن تكرار التجربة فى البحر الأحمر مع مقوماته الطبيعية الفريدة سيجعل من المنطقة مركزا عالميا للسياحة الفاخرة، ونجاح المشروع مرهون بحسن الإدارة والتسويق الفعال مع الاهتمام بالبنية التحتية الداعمة مثل الطرق والمطارات والخدمات اللوجستية.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *