ولاء جمال
تعد السياحة الشتوية فى مصر واحدة من أبرز المواسم السياحية التى تجذب الزوار من مختلف دول العالم، حيث تتميز فى هذا الوقت من العام بمناخ معتدل ودافئ يجعلها وجهة مثالية للهروب من برد الشتاء القارس فى أوروبا وآسيا.
وقال الخبراء: إن مصر تمتلك مزيجا فريدا من الشواطئ الساحرة، والمعابد التاريخية، والواحات الهادئة، والأنشطة الترفيهية التى تناسب جميع الأذواق، ما يجعلها محطة مفضلة لعشاق الاستجمام والمغامرة والثقافة فى آن واحد.
وذكر محمد ثروت، رئيس لجنة السياحة العربية بغرفة شركات السياحة سابقا أن مصر بدأت بالفعل فى استقبال أفواج سياحية من مختلف دول العالم مع انطلاق الموسم السياحى الشتوى الذى بدأ فى أكتوبر الماضى والذى يستمر حتى نهاية مايو المقبل.
وأكد أن الواحات المصرية خاصة واحة سيوة والواحات البحرية والداخلة والخارجة، تشهد خلال هذه الفترة رواجا سياحيا كبيرا نظرا لما تتمتع به من طقس دافئ فى الشتاء يجعلها مقصدا مميزا لعشاق الطبيعة والهدوء والرحلات الاستكشافية.
وأوضح ثروت أن الموسم السياحى الشتوى يعد من أهم المواسم التى تعتمد عليها مصر فى جذب السياح نظرا لأن أغلب الأوروبيين يفضلون السفر إلى المناطق الدافئة خلال هذا التوقيت من العام هربا من الطقس البارد القارس فى بلادهم.
وأضاف أن مصر تملك كافة المقومات التى تجعلها من أفضل المقاصد السياحية الشتوية فى العالم بفضل شمسها الدافئة على مدار العام، وطقسها المعتدل وشواطئها الجميلة وآثارها العريقة التى لا مثيل لها فى أى دولة أخرى.
وأشار إلى أن الدولة المصرية عملت خلال السنوات الأخيرة على تطوير البنية التحتية السياحية بشكل كبير خاصة فيما يتعلق بإنشاء شبكة طرق حديثة تربط بين المحافظات والمدن السياحية مما ساعد فى سهولة الوصول إلى المقاصد المختلفة سواء فى البحر الأحمر أو جنوب سيناء أو واحات الصحراء الغربية، هذه التطورات ساهمت فى تحسين تجربة السائح وتوفير الراحة له خلال رحلته مما ينعكس إيجابا على صورة مصر فى الخارج ويشجع السياح على تكرار الزيارة.
وقال ثروت: إن مصر الآن تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها فى الوصول إلى 30 مليون سائح خلال السنوات القليلة القادمة وهو هدف طموح وقابل للتحقيق فى ظل الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة لتطوير القطاع السياحى سواء من خلال التوسع فى حملات الترويج بالخارج أو من خلال تحسين الخدمات داخل المقاصد السياحية.
وأضاف أن مصر تمتلك من المقومات ما يؤهلها لتكون ضمن قائمة الدول السياحية الكبرى عالميا، بل والتفوق على دول سبقتنا فى هذا المجال بفضل تنوع منتجاتنا السياحية.
وأشار إلى أن مصر لا تملك فقط الشواطئ ذات الرمال البيضاء الناعمة، بل تمتلك أيضا تاريخا عريقا وحضارة تمتد لآلاف السنين تجعلها وجهة فريدة لا مثيل لها، إذ يمكن للسائح أن يستمتع فى مصر برحلة شاطئية فى الغردقة أو مرسى علم، ثم ينتقل فى اليوم التالى إلى الأقصر أو أسوان ليشاهد أعظم ما خلفته الحضارة الفرعونية، كما يمكنه أن يعيش تجربة مميزة فى سيوة أو الفيوم أو الصحراء البيضاء، حيث السكون والجمال الطبيعى.
وأكد ثروت أن الشعب المصرى معروف بكرمه وحسن ضيافته وهو ما يجعل السائح يشعر وكأنه فى بلده، وهذا الجانب الإنسانى يعد من أهم عوامل جذب السياحة، لأنه يترك انطباعا إيجابيا دائما فى ذهن الزائر.
وأضاف أن الأمن والأمان اللذيى تتمتع بهما مصر فى الوقت الحالى عامل أساسى فى انتعاش الحركة السياحية، فالسائح عندما يشعر بالطمأنينة والأمان يكون أكثر رغبة فى العودة مرة أخرى.
واضاف ثروت أن أرض مصر مباركة، حباها الله بموقع فريد فى قلب العالم يجعل الوصول إليها سهلا من كل الاتجاهات، وبثروات طبيعية وأثرية لا تقدر بثمن ومع استمرار الدعم الحكومى وتعاون القطاع الخاص، فإن المستقبل السياحى لمصر مبشر جدا، مؤكدا أن الموسم الشتوى الحالى سيكون من أقوى المواسم السياحية خلال السنوات الأخيرة، وأن مصر بإذن الله قادرة على استعادة مكانتها الطبيعية كواحدة من أهم وأجمل الوجهات السياحية فى العالم.
من جهته، أكد د. أبو الحجاج العمارى، باحث دكتوراه فى الاقتصاد السياحى، أن الموسم السياحى الشتوى الحالى يعد من أنجح المواسم التى تشهدها مصر منذ سنوات، مؤكدا أنه سيكون بمثابة انطلاقة قوية جديدة للسياحة المصرية على المستويين العربى والعالمى، لما تحظى به مصر من مكانة متميزة وأحداث إيجابية متتالية خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح العمارى أن الشتاء فى مصر لا يمثل فقط فصلا مناخيا مميزا؛ بل هو موسم ازدهار سياحى حقيقى، حيث تتعدد فيه أنواع السياحة بين الثقافية والترفيهية والشاطئية والعلاجية، مشيرا إلى أن مصر تمتلك كافة المقومات التى تجعلها وجهة جذابة للسائحين من مختلف الجنسيات، نظرا لاعتدال جوها وتنوع أنشطتها السياحية خلال هذا الوقت من العام.
وأضاف أن مصر أصبحت مؤخرا مركزا للسلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، وهو ما زاد من ثقة العالم فى أمنها واستقرارها، خاصة بعد دورها البارز فى دعم القضية الفلسطينية ومساهمتها الإنسانية الكبيرة فى أزمة غزة، مما جعل أنظار القادة تتجه إلى مصر باعتبارها دولة محبة للسلام وقوة توازن فى المنطقة، مؤكدا أن هذا المناخ الإيجابى انعكس بقوة على حركة السياحة، إذ زادت معدلات الحجز والإشغال فى معظم المقاصد المصرية.
وأشار العمارى إلى أن حدث افتتاح المتحف المصرى الكبير من أهم نقاط التحول فى السياحة الثقافية المصرية، حيث من المتوقع أن يجذب أنظار العالم كله إلى القاهرة، موضحا أن المتحف لا يمثل مجرد مبنى يضم آثارا؛ بل هو منارة ثقافية عالمية تحكى قصة حضارة مصرية عظيمة أثرت فى الإنسانية على مدار آلاف السنين.
وأضاف أن المتحف الكبير سيمنح دفعة قوية لحركة السياحة الثقافية فى الأقصر وأسوان ومدن النيل، لأن الاهتمام العالمى بالحضارة المصرية القديمة سيجذب مزيدا من الزوار الباحثين عن التجارب التاريخية الفريدة، وهو ما سينعكس بشكل مباشر على معدلات الإشغال الفندقى والنشاط الاقتصادى بالمدن السياحية.
أما عن السياحة الشاطئية، فأكد الباحث فى الاقتصاد السياحى أن مدن البحر الأحمر تشهد هذا الشتاء إشغالات مرتفعة للغاية خاصة فى الغردقة ومرسى علم، موضحا أن درجات الحرارة المعتدلة التى لا تتجاوز 24 درجة فى الشتاء تجعلها وجهة مثالية للسائح الأوروبى الذى يبحث عن الدفء والشمس المشرقة فى وقت تعانى فيه بلاده من البرودة والثلوج، مشيرا إلى أن مطار الغردقة يشهد يوميا أكثر من 100 رحلة طيران دولية، بينما يستقبل مطار مرسى علم نحو 180 رحلة أسبوعيا، وهو ما يعكس حجم الإقبال الكبير على المقاصد المصرية.
ولفت إلى أن السياحة فى مصر تتميز بالتنوع، فكما يوجد موسم شتوى ناجح، هناك أيضا موسم صيفى مميز بفضل سواحل البحر الأبيض المتوسط ومشروعات الساحل الشمالى التى تشهد طفرة استثمارية كبيرة، خاصة فى مناطق رأس الحكمة، المراسى، وسوما باى، مؤكدا أن هذه المشروعات تمثل إضافة حقيقية للبنية السياحية فى مصر وتجذب شريحة جديدة من السائحين والمستثمرين على حد سواء.
وتوقع العمارى أن تتجاوز مصر خلال الموسم الحالى حاجز الـ 18 مليون سائح، بعد أن حققت العام الماضى نحو 15.7 مليون سائح، مشيرا إلى أن الأرقام الحالية تؤكد أننا قريبون جدا من هذا الرقم؛ بل وربما نتجاوزه بسهولة.
وأكد الباحث فى الاقتصاد السياحى أن السياحة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل مشرق، بفضل الأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما البلاد، إلى جانب اهتمام الدولة بتطوير البنية التحتية ودعم القطاع الخاص، قائلا: “مصر بلد الأمن والجمال، تمتلك ما لا تملكه أى دولة أخرى من تنوع طبيعى وثقافى ومع هذا الزخم من الأحداث الإيجابية، سنرى خلال الفترة القادمة موسما سياحيا تاريخيا يليق بمكانة مصر العالمية”.




