الإيكونوميست المصرية
مصر مؤهلة لتصبح مركزا إقليميا للطاقة المتجددة فى الشرق الأوسط وأوروبا

مصر مؤهلة لتصبح مركزا إقليميا للطاقة المتجددة فى الشرق الأوسط وأوروبا

فاطمة إبراهيم
تسعى مصر للتحول إلى مركز إقليمى للطاقة المتجددة، وفى ضوء استضافتها للدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ عام 2022، خلال الفترة من 7 – 18 نوفمبر 2022 والذى يُقام فى مدينة شرم الشيخ، تكون الفرصة مواتية لتسويق الفرص الاستثمارية فى هذا المجال.
ويبلغ إجمالى حجم الاستثمار الأجنبى الجديد فى مشروعات الطاقة المتجددة 4.4 مليارات دولار، موزعة بين مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتنعكس مشروعات الاستثمار الأجنبى الجديدة فى إضافة 3500 ميجاواط، طبقا للتقرير الصادر من وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة فى بداية عام 2022.
وبصفة عامة، يُقدر إجمالى ما تحتاج إليه مصر من استثمارات فى صناعة الطاقة المتجددة 56.65 مليار دولار حتى عام 2035، من أجل توفير قدرات بنحو 60 ألف ميجاواط.
وأكد الخبراء لـ”الإيكونوميست المصرية” أن مصر تمتلك إمكانات هائلة لتصبح مركزا إقليميا فى مجال الطاقة المتجددة فى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا، نظرا للمشروعات الضخمة التى تم إنجازها خلال الفترة الماضية ومن بينها مشروع بنبان بأسوان لتوليد الطاقة الكهربائية من الشمس، وكذلك مشروع جبل الزيت لتوليد الكهرباء من الرياح.
وتسعى مصر لتكون مركزا إقليميا للطاقة المتجددة، ضمن استراتيجيتها للتنمية المستدامة 2030، وبخاصة فى مجال الهيدروجين الأخضر، حيث أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أن مصر تسارع الخطى نحو تبنى المقترحات التى تهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وفى هذا الإطار وقعت خلال الفترة الماضية اتفاقيات ومذكرات تفاهم عدة مع شركات وتحالفات عالمية لبدء إنتاج الهيدروجين الأخضر فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وكشف وليد جمال الدين رئيس المنطقة الاقتصادية بقناة السويس عن إعلان المنطقة الاقتصادية مركزا للهيدروجين الأخضر خلال COP27.
وأشار جمال الدين إلى صناعات مكملة لصناعات الهيدروجين الأخضر، وأضاف: “نسعى إلى توطين الصناعات والتكنولوجيا مثل الألواح الشمسية وتوربينات الهواء، والصيانة والمعاهد الفنية، لزيادة العائد من هذا الاستثمار ومن هذه الصناعة”.
وقال أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء: “لدينا مستثمرون كثر لضخ استثمارات فى الطاقة الشمسية والرياح، وهذا يعطى إمكانية لمصر لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة”، موضحا أن مصر ستتحول لمركز إقليمى للطاقة المتجددة وهذا ما يؤكده الربط الكهربائى، فأوروبا واليونان بصفة خاصة مهتمون بهذا الربط الكهربائى .
وأوضح أنه سيتم توقيع العديد من الاتفاقيات على هامش مؤتمر المناخ ، وسيتم الإعلان عن الاستراتيجية المصرية سواء فى الطاقة المتجددة أو غيرها، مضيفا أنه بعد أن كنا نعانى من نقص الكهرباء والانقطاع المستمر أصبح لدينا احتياطى يصل إلى 25 %، ولدينا خطوط ربط كهربائى بيننا وبين بعض الدول مثل الأردن والسودان ويتم تطوير خط السودان لأنه يستوعب 80 ميجا رغم أن القدرة المقررة تصل إلى 300 ميجا.
فيما قال طارق متولى، نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا: إن مصر لديها إمكانيات ضخمة لتصبح مركزا إقليميا للطاقة المتجددة فى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، حيث يمكن توليد الطاقة الشمسية والرياح، وكذلك الوقود النظيف من الهيدروجين، وقد وقعت مصر العديد من مذكرات التفاهم فى هذا المجال.
ويشير أطلس الرياح إلى أن مصر تمتلك أكبر قدرات كهربائية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويمكن أن يصل إنتاجها لحوالى 90 جيجاوات من طاقتى الرياح والشمس، بجانب الطاقة النووية واستخداماتها السلمية.
وتعد مصر أول دولة فى العالم تستخدم الطاقة الشمسية، ففى عام 1914 بدأ تشغيل أول محطة طاقة شمسية حرارية فى حى المعادى بالقاهرة. كانت تتكون من 5 مجمعات طاقة شمسية، طول المجمع 62 مترا وعرضه 4 أمتار، وكانت تستخدم فى تشغيل طلمبة مياه، تعمل على رفع 27.3 مترمكعب من الماء فى الدقيقة.
والمحاولة الثانية لمصر فى مجال استخدام الطاقة الشمسية فى توليد الكهرباء، كانت فى عام 2011، حيث بدأ تشغيل محطة الكريمات للطاقة الشمسية الحرارية قدرة 20 ميجاوات، والتى تعمل بالمرايات المقعرة، وتشغل مساحة 644 ألف متر مربع، وبعدد مجمعات شمسية 1920 مجمعا، وتحتوى على 53760 مرايا. ومن خلال محطة بنبان للطاقة الشمسية، نستطيع أن نقول: إن مصر دخلت وبقوة فى مجال إنتاج الطاقة الكهربائية من الألواح الشمسية الكهروضوئية، قدرتها الحالية 1465 ميجاوات، ومع اكتمال المشروع تصبح قدرتها 2000 ميجاوات.
وأضاف نائب العضو المنتدب ببنك بلوم مصر سابقا أن مصر لديها وفرة فى الغاز الطبيعى، وهى الوحيدة مع الجزائر التى لديها محطات لتسييل الغاز فى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، وهذا يتيح لها أن تكون لاعبا رئيسيا فى توليد الطاقة المتجددة ، فضلا عن موقعها الجغرافى المتميز ، ووجود قناة السويس التى تربط العالم كله .
وتعد مصر مركزا إقليميا للطاقة بشكل عام، والغاز الطبيعى على وجه الخصوص، اعتمادا على البنية التحتية التى تمتلكها فى مجال الغاز الطبيعى، من خطوط الأنابيب ومصانع إسالة تمكنها من تسييل غاز شرق المتوسط، وإعادة تصديره مرة أخرى، إضافة إلى سعيها لـ”بناء ممر أخضر بين شرق المتوسط وأوروبا يركز على توفير الهيدروجين والكهرباء والطاقات المتجددة” .
ولفت متولى إلى أن أهمية أن تعمل مصر جيدا على هذه المزايا، وتحولها لفرص خاصة فى ظل استضافتها لمؤتمر المناخ نوفمبر الجارى، حيث إنه فرصة جيدة لتسويق الفرص الاستثمارية فى مجال الطاقة المتجددة، ويمكن التحدث مع المستثمرين بلغتهم .
من جهته قال طارق حلمى، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس: إن مصر لديها الفرصة لتصبح مركزا إقليميا للطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث إن مصر تركز على مشروعات توليد الطاقة من مصادرها المتجددة مثل الشمس والرياح والهيدروجين الأخضر.
ووفقا لما جاء فى تقرير حديث لمنظمة “غلوبال إنيرجى مونيتور” لرصد وضع الطاقة المتجددة فى المنطقة العربية، فإن مصر تنتج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمعدلات إنتاج 3.5 جيجاواط، تليها الإمارات بنحو 2.6 جيجا.
وحلت المغرب فى المركز الثالث بنحو 1.9 جيجا، ثم الأردن بنحو 1.7 جيجا، تليها السعودية بإنتاج 0.78 جيجا.
وتستهدف مصر الوصول بإنتاجها للكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى 6.8 جيجاواط بحلول عام 2024، مقسمة بين 1.6 جيجا من طاقة الرياح و1.9 جيجا من محطات الطاقة الشمسية.
ووضعت مصر استراتيجية للطاقة المتكاملة والمستدامة، تتضمن بندا لاستغلال الطاقـة النظيفة، ومستهدفة الوصول بها إلى 42 % من إجمالى القدرة الإجمالية للشبكة القومية للكهرباء، وذلك بحلول عام 2035، من بينها 22 % من الخلايا الشمسية، و14 % من طاقة الرياح، و4 % من المركزات الشمسية، و2 %من الطاقة المائية.
كما تستهدف “رؤية مصر 2030” بناء اقتصاد تنافسى ومتوازن فى إطار التنمية المستدامة، تلعب فيه الطاقة المتجددة دورا محوريا، وتسهم فى تحويل مصر لنقطة ارتكاز محورى على خريطة الطاقة العالمية، تصل بين إفريقيا وآسيا وأوروبا عبر تعزيز ترابط شبكات الكهرباء والطاقة فى دول المنطقة وخارجها.
وأضاف حلمى أن مصر لديها مشروعات ضخمة فى هذا المجال ومن بينها مشروع محطة بنبان لتوليد الطاقة الكهربية نظرا لكونها الأفضل من حيث سطوع الشمس طوال العام ، مشيرا إلى أن التوسع فى الطاقة الجديدة والمتجددة يقلل من استخدام الغاز والبترول ، ومن ثم سيتم توفير نحو 2 مليار دولار شهريا قيمة استيراد البنزين .
وتقع بنبان التابعة لمركز دروا على بعد 35 كم شمال غرب أسوان ، وتم اختيارها لإقامة مشروع محطة بنبان لتوليد الطاقة الكهربية، نظرا لكونها الأفضل من ناحية سطوع الشمس طوال العام، وجرى تخصيص 8 آلاف فدان بها لإنشاء محطات توليد طاقة شمسية.
وينقسم المشروع إلى 40 محطة تم إنجاز 32 منها بشكل نهائى وحاليا يجرى التوسع فى مشروع الطاقة الشمسية لينتج ما يقرب من 20% من الطاقة الكهربائية فى مصر بإجمالى 2000 ميجا فولت أمبير وهو المخطط توليده بالمحطة بما يعادل 90% من الطاقة الكهربائية التى يولدها السد العالي.
ولفت حلمى إلى أن مصر تتوسع فى استخدام الطاقة الكهربية فى وسائل النقل مثل الأتوبيسات والسيارات ، وهذا يقلل استخدام البترول ، ويقلل التلوث والانبعاث الحرارى والتغيرات المناخية التى تسببت فى الفيضانات فى باكستان وكذلك النحر فى الساحل الشمالى بمصر .
ونوه إلى أن أمريكا والصين هما السبب الرئيسى فى ظاهرة الانبعاث الحرارى ، بينما الدول النامية لا تزيد نسبة الانبعاث الحرارى عن 1% .
وبحسب محمد بدرة الخبير المصرفى، فإن مصر حققت تقدما فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث بلغت نسبة مساهمتها فى توليد الطاقة الكهربية إلى 20% بنهاية عام 2021 ، وتستهدف مصر الوصول بهذه النسبة إلى 42% فى عام 2035 ، مشيرا إلى أن مصر أصبحت مثالا يحتذى به الدول المجاروة ، واتخذت الدولة إجراءات هامة للاستفادة من الإمكانيات الهائلة، وفقا لعددٍ من الآليات لتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات القطاع وعلى رأسها مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.
وأضاف أن مصر تمتلك العديد من المشروعات لتوليد الكهرباء من مصادرها المتجددة ، مثل محطة جبل الزيت لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح، حيث يبلغ إجمالى قدرتها 220 ميجاوات، مشيرا إلى أن العالم كله يتحدث نفس اللغة ويركز على توليد الكهرباء من مصادرها المتجددة لمنع ظاهرة الاحتباس الحرارى والتغيرات المناخية .
وتقع محطة جبل الزيت لتوليد الكهرباء من الرياح فى منطقة خليج الزيت على طول ساحل البحر الأحمر، حوالى 350 كيلومترا جنوب شرق القاهرة.
وتم افتتاح محطة جبل الزيت فى شهر يوليو من عام 2018، لتضيف حوالى 1% من إجمالى القدرة الإنتاجية فى مصر، مما يؤدى إلى الحد من إنبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون بحوالى 49400 طن مقارنة بمحطات توليد الكهرباء من الوقود الحفرى ذى القدرة الإنتاجية المماثلة.
ويهدف المشروع إلى زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية والحد من استهلاك الوقود الحفرى، مما سيساهم فى تلبية حاجة الشعب المتزايدة للكهرباء والتخفيف من أعراض التغير المناخى من خلال الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وبالتالى سيدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على البيئة فى مصر.
ونوه بدرة إلى أن مصر يمكنها أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة المتجددة فى الشرق الأوسط ، لاسيما مع زيادة الاعتماد على الطاقة المتولدة من الرياح والشمس والهيدروجين الأخضر .

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *