الإيكونوميست المصرية
مناخ جاذب ————– بقلم: حورية كامل

مناخ جاذب ————– بقلم: حورية كامل


بقلم: حورية كامل
وسط أجواء الخليج الساخنة، وجدت ضالتى لتمرير الوقت وبدأت أتجاذب أطراف الحديث عن الحال والأحوال وتأثير خروج الكثير من الوافدين ورجوعهم إلى بلدانهم.
لم أندهش من تأثر التجار من ذهاب معظم المصريين، فقد كانوا يشكلون قوة شرائية هائلة وصلت إلى 50%.. “آه وربنا” .. كما قال لى أصحاب المحلات والمولات الكثيرة إن مبيعاتهم تأثرت نزولا 50%، آى نعم فنحن وبلا فخر شعب ذو عادات استهلاكية ولا شك فى هذا وخصوصا بمحلات الذهب الكبرى والصغرى على حد السواء.
ليتنى لا أسمع من يناقشنى ويدحض كلامى بعدما سمعت بأذنى تأثر التجار وكدت أن أسمع بكاءهم.
ثم بدأت من ملل سماع نفس الأنين ونفس الشكوى بنفس النسب المترنحة نزولا تأثرا بذهاب المصريين تحديدا ثم يليهم الهنود، ( الهنود يشترون الذهب الخام وليسوا مثل المصريين)، ولكى أهرب من كل هذه الطاقة السلبية فقواى العقلية والنفسية لاتحتمل كل هذه الشكوى وحالات الأنين التى تحيطنى، قررت أن ألجأ للأصدقاء والأصحاب والمعارف لكى أجد أحاديث لطيفة إيجابية تعيدنى للتوازن النفسى الذى أعتاد العيش به، لكنى وجدت جميع اللقاءات والأحاديث تدور حول العمل والاقتصاد المحلى وتداعيات التأثر بالاضطرابات السياسية، فهاهى مبيعات السيارات الليكزس وقد هبطت هبوطا شديدا فى المبيعات من 165 ألف سيارة إلى فقط 65 ألفا!! الجدير بالذكر أن الليكزس تحتل المرتبة الأولى للشراء بين السعوديين حتى قبل المرسيدس، فالسعوديون يهون هذه السيارة عن غيرها ويعتبرونها الأفخم وهذا لأنها تباع “كاش” وليس تقسيطا كما السيارات الأخرى ومنها المرسيدس ووكيلها الجفالى ووكيل ليكزس عبد اللطيف چميل، وكل هذا يشير إلى تأثر أهل الخليج أنفسهم فى ظل ارتفاع شامل فى الأسعار من سلع ومحروقات وكهرباء وغاز، وأيضا قرارت تمكين أهل الخليج بالعمل ببلادهم على الرغم من صعوبة هذا لكل الأعمال وخاصة الأعمال التى تعتمد على الحرفية والمهارة اليدوية والتى لم يعتدها أهل البلاد من قبل، كما أن أصحاب المولات والمحلات الغذائية تأثروا بذهاب العاملين المقيمين كثيرا لدرجة أن شوارع وسط البلد تجد أن محلات أكل كثيرة جدا تم إغلاقها بعد أن كان أى شخص يجد صعوبة فى صف سيارته لكى يبتاع بعض السندوتشات ويرحل ولكن الآن تجد شارعا كاملا من هذه المحلات ولم يتبق سوى محلات لاتتعدى أصابع اليد الواحدة وهذا فى وسط البلد المكتظ فما بال الأماكن الأخرى التى تبعد عن محيط وسط البلد؟ لم أتخيل أن محلات أكل تغلق، ففى مصر لا تغلق أبدا محلات أكل بل تزداد سلاسل منها “بسم الله ماشاء الله وخمس وخميسة على المصريين اللهم لا حسد”، فنحن بلد المائة مليون أصحاب البلد وليسوا مقيمين ويرحلون كما فى منطقة الخليج.
ثم بعض القرارات الصادمة لأصحاب المشاريع الكبيرة والمتوسطة تصيب رجال وسيدات الأعمال بصدمة بل صدمات متكررة ولا يفعلون كل صباح سوى التحليق والتجديف والتهديف مع كل قرار حكومى يفاجئون به صباحا، “زى عندينا بالمسطرة”.
غُرف التجارة بالخليج تحاول رأب الصدع من انهيار بعض المشاريع وأحيانا غلق البعض منها لعدم وجود أيدٍ عاملة مدربة وماهرة من أهل البلاد،” ياربى هو أنا مكتوب علىّ فى هذه الرحلة الميمونة أن أجد الشكوى ورؤية الجانب السلبى لقرارت الحكومات، المنحوس منحوس ولو علقوا على بابه فانوس وأنا عارفانى بسم الله ماشاء الله علىّ منحوسة والحمد لله”.
وجدت تلميحات وتصريحات مباشرة لتوجه الأفكار والعيون إلى مصر لنقل الأعمال والمشاريع بها والاستفادة من توفر الأيدى العاملة وأيضا السوق المصرية ذات المائة مليون نسمة، “بسم الله تبارك الله وخمسة فى عين العدو مرة تانية”، هذا غير أهل الخليج المترددين عليها بقوة وكثافة والمقيمين ولا يعلم عنهم أحد فهم بهدوء يأجرون ويشترون البيوت والشقق ولا يلجأون إلى استصدار إقامات لهم لدخولهم وخروجهم من البلد فى حدود الوقت المسموح به للتأشيرات التى يحصلون عليها حالما يصلون البلاد فتعطيهم حق الإقامة لستة أشهر متتالية، وأيضا اللاجئين من بلدان شقيقة مثل سوريا وليبيا والعراق وبعض أهل اليمن.
فهل مصر بأجهزتها الحكومية ومؤسساتها مستعدون لاستقبال هؤلاء أصحاب الأعمال والمشاريع الكبيرة والمتوسطة؟
هل الأيدى العاملة من المصريين مستعدة من الإحلال بدلا من الأيدى العاملة الأسيوية الماهرة؟
هل مصر على استعداد لتوفير المناخ الجاذب فعلا لرؤوس الأموال هذه؟ هل من حكومة تفكر وتأتى بقرارات جريئة خارج الصندوق الذى أهلكنا؟ هل سيلتزم المصريون بالجدية والالتزام بالعمل كما الأسيويين؟
هل تستطيع مصر تحدى الضرائب والنزول بها ولو قليلا ليكون مناخا جاذبا فعلا؟ “فأهل الخليج من المستثمرين لايعرفون غير لغة الأرقام ياحكومة”.
هذا هو التحدى الحقيقى وليس تحدى “الكيكى” الذى وصل العالم أجمع .
هل ستستوعب مصر نقل مشاريع كبرى ومتوسطة للخليجيين وتذليل كل المعوقات التى ممكن أن تعترضهم؟
هل سيجدون العقول الاقتصادية القوية المتمكنة التى تحتضنهم؟
إنهم قوة اقتصادية هائلة تبحث عن بديل، فهل من محتضن؟
لن ندفن رؤوسنا فى الرمال ونلوم فقط حكومتنا، فمصر على الرغم من بعض السلبيات وعلى الرغم من محاربتها للإرهاب فى جزء من بلادنا، فإنها تتمتع بالهدوء عن أى مكان آخر فى الشرق الأوسط كله وليس بالخليج فقط، فالأردن الذى هرب إليها بعض المصريين وافتتحوا شركات ومصانع بها مستفدين من قانون الاستثمار الذى أصدروه منذ فترة ليست كبيرة وسمحوا لمن يستثمر بالأردن بإعطائه جنسيات أردنية، بل افتتحوا قسما للمخابرات تحت مسمى تسهيل الأمور للمسثمرين فى هيئة الاستثمار الأردنى وأعطوا تسهيلات كبيرة فى المنطقة الحرة التى حصروها بالعقبة، ولكن بعد فرض الضرائب الكبيرة وارتفاع الأسعار عالميا ومحليا فقد بدأت شركات كثيرة فى الإغلاق والخروج من السوق الأردنية بعد أن أصبحت سوقا تلتهم أى إنجازات تحت وطأة ارتفاع الضرائب.
أما الإمارات، فحالها ليس أحسن من دول الخليج فشركات كبيرة أغلقت فى ظل ارتفاع الإيجارات والرسوم المرتفعة لأى معاملة وأخلت مواقعها بالإمارات بعد أن كانت مناخا جاذبا لحضور شركات كثيرة دولية وغير دولية واستبدلت وجودها ببلدان أسيوية بدلا من الإمارات الجميلة التى كانت حلما من أحلام فئة ليست قليلة للعمل والإقامة بها.
أتمنى وأحلم لمصر بمسئولين على مستوى التحدى واستيعاب رؤوس الأموال وجذب كل مهاجر سواء من بلادنا أو من مناطق شرق أوسطية يئن ويحاول أن يجد بديلا.
ويجعل كلامى خفيفا عليكم أهل بلدى مصر، وأخيرا تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.

Related Articles