المهندس عمر صبور نائب رئيس مكتب صبور للاستشارات الهندسية
يمتلك رؤية متطورة للعديد من القضايا المهمة سواء على المستوى المهنى الهندسى أو على مستوى المسئولية المجتمعية، تلك الرؤية قد تمكنه من أن يصبح فى فترة قليلة مقبلة واحدا من أهم المهندسين فى مصر وربما على مستوى المنطقة العربية كاملة، فالمهندس عمر صبور، رغم أن والده المهندس حسين صبور أفضل مهندس فى مصر على الإطلاق، لم يكن طريقه مفروشا بالورود ولكن بمجرد تخرجه فى الجامعة الأمريكية – قسم هندسة تشييد – قرر أن يخوض الطريق الصعب ويبدأه من أوله كمهندس تنفيذى فى المواقع، واكتسب خبرة كبيرة على أرض الواقع الميدانى، وتطور إلى أن أصبح يشغل حاليا منصب نائب رئيس مكتب صبور الاستشارى الهندسى، وعلى مدى خبرته الكبيرة فى القطاع العقارى صارت لديه رؤية ثاقبة وشاملة لعلاج المشاكل التى تواجه هذا القطاع المهم والذى من الممكن أن يصبح أهم مورد للعملة الصعبة فى مصر.. وإلى نص الحديث مع المهندس عمر صبور للتعرف منه على آرائه بشأن العديد من القضايا الحيوية:
كتب: أشرف الليثى
• نريد التعرف أولا على مزيد من المعلومات عن المهندس عمر صبور، من حيث البداية ونوعية الدراسة والتدرج فى الأعمال حتى وصولك لهذا المنصب؟
حصلت على بكالوريوس هندسة تشييد من الجامعة الأمريكية عام 1995، وبدايتى كانت مهندسا للإشراف على التنفيذ فى مكتب صبور، وكان أول مشروع أشرف على تنفيذه دار البنك الأهلى فى مدينة نصر، ثم الإشراف على تنفيذ مشروع مطابع الأهرام فى 6 أكتوبر، ثم انتقلت إلى شركة الأهلى للتنمية العقارية وكانت بداية نشاطى فيها تتركز على أبحاث السوق وهى عبارة عن التعرف على كافة الأمور الخاصة بالمشروع قبل الدخول فيه من حيث أسعار الخامات وباقى المواد وكان ذلك يتم ميدانيا وكنت أنزل مع مديرين آخرين للتعرف على كافة المعلومات الخاصة بالمشروع على أرض الواقع، ثم انتقلت إلى قطاع المشروعات وكنا وقتها نؤسس شركة “أورينتال ريزورتس” وهى شركة بين المهندس حسين صبور والبنك الأهلى و”النساجون الشرقيون” و”الأهلى للتنمية العقارية” وكانت تركز على الاستثمار السياحى فى منطقة نبق بشرم الشيخ وهذا المشروع عشت بداياته منذ تخصيص الأرض وتطهير الألغام التى كانت موجودة فى المنطقة ثم الرسومات ثم التنفيذ، وبعد انتهاء المشروع تم اختيارى العضو المنتدب لشركة “أورينتال ريزورتس” وذلك بعد قناعة المؤسسين بأن حجم العمل فى هذه الشركة يحتاج إلى فريق عمل مستقل بدلا من إدارتها من داخل شركة الأهلى كما كان الحال فى بدايتها، والآن تمتلك هذه الشركة فندقا فى شرم الشيخ وسوقا تجارية “لاسترادا” بالإضافة إلى مشروعات للإسكان السياحى واستمرت رئاستى لهذه الشركة حتى 18 أبريل 2018 حيث تفرغت لعملى فى مكتب صبور للاستشارات الهندسية وتم اختيار مسئول آخر لرئاستها.
وبمجرد عودتى إلى مكتب صبور الهندسى مرة أخرى منذ عام ونصف تقريبا شعرت بفخر شديد للغاية نظرا لما يضمه من كفاءات وهو عبارة عن مؤسسة كاملة بها خبرات مميزة ومبهرة للغاية وهو أساس عملنا كله، فمنذ أن بدأه المهندس حسين صبور عام 1957 وحتى الآن وهو فى تقدم مستمر ولديه إمكانيات عظيمة للغاية، وحقيقة كان المفروض ألا أغيب عنه كل هذه الفترة الطويلة وكان ضروريا أن أترك شركة أورينتال للتفرغ لمكتب صبور الهندسى.
• هل لديك أفكار جديدة تريد إضافتها إلى مكتب صبور خلال المرحلة المقبلة؟
من الناحية الفنية والهندسية لا توجد أية إضافات لأن المكتب بقيادة المهندس حسين صبور وفريق العمل قوى جدا يؤدى أداءً قويا للغاية ويتطور ليتواكب مع ظهور أى أفكار جديدة، وعلى سبيل المثال مشروعات الطاقة الشمسية، مكتب صبور يشرف على مشروعات كثيرة فى هذا المجال وبشكل حديث جدا وهذه ليست من المشروعات التقليدية.
وهناك مجال يحظى باهتمامى بصورة كبيرة وأحاول إضافته لمكتب صبور وهى النواحى المرتبطة بالموارد البشرية والتسويقية أو كل ما يتعلق بالأنشطة الداعمة للنشاط الهندسى وعلى مستوى مصر بصفة عامة الأنشطة الداعمة للنشاط الأساسى لأى مؤسسة لا تحظى باهتمام كبير رغم أهميتها الكبرى، وإذا كان مكتب صبور فى مكانة ممتازة الآن على مستوى مصر والدول العربية ولكن باهتمامنا بالأنشطة الداعمة تجعلنا فى مكانة أكثر امتيازا.
وتحدثت مع المهندس حسين فى هذا الشأن وفوجئت بأنه مرحب جدا بهذا فهو رجل متطور بشكل كبير ويتحمس جدا لكل فكرة جديدة وبدأنا بالفعل فى بعض هذه الأنشطة؛ وعلى سبيل المثال المكتب يشارك فى أنشطة تنموية كثيرة جدا بدون أتعاب وفى صمت وكان تفكيرى إذا ما قمنا بتوثيق تلك الأنشطة وتعريفها للجمهور حتى يتشجع غيرنا للقيام بمثلها، ثانيا إذا كان هذا العمل الجيد هو عمل خيرى فطريقه محدد ولا يجب الإعلان عنه أما إذا كان يأتى فى إطار المسئولية المجتمعية فجزء أساسى منها الإعلان والتوثيق حتى يعرف المجتمع كله حجم العمل الذى يقوم به المكتب فى هذا الإطار، وبالفعل بدأنا نوثق هذا العمل الضخم جدا الذى قام به المكتب طوال الفترة الماضية سواء فى مدينة قوص بمحافظة قنا وكذلك فى المناطق العشوائية على مستوى محافظات مصر المختلفة وخاصة هنا فى القاهرة بالإضافة إلى أعمال عديدة مع جمعيات خيرية كثيرة.
الشىء الآخر الذى أحب أن أركز فيه أيضا دور المهندس حسين الذى كون على مدى نشاطه لأكثر من 60 عاما قدرا كبيرا من الخبرة والعلم والمعرفة التى يجب أن تنقل إلى شباب المهندسين، ولذلك يقوم المكتب بالفعل فى نقل الخبرات لشباب المهندسين ولدينا الآن عدة بروتوكولات تعاون مع العديد من المؤسسات التعليمية والأكاديمية الهدف منها قيام طلبة الهندسة فى تلك الجامعات بالتدريب العملى فى المشروعات التى يقوم المكتب بتنفيذها وبدأنا أيضا إرسال مهندسين من مكتبنا إلى تلك الجامعات لتقديم عروض ومحاضرات عملية للطلبة ويشتركون فى لجان تحكيم لتقييم مشروعات الطلبة.
كل هذا يأتى ضمن سياسة مكتب صبور ولكن كل ذلك كان يتم بشكل غير منظم ولذلك سنقوم بتقديمه خلال الفترة المقبلة بشكل مؤسسى منظم.
ونعمل الآن بشكل جدى مع مؤسسة مصر الخير فى مجال التعليم الفنى لأن هذا المجال لا يحظى بالاهتمام الكافى من جانب الدولة ونعانى عجزا شديدا فى توفير الفنيين سواء فى مجال التشييد أو باقى المجالات الأخرى وقمنا بزيارة مؤسسة تعمل فى التعليم الفنى فى فرنسا وهى من المؤسسات العريقة ولديها نشاط مبهر فى فرنسا فى القطاع الفنى واتفقنا على بداية التعاون المشترك لنقل تلك الخبرات إلى مصر وسوف يشهد الربع الأخير من العام الحالى بداية هذا النشاط والتعاون فى مصر، حيث نقوم الآن بتأسيس أكاديمية للتعليم الفنى على أسس متقدمة للغاية وسيكون مقرها فى بداية طريق مصر الإسكندرية الصحراوى وسوف يحصل الخريج على شهادة معتمدة وموثقة من المؤسسة الفرنسية تمكنه من العمل فى مصر وأيضا فى أوروبا لأنها معتمدة هناك وهدفنا الأساسى تمكين الشباب من العمل الحر وامتلاكه لورشة ومساعدتهم فى إيجاد التمويل اللازم لذلك وكذلك توفير الدعم الفنى الإدارى لتأسيس ورشة أو شركة صغيرة، وسيقوم وفد من الأكاديمية الفرنسية بزيارة المقر فى مايو الجارى والتعرف على الخطوات العملية من جانبنا لبدء نشاط تلك الأكاديمية، حيث قمنا بالفعل بإعداد دراسة عن أهم المهن التى تحتاجها السوق المصرية وسوف نبدأ بثلاثة أو أربعة تخصصات وهى الكهرباء وفنى التكييف والسباكة وفنى البياض والنقاشة ونأمل أن تكون تلك الأنشطة نواة لأنشطة أكثر فى المستقبل ومن المنتظر أن يبدأ نشاط تلك الأكاديمية خلال العام الحالى.
• عودة أخرى إلى نشاط مكتب صبور للاستشارات الهندسية، ما مغزى اهتمامكم الآن بمشروعات البنية التحتية خاصة فى المدن الجديدة؟
المرحلة التى نعيشها فى مصر حاليا مرحلة تاريخية سيذكرها التاريخ كثيرا، فمن المعروف أن الرقعة التى نعيش عليها وهى 7% فقط من مساحة مصر الكلية لم تزد رغم الزيادة الكبيرة فى أعداد السكان السنوية ولكن ما يتم الآن فهو تمدد وانتشار كبير لاستغلال المساحات غير المستغلة والتنمية العمرانية التى تتم الآن غير مسبوقة، وكان من المفروض أن تتم منذ فترة طويلة وفى ظل هذا الحراك الضخم وكونها مرحلة تاريخية كان ضروريا تواجد مكتب صبور وسط تلك المرحلة.. ولدينا فى المكتب قسم قوى جدا متخصص فى المرافق وبذلك كان من السهل علينا الدخول والمشاركة فى المرافق الأساسية للعاصمة الإدارية الجديدة وحصلنا بالفعل على إسناد من الدولة بتصميم الأعمال الخاصة بتنفيذ مشروع ضخم للمرافق المتكاملة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتولى مهام الإشراف على التنفيذ، حيث تشمل أعمال المرافق تأسيس شبكات الصرف الصحى، والمياه، وخطوط الغاز والتليفونات، ورصف الطرق.
وهناك أيضا أعمال أسندت إلينا سواء من الدولة أو من مستثمرين بدأوا نشاطهم فى محور قناة السويس وفى مدينة العلمين الجديدة وكذلك استصلاح المليون ونصف المليون فدان.. كل هذا يأتى ضمن اهتمامنا بأن نكون متواجدين فى المشروعات القومية الضخمة لإيماننا الشديد بأهمية تلك المشروعات.
• فى رأيك، أى القطاعات والمجالات التى ستحظى بالاهتمام الأكبر خلال المرحلة القادمة فى قطاع التنمية العقارية؟
على الرغم من أن ما تحقق من مشروعات البنية التحتية خلال السنوات الأربع الماضية كان أسرع مما تحقق طوال 40 عاما فإننى أعتقد أن مشروعات البنية التحتية تحتاج لسنوات طويلة قادمة أيضا لأن البنية الأساسية لم تكن موجودة فى مصر سوى فى القاهرة والإسكندرية فقط ولكن باقى المحافظات لم يكن بها بنية تحتية محترمة وعلى سبيل المثال نسبة البنية التحتية التى تغطى المساحة المأهولة بالسكان فى مصر لا تتعدى 17% فقط وهناك قرى بالكامل تحتاج إلى بنية تحتية شاملة من صرف صحى ومياه شرب وكهرباء وطرق ومرافق وفيما يتعلق بالمناطق التى انتهت فيها البنية التحتية سيكون على الدولة تشجيع مشروعات البنية الفوقية.
وهناك نقطة مهمة جدا لابد الإشارة إليها، هى أن مشروعات الكهرباء التى تحققت خلال السنوات السابقة وفى ظل وجود الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء الذى بذل مجهودا كبيرا وكان نتيجة تلك المشروعات تلبية جزء كبير جدا من احتياجات مصر بل وأصبح الآن لدينا لأول مرة فائض فى الكهرباء ولكن لابد أن نعلم أن احتياجاتنا المستقبلية فى تزايد أيضا، حيث سيكون هناك مشروعات صناعية ضخمة خلال المرحلة المقبلة ولذلك من الضرورى عدم التوقف عن المشروعات المستقبلية فى هذا القطاع لأننا سنظل فى احتياج مستمر للكهرباء فما بالك بالنسبة للمشروعات التى مازلنا نعانى من نقص شديد بها ونحن فى احتياج شديد لمشروعات الصرف الصحى ومياه الشرب والطرق ومازالت المرافق أقل من احتياجاتنا.
• بصفة عامة .. كيف ترى مستقبل الاستثمار العقارى فى مصر؟
الاستثمار العقارى فى مصر لديه مزايا كثيرة والطلب على العقار ضخم للغاية وعلى كافة المستويات باستثناء المستوى A + تلك الشريحة التى تشبعت الآن ولا يوجد طلبات كبيرة على احتياجاتها فى حين أن الطلب على باقى الشرائح مازال ضخما جدا والطلب السنوى على العقار فى مصر يبلغ 500 ألف وحدة سنويا وما يتم بناؤه سنويا لا يتعدى نصف هذا الاحتياج ولذلك فالطلب عليه مستمر والاستثمار فى العقار سيظل ناجحا للغاية لفترات طويلة ولكن هناك بعض الأمور يجب أن يتم تعديلها على سبيل المثال أهم مشروعات يجب الاهتمام بها الإسكان المتوسط ولكن يحجم المطورون العقاريون عنها لارتفاع أسعار الأراضى وصعوبة تغطية التكاليف الخاصة بها وإذا وفرت الدولة أراضى بأسعار منخفضة لهذه المشروعات سيكون عليها إقبال كبير من جانب المطورين العقاريين وشركات التطوير العقارى لكثرة الطلب على تلك المشروعات خاصة أن تلك الشريحة لم يتم خدمتها بالشكل الكافى حتى الآن .. وهناك شريحة أخرى وهى الأكثر أهمية .. تلك الطبقات الأقل دخلا والتى تحتاج إلى الإسكان الاقتصادى ويجب أن تكون مشروعات الإسكان لتلك الطبقة يتم تنفيذها عن طريق الخدمة المجتمعية وبواسطة مشروعات غير هادفة للربح بالتعاون بين الدولة والشركات التى تؤدى دورها فى الخدمة المجتمعية لتوفير السكن المناسب لتلك الطبقات المهمة فى المجتمع.
هناك نقطة مهمة أخرى فى إطار المشاكل التى يجب البحث لها عن حل وهى الخاصة بمنظومة التمويل العقارى خاصة أن أسعار الفائدة المقدمة فى هذه المنظومة مرتفعة للغاية ولا يمكن أن ينجح التمويل العقارى فى مصر فى ظل هذه الفائدة المرتفعة ولذلك لا نجد أحدا يلجأ إلى التمويل العقارى لشراء وحدة سكنية من أى مستوى وعلى الاقتصاديين البحث عن حل مناسب لأسعار الفائدة.
• ما هى المناطق الأكثر جذبا للاستثمار العقارى خلال المرحلة المقبلة؟
المناطق التى ستكون جاذبة مدينة أكتوبر وامتداد القاهرة الجديدة فى مدينة المستقبل والعاصمة الإدارية والطلب عليهما الآن مرتفع للغاية وبالنسبة للمحافظات هناك احتياج ضخم جدا خاصة مدينتى المنصورة والمنيا إلا أن المشكلة الحقيقية التى تواجه الاستثمار العقارى فى تلك المحافظات أن الأراضى المتوافرة بها نادرة.
• ما الذى يعوق عملية التصدير العقارى المصرى رغم أن حجم السوق العقارية العالمية ضخمة للغاية ولا تمثل السوق المصرية بالنسبة لها أى قيمة حتى الآن؟
مصر لديها إمكانيات مرتفعة للغاية تمكنها من أن تصبح جزءا مهما فى السوق العقارية العالمية وأن يمثل العقار لديها موردا حيويا من موارد العملة الصعبة خاصة بعد تعويم الجنيه المصرى، حيث أصبح السعر مغريا للغاية لكل من لديه عملة أجنبية، ومنافسا قويا لأى عقار فى المنطقة، كما أن ارتفاع الأسعار المستمر فى العقارات سواء سكنى أو إدارى أو تجارى يعتبر عاملا مشجعا للاستثمار فى هذا القطاع، ولكن المعوقات هى فى الغالب إدارية وفى الإجراءات التشريعية مثل عدم وضوح القوانين الخاصة بتملك الأجانب للعقار فى مصر والقدرة على تسجيل العقار وثانيا أحقية الحصول على تأشيرة دخول مصر بحيث يصبح هناك تيسير على أى أجنبى يمتلك عقارا فى الحصول على تأشيرة طويلة الأجل مثلما يحدث فى جميع دول العالم.
فى النهاية، إذا كنا جادين فى هذا الموضوع لابد من تغيير المنظومة كاملة بحيث يصبح لدينا جميعا هدف أساسى وهو أن يصبح العقار المورد الأول للعملة الأجنبية فى مصر من خلال تسهيل إجراءات تملك الأجنبى للوحدات العقارية أيا كانت سكنية أو تجارية أو إدارية وعلاج المشاكل التى تواجه ذلك خاصة أنها ليست معقدة وبسهولة للغاية يتم تشجيع الأجنبى والعربى على تملك وحدة عقارية فى مصر.