الإيكونوميست المصرية
هؤلاء من “أهل الشر” أيضاً…… بقلم: ناصر عبد المجيد

هؤلاء من “أهل الشر” أيضاً…… بقلم: ناصر عبد المجيد


بقلم : ناصر عبد المجيد

“أهل الشر”.. مُصطلح ردده الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة، على مدى السنوات الماضية، وبخاصة خلال افتتاح المشروعات الجديدة، بطول البلاد وعرضها، قاصداً به أعضاء “جماعة الإخوان” الإرهابية وأنصارهم.

ونحن نعلم أن سياسة “السيسي” منذ وصوله إلى سدة الحكم في 8 يونيو 2014، تقوم على عدم وضع “حجر الأساس” لأي مشروع ، ولكن تقوم على افتتاح المشروع بعد تنفيذه كاملاً، والمئات من المشروعات الكبرى تم تنفيذها، وهناك المئات يجري العمل بها، جميعها تتم بنفس السياسة.

كل ذلك ، في تقديري، تحسباً من سعي من أسماهم الرئيس ب”أهل الشر” إلى العمل على عرقلة أو إلحاق الضرر بهذه المشروعات أو إطلاق حملات التشويه والمعارضة ضدها قبل افتتاحها رسمياً.

وتنفذ الجماعة الإرهابية حملات الكذب وتزييف الحقائق بشأن كل ما يتعلق بالدولة المصرية من خلال أذرعها وخلاياها النائمة المنتشرة كالإخطبوط في كافة أرجاء مصر، ومن خلال جيوشها الإلكترونية الموجودة بكثافة على جميع مواقع التواصل الاجتماعي ، والتي تعمل بشكل متواصل ودقيق ومنظم جداً على إدخال الشك ، بل واليأس، فى صدور المصريين بشأن كل شيء تنفذه الدولة.

كل ماسبق كان مقدمة، تبدو طويلة نسبياً، ولكنني في الحقيقة ، أود هنا أن أتحدث عن نوع آخر من “أهل الشر”، نحن جميعا نتعامل معهم بشكل إجباري ويومي ،وهؤلاء يقبعون داخل مؤسسات الدولة نفسها.
نعم .. هناك “أهل شر” داخل مؤسسات الدولة، هؤلاء قد يكونوا من الإخوان أوالمتعاطفين معهم ، وقد لا يمتّون بصلة ، من قريب أو بعيد ، للجماعة الإرهابية من الأساس.

وهؤلاء، من وجهة نظري، ليسوا أقل شراً وخطراً من ” الإخوان”، لأنهم ، سواء عن عمد أو بدون قصد، ينخرون في جسد الدولة المصرية ويضيّعون عليها أموالاً طائلة بحكم عملهم ووظائفهم.

سأكتفي هنا بضرب مثالين فقط، وعن تجربة شخصية ، من خلال تعاملي مع شركتي الكهرباء والمياه ، فبعد أن انتقلت إلى سكني الحالي منذ عام 2014 ، حرصت على تركيب عداد الكهرباء، كحال أي مواطن يرغب في أعطاء الدولة حقها في مقابل الخدمة التي يحصل عليها، ولكنني فوجئت بأن أحداً من الشركة لم يأت لأخذ قراءة العداد ، وبالتالي لم يأت أي محصل بفاتورة كهرباء.

ونظراً لإحساسي بالذنب من هذا الوضع، بادرت بالاتصال أكثر من مرة بالقائمين على الشركة وطلبت منهم إرسال موظف لأخذ قراءة العداد لأنني أريد أن أدفع حق الدولة، وأستحرم استخدام التيار الكهربائي دون دفع مقابل ، ولكن أحداً لم يستجب، ولا أكون مبالغاً، إذا قلت إنني بالفعل لجأت ل”واسطة” كي تناشد مسئولي الشركة لأخذ قراءة عداد الكهرباء وعمل تسوية معي عن الفترة السابقة.

والأكثر من ذلك أن هناك الكثيرين من السكان عانوا من نفس المشكلة، وآخرون عانوا من المماطلة في تركيب العدادات لفترات طويلة جداً، أما الفريق الثالث فقد كان يعاني من القراءات “الجزافية”، والتي كان الموظف يضعها وهو جالس على المقهى حسب اعتراف وزير الكهرباء شخصياً.

أما المعاناة الثانية، فقد كانت مع شركة المياه، نفس السيناريو تكرر تقريبا، ولكن بصورة أبشع، فعلى مدار سنوات لم يأت أي موظف لأخذ قراءعداد المياه، وبعد إلحاح وضغط على الشركة بدأت في إرسال فواتير بقراءات وهمية ومتوسطات استهلاك وليست مقابل استهلاك حقيقي، لأن أحدا لم يأت أيضاً لأخذ القراءة الحقيقة.
وأستمر ذلك على مدى سنوات طويلة ، حتى انتقل قطاع المياه والصرف الصحي من شركة المياه إلى جهاز 6 اكتوبر، والذي بدأ منذ شهور قليلة في إرسال موظفين لأخذ القراءة الحقيقية لعداد المياه.

وهنا كانت المفاجأة، فقد وصلت قراءة العدادات إلى نحو 2000 متر مكعب، بالنسبة لي على سبيل المثال منذ 2014 وحتى الآن، ودخلنا في مرحلة التسوية بين فواتير القراءات الوهمية والمتوسطات التي تم دفعها، والقراءة الحقيقية للعداد ، ولم تكن تلك مشكلتي وحدي ولكنها مشكلة جميع السكان بلا استثناء.

وختاماً، أليس كل ذلك إهداراً للمال العام؟! ، أليس تعذيباً للمواطن وعقاباً له عن جريمة لم يرتكبها ، بسبب تقاعس موظف عن أداء عمله؟!، ماذا يفعل المواطن وهو يجد نفسه مُطالبا ، فجأة ، بدفع الآلاف من الجنيهات في وقت الغالبية تعاني من ظروف اقتصادية صعبة؟!.

Related Articles